ولفت الكاتب السوري إلى أنه خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، وقفت أربع دول إسلامية متجاورة تتعرض لحملة ضغط مصدرها أوروبا، هي الإمبراطورية المغولية في باكستان وشمال الهند، الدولة القاجارية ومركز قوتها هضبة فارس، السلطنة العثمانية ومحور ثقلها الهضبة الأناضولية، والدولة العلوية التي حكمت وادي النيل.
وأضاف: في النصف الثاني من القرن التاسع عشر توغل الغرب، بقيادة بريطانيا العظمى، كثيرا في هذا الجيوبولتيك. تمكن من إنهاء الإمبراطورية المغولية، طوع الدولة الفارسية، احتل مصر، على حين ظل أمر السلطنة العثمانية "الرجل المريض" محورا من محاور الدبلوماسية العالمية التي سميت "المسألة الشرقية"، تأخر الحسم بشأن هذا المريض كثيرا بسبب اختلاف الغرب على كيفية اقتسام تركته قبل إشهار وفاته. على حد وصف الكاتب.
ومع نهاية الحرب العالمية الأولى كانت السلطنة العثمانية قد صارت من الماضي، واقتسمت تركتها فرنسا وبريطانيا، على حين عززت لندن نفوذها في إيران، ومصر، وباكستان والهند.
وأضاف: ورثت الولايات المتحدة دور بريطانيا العالمي، وقررت التحكم بمراكز القوى الإسلامية هذه وتعديل مهامها ضمن خططها الإستراتيجية. كان من السهل القيام بذلك مع باكستان، تركيا وإيران. كانت الدولة الأولى خائفة من الهند والاثنتان الأخريان من الاتحاد السوفييتي. على حد قول الكاتب.
وبين أن واشنطن عملت خلال العقد الخامس من القرن الماضي، على تنظيم حائط الصد الباكستاني التركي الإيراني العربي في مواجهة التمدد الشيوعي. حالفها الحظ مع الدول الإسلامية لكن المحاولات فشلت مع الدول العربية.
وقال:
غياب الاتحاد السوفييتي كان بمنزلة النقمة على تلك الدول، لأنه أفقدها وظيفتها الحيوية في احتواء الشيوعية، وجاءت أحداث 11 أيلول/ سبتمبر لتجعلها أكثر ارتباكا. مارست واشنطن ضغوطا جادة وقوية على باكستان، بسبب تنظيم "القاعدة" في أفغانستان، وعلى إيران بذرائع شتى. حتى مصر في عهد حسني مبارك لم تنج من الضغط الأمريكي.
ولطالما استشبهت أنقرة بالنيات الأمريكية حيال الأكراد في المنطقة، جراء دعم واشنطن للأحزاب الكردية في بناء استقلال ذاتي بعيدا عن بغداد. على حد تعبير الكاتب السوري.
وخلص الكاتب السوري في مقاله إلى أنه اليوم، تعاني المراكز الجيوسياسية من ضغوط أمريكية شديدة تستهدف إعادة ترسيخ هيمنة واشنطن عليها، لتأكيد السيطرة الأمريكية على مناطق الحزام البري الأكثر إستراتيجية في العالم.
وبينما يبدو أن الدول الإسلامية الثلاث باكستان، وإيران، وتركيا، وكأنها تصطف معا لمواجهة الضغوط الأمريكية عليها، تبدو مصر التي تحاصرها تحديات إقليمية مختلفة، سواء في فلسطين، وليبيا، والسودان ونهر النيل "بعضها ليس ببعيد عن الأصابع الأمريكية"، غير قادرة على اتخاذ اتجاه محدد.
وختم بالقول: أكثر مما كان في القرن التاسع عشر، بات مصير العالم الإسلامي متعلقا بما يحصل لتلك المراكز، وبالسياسات التي تقرر اتباعها وقدرتها على إرساء تعاون جدي بينها، وأخيرا تطور تعاون مع القوى العالمية الأخرى "الصين وروسيا".