وذكر مسؤولون أن كل الرجال ومن بينهم الملياردير الأمير الوليد ابن طلال وافقوا على تسويات مالية بعد أن أقروا بارتكاب "مخالفات" لم يتم تحديدها.
لكن المزاعم ضد هؤلاء الرجال والتسويات التي توصلوا إليها ظلت سرية مما أثار تساؤلات في أوساط الاستثمار الدولي بشأن العقوبات التي تطبق ضد الفساد واسع النطاق في السعودية وما إذا كان المحتجزون مذنبين بالفعل.
ويثير هذا الغموض قلق المستثمرين الذين يراقبون عن كثب كل خطوات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ أن وعد بإصلاح السعودية ليفاجئ المواطنين الذين كانوا يعتبرون كبار رجال الأعمال وأفراد الأسرة الحاكمة شخصيات لا يمكن المساس بها.
وبعيدا عن الحملة ضد الفساد تهدف هذه التغييرات من بين أشياء أخرى إلى تقليص الاعتماد على النفط وإقامة مشاريع كبرى لتوفير فرص عمل وتحقيق قدر أكبر من الشفافية والحريات الاجتماعية.
وقال دبلوماسيون إن قرار إطلاق سراح بعض من أكثر الشخصيات نفوذا في المملكة يأتي قبل جولة يعتزم الأمير محمد ابن سلمان القيام في الولايات المتحدة وعواصم أوروبية في فبراير ومارس.
وقد يواجه ولي العهد أسئلة محرجة بشأن كيفية تنفيذ عملية التطهير، وقد تكون لعمليات الإفراج ونوعية الصفقات التي جرى التوصل إليها تداعيات كبيرة على صورة السعودية في أوساط الاستثمار الدولية.
وقال مسؤول تنفيذي كبير في مجموعة (إم.بي.سي) لرويترز إنه جرت تبرئة ساحة آل إبراهيم من ارتكاب أي مخالفات ولم توجه له تهم بالفساد أو أي تهمة أخرى على لإطلاق.
ولم يرد مسؤولون سعوديون على طلبات للحصول على معلومات بشأن قضايا آل إبراهيم وعشرات المسؤولين ورجال الأعمال الذين جرى توقيفهم ضمن الحملة.
وواصل الأمير الوليد مالك شركة المملكة القابضة العالمية الإصرار على براءته في مقابلة مع رويترز قبل ساعات من الإفراج عنه رغم أن مسؤولا قال إنه وافق على تسوية مالية غير محددة.
وارتفعت الأسهم في المملكة اليوم الاثنين إلى مستوى تداولها عندما احتجز الأمير الوليد في تصويت بالثقة من السوق بشأن مستقبله. وفي الأيام التي تلت احتجازه انخفضت الأسهم أكثر من عشرين بالمئة لتلتهم زهاء 2.2 مليار دولار من ثروته.
ولم تكشف السلطات عن عدد الأشخاص الذين لا يزالون محتجزين لكن فندق ريتز كارلتون في الرياض حيث يحتجز العديد من الموقوفين سيعاد فتحه أمام الجمهور قبل منتصف فبراير/شباط.
وفي الأسبوع الماضي قبل عمليات الإفراج الأخيرة قال النائب العام إن معظم المحتجزين وافقوا على تسويات وجرى إطلاق سراح 90 منهم بعد إسقاط التهم عنهم بينما لا يزال 95 رهن الاحتجاز، وقد تحال بعض القضايا إلى المحكمة.
وقال جيسون توفي وهو خبير اقتصادي في شؤون الشرق الأوسط بشركة كابيتال إيكونوميكس في لندن، إن عملية التطهير زادت من الإحساس بالغموض بين المستثمرين الأجانب المحتملين في السعودية لأنها لم تكن واضحة بشأن الطريقة التي سيعاملون بها إذا تورطوا في مزاعم بالفساد.
وأضاف "إطلاق سراح الأمير الوليد بن طلال وعدد من الشخصيات البارزة الأخرى قد يهدئ بعض المخاوف لكن ليس لدينا أي تفاصيل حتى الآن عن نوع الاتفاق الذي توصلوا إليه مع السلطات. يزيد هذا من الغموض المحيط بالعملية برمتها".
وأضاف أن أحد المخاوف المحتملة بالنسبة للمستثمرين هو أن التطهير قد يؤدي يوما ما إلى رد فعل عنيف ضد الأمير محمد الذي دشن حملة التطهير ويقود إصلاحات طموحة.
وقال توفي "المستثمرون على الأرجح بحاجة إلى بعض الاطمئنان بشأن الإجراءات المحددة في التعامل مع مزاعم الفساد. لكنني أعتقد أن الغموض السياسي سيظل خطرا أساسيا يحيط باقتصاد المملكة لسنوات مقبلة".
وأشار الأمير محمد في بادئ الأمر إلى أنه يريد إنهاء عملية التطهير بسرعة، كما قال المصرفيون الأجانب الذين يتعاملون مع المملكة العربية السعودية إن ما شجعه على ذلك ربما كان القلق من أن عملية التطهير يمكن أن تبدأ في التأثير على الاستثمار الأجنبي في البلاد.
وتحدث المحللون عن أن بناء قضايا قانونية محكمة ضد المحتجزين ربما يكون أكثر صعوبة مما كان متوقعا، مما يشير إلى أن الحكومة قد تجد صعوبة في الوصول إلى هدف استرداد 100 مليار دولار من الأموال غير المشروعة.
وقال مسؤولون سعوديون إن حصة آل إبراهيم البالغة 40 بالمئة في شركة (إم بي سي) ستبقى دون تغيير، بينما سيبقى الأمير الوليد مسيطرا على شركة المملكة القابضة.
لكن مجموعة بن لادن العملاقة في قطاع البناء قالت في وقت سابق من هذا الشهر، إن مساهمي الأسرة قد ينقلون جزءا من ممتلكاتهم إلى الدولة في إطار تسوية مع السلطات.