ربما وقفت وسائل الإعلام السعودية في صف المحتجين، إلا أنه مع تدهور الأوضاع في إيران، التزم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ضبط النفس ضد الدولة التي طالما صرّح بعدائها في معركة إقليمية طويلة الأمد من أجل النفوذ، وفق تقرير لمجلة نيوز ويك الأمريكية.
وتقول المجلة إن هذا الأمر غريب، خصوصًا أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كان لديه ما يربحه من هذه الاضطرابات في إيران، ومع ذلك التزم الصمت.
ويقول أنطوني كوردسمان، خبير الأمن القومي المتخصص في شؤون الخليج الفارسي، بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "أعتقد أن السعوديين يجلسون وينتظرون ويراقبون، فإذا استمر اضطراب النظام فعلا، ربما نرى السعوديون يصلون إلى الإيرانيين الذين كانوا يهددون النظام".
وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قال إن بلاده تقف بحزم في وجه "نزعة إيران التوسعية" وإن الرياض تعرف أنها هدف للنظام الإيراني متوعدا بأن المعركة ستكون في إيران.
وأضاف في مقابلة مع الإعلامي داوود الشريان بثته القناة السعودية الأولى، "لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لتكون المعركة عندهم في إيران".
لكن توماس ليبمان، الباحث في معهد الشرق الأوسط، الذي يتابع ويكتب عن أحداث الخليج الفارسي منذ أكثر من أربعة عقود، يقول "إنهم لن يكملوا أسبوعا واحدا، بل إنهم لا يستطيعون حتى ضرب الحوثيين".
وأضاف: "لديهم حوالي ربع سكان إيران. كما أن محطات تحلية المياه ومرافق النفط، تتجمع على طول ساحل الخليج، كأهداف واضحة للغاية في مرمى أسطول القوارب الصاروخية التي شيدتها إيران، ولذا لن يقتربوا من إيران بحرا، ولا مكان على الأرض يمكن أن تنشب فيه مثل هذه الحرب، ومن ثم لا توجد فرصة على الإطلاق لمواجهة مباشرة بينهما".
من جهتها سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الضوء على الموقف السعودي تجاه الاحتجاجات إذ وصفت رد فعل المملكة بأنه كان هادئا بشكل لافت.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن المسئولين في المملكة العربية السعودية قد التزموا الصمت على عكس مواقف كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين أيدتا علنًا المظاهرات في إيران، رغم المنافسة الإقليمية المشتعلة بين الرياض وطهران.
كما أكد التقرير أن الصمت يعطي مؤشرًا مهمًا على أن القيادة السعودية ترى تهديدًا ربما أكبر من الأطماع الإيرانية في المنطقة، في الوقت نفسه لا ترغب القيادة السعودية في ارتداء عباءة المُحرض.
ويقول مايكل ستيفنس، باحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إن قادة المملكة يشعرون بالذعر من احتمال أن ينجرف المشهد الداخلي إلى شكل مشابه لما يحدث داخل إيران.
وعلى الرغم من خصومتهما الواضحة في العديد من الصراعات الإقليمية، لكن الصحيفة الأمريكية ذكرت أن السعودية وإيران تتقاسمان أرضية مشتركة فيما يتعلق بتعاملهما مع المعارضة المحلية.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن المملكة أدرجت مجموعة من التدابير التقشفية، بما في ذلك خفض الإعانات الحكومية السخية على البنزين والكهرباء بعد مواجهتها انخفاض أسعار النفط، الذي بات يمثل أكبر تحدٍ للاقتصاد السعودي، وأجبر الحكومة على التراجع عن بعض الخدمات.
ومن داخل السعودية، قال المراقبون للمشهد الإيراني إن الدعم السعودي العلني للاحتجاجات ستكون له نتائج عكسية. إذا كان هناك أي شيء، فإن من شأنه أن يعزز مزاعم إيران بأن الاضطرابات هي التي أثارتها المملكة العربية السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة، ما يعطي السلطات ذريعة للبطش بالمتظاهرين.
وكان المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري كشف تفاصيل عن "غرفة عمليات إثارة الاضطرابات الأخيرة في إيران".
وقال منتظري في ملتقى بمدينة قُم إن "المخطط الرئيس لهذا المشروع هو شخص أمريكي يدعى مايكل أندريا، المسؤول السابق لمكافحة المخدرات في جهاز الاستخبارات الأمريكي (CIA)، وغرفة عمليات مؤلفة من الأضلاع الثلاثة أمريكا والكيان الصهيوني وآل سعود لإثارة الإضطربات في إيران، وكان التخطيط على عاتق مايكل أندريا والكلفة المالية على عاتق آل سعود"، وفقا لما نشرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.
وأوضح أن "زمرة خلق ودعاة الملكية وبعض القوميين واليساريين كان لهم ممثلون في غرفة العمليات هذه، وبغية تنفيذ هذا المخطط كان هنالك مشروعان على أساس الحركات الاجتماعية، أحدهما التونسي والآخر الليبي، حيث يعتمد المشروع التونسي على التحرك من العاصمة نحو المدن فيما يعتمد الليبي التحرك من المدن نحو العاصمة وهو ما تم اعتماده من قبلهم لإيران".