يُشترط لكي تمر خطة الموازنة، أن يوافق المجلسان على كافة بنودها، ولكن إذا دخلا في نزاع واختلفا على بعض البنود، وتعطّل إقرار الخطة، يتم الإعلان عن أن هناك إغلاقا حكوميا سيقع في توقيت محدد.
هذا ما يحدث بالفعل حاليًا في الولايات المتحدة، فقد دخل الإغلاق الجزئي للإدارات الفيدرالية الأمريكية حيز التنفيذ اليوم السبت (20 كانون الثاني/يناير 2018) بعد فشل محاولة التوصل إلى تسوية حول الميزانية على الرغم من المفاوضات المكثفة بين الجمهوريين والديموقراطيين وتدخل الرئيس دونالد ترامب.
بوضوح أكثر، الإغلاق يعني وقف جميع الخدمات الحكومية التي يتم تمويلها من جانب الكونغرس، وحين يعجز الطرفان عن حل النزاع يتم وقف العمل بمؤسسات الدولة غير الحيوية وتسريح موظفي الحكومة بصفة مؤقتة، فيما تواصل المؤسسات الحيوية على الجانب الآخر أعمالها مثل الشرطة والدفاع المدني والوكالات الاستخباراتية والهيئات العسكرية، إلا في حال طالت فترة الإغلاق، فحينها تتوقف كافة مؤسسات الدولة عن العمل الرسمي.
ويبقى الإغلاق مفعلا إلى أن يتم تسوية النزاع على خطة الموازنة، وطبعًا يتأثر سير العمل داخل مؤسسات الدولة، كما يتأثر الاقتصاد سلبًا بذلك، وتكون الدولة غير ملزمة بدفع رواتب عن مدة الإغلاق.
وأما عن الإغلاق الحالي في أمريكا، فقد وقع لأنه لم يصوت العدد الكافي من المشرعين في مجلس الشيوخ، على مقترح قدمه الجمهوريون لتمديد التمويل لمدة أربعة أسابيع، ولكن أعضاء المجلس لا يزالون يواصلون محادثاتهم في مسعى للاتفاق مع الديمقراطيين على صيغة تضمن تمديد تمويل الحكومة الفيدرالية.
ويتبادل الديموقراطيون والجمهوريون الاتهامات بتحمل مسؤولية هذا الإغلاق. فقد اتهم البيت الأبيض السبت الديموقراطيين بجعل الأمريكيين "رهائن لمطالبهم غير المسؤولة" لهم بعد فشل المفاوضات في الكونغرس حول تسوية ميزانية ما أدى إلى إغلاق جزئي للإدارات للمرة الأولى منذ 2013.
وقالت ساره ساندرز المتحدثة باسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "هذا المساء، وضعوا (الديموقراطيون في مجلس الشيوخ) السياسة فوق أمننا الوطني". وأضافت "لن نتفاوض حول وضع المهاجرين غير الشرعيين بينما يجعل الديموقراطيون مواطنينا رهائن مطالبهم غير المسؤولة".
وسيدفع فشل المفاوضات بشأن الموازنة قرابة مليون موظف فيدرالي (غير أساسي) إلى البقاء في بيوتهم لمدة غير محددة من دون رواتب.
وأكد مدير الميزانية بالبيت الأبيض ميك مولفاني استمرار النقاشات في الكونغرس بشأن الميزانية وتوقع التوصل إلى اتفاق بحلول الاثنين.
وقال الرئيس دونالد ترامب مساء الجمعة إن المفاوضات الجارية لتجنب إغلاق الحكومة "تحرز تقدما". وكتب في تغريدة أن الاجتماع الذي عقده في البيت الأبيض مع زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر كان "ممتازا". وأكد تأييده تمديد تمويل الحكومة لأربعة أسابيع.
شومر قال من جانبه، في أعقاب الاجتماع إن هناك تقدما في المحادثات، لكنه أشار إلى وجود خلافات.
وتوقع مايك مولفاني مدير مكتب الإدارة والموازنة في إدارة ترامب، التوصل إلى اتفاق بحلول يوم الاثنين المقبل، عندما تفتح المكاتب الحكومية مكاتبها من جديد بعد عطلة نهاية الأسبوع.
بحلول منتصف ليل الجمعة ستتوقف المؤسسات الفدرالية الأميركية عن العمل في حال فشل مجلس الشيوخ بإقرار موازنة 2018، أو على الأقل تمرير قانون الإنفاق الذي وافق عليه مجلس النواب الخميس ويسمح بتمويل الحكومة لغاية 16 شباط/فبراير المقبل.
وسيضطر جزء من الدوائر الحكومية إلى فرض إجازة على موظفيه غير الأساسيين لتعذر دفع الرواتب.
وستصاب قطاعات عامة كبيرة بالشلل في الولايات المتحدة وسيتوقف تمويل خدمات بأكملها من بينها النقل والمواصلات والخدمات العامة والحدائق والمنتزهات والمتاحف، فيما ستتعرض قطاعات حيوية أخرى إلى شلل جزئي.
وستضطر الحكومة الأميركية إلى تخفيض عدد موظفيها بشكل فوري إلى الحد الأدنى، باستثناء القوات المسلحة ووكالات الأمن القومي وأجهزة الشرطة والأمن الداخلي.
وفي عام 2013 حدث إغلاق عام أثر على نحو 850 ألف موظف، اضطروا للجلوس في منازلهم في عطلة إجبارية من دون تقاضي مرتب حتى إقرار الموازنة.
ويعتقد أن الرقم الذي سيتأثر إذا حدث إغلاق في هذا العام سيكون أكبر قليلا.
وقد تضطر بعض مكاتب الكونغرس للإغلاق وستبدأ المحاكم الاتحادية في إيقاف أعمالها مؤقتا إذا استمر الإغلاق لفترة أطول من 10 أيام.
ودعا الرئيس دونالد ترامب أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الديموقراطي إلى تمرير قانون تمويل الحكومة الذي أقره مجلس النواب الخميس لتجنب حصول إغلاق جزئي للمؤسسات الحكومية.
وهاجم ترامب الديموقراطيين قائلا إنهم "يرغبون ببقاء الحدود ضعيفة واستمرار الهجرة غير الشرعية"، متسائلا: "هل الإغلاق قادم؟".
وعلى الرغم من أن الجمهوريين يمتلكون أغلبية من 51 عضوا داخل مجلس الشيوخ إلا أن هناك حاجة إلى 60 صوتا لإقرار مشروع القانون الذي يعترض عليه الديموقراطيون.
وكان الرئيس ترامب حذر في وقت سابق من أن عدم إقرار الموازنة ستكون له نتائج كارثية على الجيش الأميركي، واتهم الديموقراطيين بعدم الاكتراث لذلك.
وجدير بالذكر ان هذا الإغلاق وقع في عهد عدد من الرؤساء الأمريكيين، وكان آخر إغلاق في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، حين أغلقت الحكومة تحت ولايته في الفترة من 1 إلى 16 أكتوبر لعام 2013 إثر احتدام نزاع حول برنامج مشروع الرعاية الصحية المعروف باسم "أوباما كير".