وأضاف الكاتب أن "اللافت كان أنّ المعارضة لسوتشي لم تكن أمريكية بقدر ما كانت تركية، رغم أن سوتشي يمنح تركيا دوراً في الرعاية لا تملكه في جنيف، ويحرم واشنطن دوراً تحظى به في جنيف ولا يعوّضها عنه في سوتشي، ومعلوم أنّ السبب يعود لكون سوتشي يلحظ ما يعوّض الأمريكيين أكثر وهو تمثيل الأكراد، بمثل ما يغيظ الأتراك بهذه الدعوة، وبالقدر ذاته كان ستيفان دي ميستورا يعارض سوتشي ويقاتل لاستبعاده ليس دفاعاً عن دوره الحصري فقط بل لفرض سقف سياسي للحوار يترك الباب مفتوحاً للعبث بمستقبل سورية، وذلك ترجمة لتوجيهات ومصالح سعودية حرص دي ميستورا على حمايتها، وكانت "جماعة الرياض" تفعل الشيء نفسه تفادياً لخسارة هامش المناورة الذي يمثله بقاء مستقبل الرئاسة السورية فوق الطاولة".
ورأى الباحث أن ما حدث في معارك إدلب جعل تركيا تنفتح على خيار سوتشي، مقترحة المقايضة تحت شعار إدلب مقابل سوتشي، لكن دون أن تلقى آذاناً صاغية، طالما عرضها يحمي معقل "النصرة" من جهة ويستبعد الأكراد من جهة أخرى، فجاءت الصفعة الأمريكية بالإعلان عن جيش حدودي بقيادة كردية ودعم أمريكي. ورغم الإعلان الروسي المسارع للتنديد بالهدف الأمريكي كان لافتاً أن يكون التوقيت متزامناً مع الجدل حول سوتشي ودور كلّ من الأكراد والأتراك، لتدور جملة من الفرضيات حول مستقبل مدينة عفرين وسيطرة الأكراد عليها وتهديد الأتراك بدخولها، تكاد تنتهي بإعلان منطقة خفض توتر جديدة في عفرين، أو خروج سلمي كردي منها ودخول تركي رمزي إليها، وتصير عفرين بدلاً من إدلب، بالنسبة لتركيا، وسوتشي بشراكة كردية بدلاً من عفرين، بالنسبة للأكراد.
وتابع الباحث "اللافت بالتزامن أن يعلن كلّ من دي ميستورا و"جماعة الرياض" مواقف توحي بتغييرات لمواقفهما من سوتشي، فدي ميستورا يوجه الدعوة لتشاور في فيينا لممثلي الحكومة والمعارضة ليناقش سوتشي يقول إن لا مشكلة مكان جنيف أو فيينا أو سوتشي، والمهم هي المحادثات والأمم المتحدة ستشارك على الأرجح وتشجّع على المشاركة. وفي المقابل تقول هيئة الرياض إنها تدرس المشاركة وإنها طلبت لقاء موفد روسي خاص للتباحث معه حول بعض التوضيحات قبل سوتشي".
وختم الكاتب "معادلة إدلب عفرين سوتشي تبدو سالكة، حتى لو أصرّ الجميع أن لا صلة بين أطراف هذا المثلث. ومن يسمع خطاب وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون عن سورية ليل أمس، يعرف أنّ حجم ما تعرفه الخارجية الأمريكية عن سياسات حكومتها في سورية يعيش في العموميات، ولا يتعدّى حدود ما تطلبه منها المخابرات العسكرية التي تتولى إدارة السياسة في البلدان التي يوجد فيها عسكريون أمريكيون".