جراح تونسي من غزة: حجم الدمار يتجاوز كل التصورات والطواقم الصحية منهكة وتكافح لإنقاذ الأرواح
09:28 GMT 30.11.2024 (تم التحديث: 10:41 GMT 30.11.2024)
© Sputnik . Mariam.Gaderaالطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
© Sputnik . Mariam.Gadera
تابعنا عبر
حصري
تمكن الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني، من دخول غزة، ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى ومعاضدة مجهودات الطواقم الصحية في القطاع الذي يرزح تحت وطأة الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام.
ويعد الدكتور سفيان البناني البالغ من العمر 38 عاما، والمتحصل على شهادة التقنيات المتقدمة في جراحة المنظار من كلية الطب بباريس، والشهادة الجامعية بتونس في الجراحة العامة وجراحة الجهاز الهضمي. ويعتبر الطبيب التونسي الوحيد ضمن الوفد الطبي الذي تمكن من دخول قطاع غزة الأسبوع الماضي بالتنسيق مع جملة من المنظمات الاغاثية الدولية.
وكالة سبوتنيك تواصلت مع الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني وكان لها معه الحوار التالي:
في البداية لو تحدثنا كيف تم التنسيق للالتحاق بهذا الوفد الطبي وكيف تمكنتم من دخول قطاع غزة؟
في الحقيقة فكرة الالتحاق بقطاع غزة كانت تراودني منذ بداية الحرب العام الماضي، وقمت وقتها رفقة مجموعة من الأطباء التونسيين من مختلف الاختصاصات بتكوين فريق طبي تطوعي وأطلقنا عليه اسم "أطباء متطوعون من أجل غزة"، وأردنا تكوين قافلة صحية تونسية تضامنية لفائدة قطاع غزة، وقمنا وقتها بالاتصالات مع السلط التونسية بالتنسيق مع عمادة الأطباء التونسيين ولكن هذه البادرة لم تنجح ولم تلقى تفاعلا كبيرا من قبل السلطات الرسمية التونسية التي بررت ذلك بصعوبة الأوضاع في القطاع المحاصر واستحالة ارسال هذه الطواقم الطبية لا سيما مع اشتداد وتيرة الحرب آنذاك.
© Sputnik . Mariam.Gaderaالطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
© Sputnik . Mariam.Gadera
ولكن وحرصا مني على العمل الانساني وتقديم المساعدة لأهالي قطاع غزة، قمت بالتنسيق مع العديد من المنظمات الاغاثية الدولية على غرار منظمة الصحة العالمية ومنظمة "أطباء بلا حدود " وتمكنت من دخول القطاع يوم 22 من تشرين الثاني/نوفمبر 2024 رفقة وفد طبي يتكون من تقني وحيد في اختصاص العيون و9 أطباء من جنسيات عربية وأجنبية على غرار، الأردن والجزائر وفرنسا ومصر في اختصاصات مختلفة منها الجراحة العامة وطب الطوارئ وجراحة العيون إضافة الى اختصاص جراحة العظام والطب الباطني.
ماهي الصعوبات والعراقيل التي واجهها هذا الوفد الطبي قبل دخوله لقطاع غزة؟
هذا ليس الوفد الطبي الأول الذي يصل الى غزة، بل هناك عديد الوفود السابقة التي دخلت للقطاع ومن أهم الصعوبات التي واجهتنا كوفد طبي هو طول ساعات الانتظار والإجراءات الإدارية المعقدة لدخول القطاع، حيث كان الوفد في البداية يضم 22 طبيبا ليتم فيما بعد تقليص العدد الى 13 طبيبا، وقبل دخولنا قطاع غزة من المعبر الحدودي كرم أبو سالم، وقع تقليص العدد الى 9 أطباء فقط، فيما تم رفض دخول الأطباء الآخرين دون تحديد أسباب ذلك، فضلا عن التضييقيات المفروضة من الجيش الإسرائيلي، حيث قام بتفتيش أمتعتنا ومصادرة جميع الأدوية و المعدات الطبية التي كانت بحوزتنا، حتى أنه قام بحجز سماعات طبية كانت بأمتعة إحدى الطبيبات التي كانت ضمن الوفد، إضافة الى حجز خيوط طبية تستعمل في جراحة العيون والأوعية الدموية، كما لاحظنا تمييزا في التعامل من طرف جيش الجيش الاسرائيلي على مستوى الجنسيات.
© Sputnik . Mariam.Gaderaالطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
© Sputnik . Mariam.Gadera
كيف باشرتكم مهامكم في مستشفيات غزة وماهي الجهات التي قامت باستقبالكم وهل وقع توزيعكم على مستشفيات القطاع؟
عند وصولنا تم استقبالنا في البداية من طرف الهياكل الطبية التابعة لوزارة الصحة بغزة، فضلا عن المنظمات الاغاثية الدولية الموجودة جنوبي القطاع ووقع توزيعنا على عدد من مستشفيات جنوب القطاع على غرار "المستشفى الأوروبي" و"مجمع ناصر الطبي" و "المستشفى الميداني الكويتي"، أين لاقينا ترحيبا كبيرا من الطواقم الطبية وشبه الطبية العاملة بهذه المستشفيات.
كما لامسنا ترحيبا كبيرا من قبل الجمعيات الاغاثية جنوبي القطاع ومن النازحين الذين يعانون ظروفا إنسانية صعبة.
لو تحثنا عن وضعية مستشفيات القطاع وتصف لنا حقيقة الوضع الإنساني عن قرب؟
© Sputnik . Mariam.Gaderaالطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
© Sputnik . Mariam.Gadera
منذ الوهلة الأولى وعند دخولك لجنوب قطاع غزة تصطدم بهول المشهد والدمار الكبير الذي لحق البنى التحتية، في الحقيقة تكتشف وقتها أن ما تشاهده عبر شاشات التلفاز أو الهاتف لا يعبر عن حقيقة الوضع على أرض الواقع.
حجم الدمار تجاوز كل التصورات أحياء وتجمعات سكانية بأكملها سويت بالأرض الخراب طال جميع الأماكن دون استثناء،حتى المستشفيات استهدفتها الغارات ودمرت أجزاء منها والقصف لا يهدأ ليلا ونهارا.
ولقد أصريت رفقة بعض الأطباء الآخرين على الالتحاق بمستشفيات شمالي القطاع لأن الوضع أكثر دمارا وأسوء هناك، وتمكنا من دخول شمال القطاع بصعوبة نظرا للتضييق المحكم من الجيش الإسرائيلي واشتداد المعارك العسكرية هناك.
كيف تشتغل الطواقم الطبية هناك وسط هذه الظروف الصعبة وماذا عن مخزون الأدوية والمعدات الطبية بهذه المستشفيات؟
الطواقم الطبية وشبه الطبية منهكة بأتم معنى الكلمة وتكافح رغم كارثية الوضع من أجل إنقاذ الأرواح، وعاينت أوضاعا مأساوية بكل من مستشفى المعمداني ومجمع الشفاء الطبي.
حقيقة الطواقم الطبية في المستشفيات منهكة جدا، وأقسام الطوارئ تستقبل في كل لحظة المصابين والمرضى الذين يعانون حالات صعبة ومعقدة ولا سيما الأطفال والنساء والشباب، فضلا عن تعدد الاصابات التي تتطلب اجراء عمليات جراحية وسط نقص حاد في الطواقم الطبية و المستلزمات الطبية والأدوية خاصة الأدوية التي تستعمل في الإنعاش والتخدير ومستلزمات الجراحة، وما يزيد الوضع تعقيلا الانقطاع المتكرر للكهرباء التي تواجهه المستشفيات.
© Sputnik . Mariam.Gaderaالطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
© Sputnik . Mariam.Gadera
هذه الحرب المستمرة لأكثر من عام أدت الى استنزاف الطواقم الطبية على جميع الأصعدة جسديا ونفسيا وذهنيا، شاهدت الطواقم الطبية كيف تكافح وتشتغل ليلا نهارا من أجل إنقاذ المصابين وتعاني في نفس الوقت من ويلات النزوح والبحث عن قوت يومهم وتأمين حياة عائلاتهم.
هؤلاء الأطباء في قطاع غزة هم فعلا الأبطال الحقيقيين، ونحن نساعد الطواقم المحلية في الإصابات التي تصل إلى المستشفى بشكل يومي، والعمل داخل قاعات العمليات الجراحية لا يتوقف، حيث يصل عدد العمليات المجراة خلال هذه الأيام الى 30 عملية يوميا والأولوية تكون للمصابين جراء الغارات والقصف.
والجدير بالذكر أن وضعية المستشفيات في أقصى شمال القطاع أسوء بكثير، فالمستشفى الإندونيسي مثلا خرج نهائيا عن الخدمة، أما مستشفى كمال عدوان فهو محاصر حاليا بسبب المعارك العسكرية.
© Sputnik . Mariam.Gaderaالطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
الطبيب الجراح التونسي سفيان البناني يتمكن من دخول غزة ضمن وفد طبي تطوعي يضم جنسيات مختلفة، بهدف معالجة المرضى في القطاع
© Sputnik . Mariam.Gadera
ماهي الرسالة التي توجهها للعالم كطبيب عايشت الوضع الميداني في القطاع عن قرب؟
أنا فخور جدا بتمثيل بلدي تونس ضمن هذا الوفد الطبي، وأدعوا جميع أطباء العالم الى العمل على المشاركة في هذه القوافل الطبية والالتحاق بهذا القطاع المحاصر، وتقديم خدمة إنسانية لهؤلاء الناس الذين يعانون ويلات الحرب، والمساهمة في انقاذ الأرواح البشرية ورسالتي أيضا الى جميع أحرار العالم الى الضغط ودعم الجهود المبذولة لإيقاف هذه الحرب وإيقاف هذه المأساة الإنسانية المتواصلة منذ أكثر من عام.
أجرت الحوار: مريم جمال