ومن المقرر أن تجرى انتخابات التجديد النصفي للكونغرس بعد تسعة أشهر وستحدد أفعال ترامب ما إذا الجمهوريون سيحافظون على أغلبيتهم في مجلسي الشيوخ والنواب أم سيخسرون أحدهما أو كلاهما للحزب الديمقراطي وهي نتيجة ستعطل بالتأكيد سياسات ترامب، حسب "رويترز".
وتضيف "ترامب مقبل في الأجل القريب على توقيتات محددة يتعين أن يتوصل قبلها لاتفاق بشأن حماية المهاجرين الذين قدموا إلى البلاد وهم أطفال والمعروفين باسم "الحالمين" وتفادي توقف أنشطة الحكومة ثانية ويأمل أيضا إقرار مشروع قانون بشأن البنية التحتية عبر كونغرس منقسم".
واتخذ ترامب في خطابه موقفا مشددا تجاه الهجرة مصرا على بناء جدار حدودي وعلى أن يقدم الديمقراطيون تنازلات أخرى رغم أنه حث أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على التوصل لحلول وسط.
وبحسب "رويترز" قال الخبير الاستراتيجي الجمهوري مايكل ستيل عن خطاب ترامب "من الناحية الجوهرية لم يغير ترامب السياسة ولكن النبرة الأكثر شمولا وتفاؤلا تمثل تغييرا نرحب به… لنرى ما إذا كان بإمكانه الالتزام بكلامه".
ومنذ بدء فترة رئاسته كان ثبات تركيز ترامب ونبرته قضية مهمة. فقبل عام ألقى كلمة لاقت ترحيبا أمام الكونغرس إلا أنه اتخذ موقفا مغايرا بعد ذلك عندما زعم أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أمر بالتنصت على هواتفه خلال حملته الرئاسية عام 2016.
ومع سعيه لتحقيق مكاسب فيما يتعلق بالقضايا السياسية، سيكون تعامل ترامب مع التحقيق الذي يجريه محقق خاص بشأن ما تردد عن تدخل روسي في انتخابات الرئاسة عام 2016 محل تدقيق.
وكانت تقارير إعلامية عن تفكير ترامب في إقالة المحقق الخاص روبرت مولر، الذي يجري التحقيق بشأن التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة، قد سلطت الضوء مجددا على تحقيق يحوم حول ترامب منذ أن بدأ رئاسته.
وأي إجراء ضد مولر أو رود روزنستاين، المسؤول الكبير بوزارة العدل الذي يشرف على التحقيق، سيثير على الأرجح عاصفة سياسية.
وتقول "رويترز" إن "كل يوم يجازف ترامب بتقويض أي بوادر حسن نية يسعى لبنائها بتغريدة مسيئة أو انفعال".
ويأتي خطاب ترامب أمس بعد أسبوع من اتهام الديمقراطيين بالمسؤولية عن توقف أنشطة الحكومة لفترة قصيرة. والآن يطلب منهم "توحيد الصف" لحل مشاكل البلاد.
وتضيف الوكالة أن "خطاب ترامب كان مليئا بدعوات إلى تجاوز الاعتبارات الحزبية من أجل تحقيق الواجبات وهو مطلب كثيرا ما يحث عليه الرؤساء في خطاب حالة الاتحاد لكن نادرا ما يتم تنفيذه بحق".
وقال ترامب "في الحقيقة هذه هي اللحظة الأمريكية الجديدة" مضيفا "كلنا معا كفريق واحد وشعب واحد وأسرة أمريكية واحدة يمكن أن نفعل أي شيء".
وأمام ترامب والكونغرس مهلة حتى أوائل فبراير شباط لتفادي توقف آخر لأنشطة الحكومة بسبب نفس القضايا التي أدت إلى توقفها في وقت سابق الشهر الجاري وهي قضايا تتعلق بالميزانية الاتحادية واتفاق بشأن برنامح لحماية مئات الآلاف من الحالمين.
وخصص ترامب الجزء الأكبر من خطابه للهجرة قائلا إنه "يمد يدا مفتوحة" للعمل مع الحزبين تجاه التوصل لاتفاق شامل إلا أنه أصر على أن يتضمن زيادة الإجراءات لحماية الحدود وعلى تعديلات لتقييد برامج الهجرة المشروعة.
ودعا الكونغرس أيضا إلى إقرار مشروع قانون بشأن البنية التحتية حجمه 1.5 تريليون دولار وهو ما يحتاج أصوات الديمقراطيين حتى تتاح له فرصة النجاح.
ومع اقتراب انتخابات التجديد النصفي ما زالت شعبية ترامب وفقا لنتائج استطلاعات الرأي 40 بالمئة وهو مستوى منخفض بشدة لشعبية رئيس للولايات المتحدة خلال هذه الفترة المبكرة من فترة ولايته. وفي واقع الأمر كان ترامب يخاطب في كلمته أمس جمهورين: قاعدة مؤيديه وبقية البلاد التي لم تتقبله بعد، بحسب "رويترز". ومن ثم تحتم عليه الحديث بصرامة عن قضايا مثل الهجرة والتجارة والسياسة الخارجية والنشيد الوطني لطمأنة قاعدته على أنه نفس المتشدد الذي انتخبوه مع الإشارة للناخبين الآخرين أيضا إلى أنه يساند مساعدة "الحالمين" وإعادة بناء البنية التحتية ومحاربة وباء المواد الأفيونية وإصلاح نظام السجون.
وسيحتاج الجمهوريون على الأرجح للناخبين من الجانبين للاحتفاظ بالأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ.
وقال ألكس كونانت المستشار البارز السابق للسناتور الجمهوري ماركو روبيو "إذا تمكن من إلقاء مثل هذا الخطاب يوميا حتى نهاية العام فلن تكون هناك مشكلة في انتخابات التجديد النصفي".
لكن جون جير خبير الرأي العام بجامعة فاندربيلت قال إن تاريخ ترامب يشير إلى أنه غير قادر أو لن يفعل ذلك.
وقال "التوقعات تشير إلى أنه أبلى بلاء حسنا ولكن تغريداته تحظى بتغطية مثل خطبه ومن ثم فمن المرجح أن يقوض أي مكاسب ربما يكون حققها خلال 48 ساعة".
وقد تضعف تغريدات ترامب المستمرة سريعا أي أهمية اكتسبها خطابه عن حالة الاتحاد.
ووتختتم "رويترز" قالها التحليلي بالقول إنه "على عكس رؤساء سابقين استخدموا وسائل مخاطبة الجماهير بحساب وبينهم أوباما والجمهوري جورج بوش الابن يسمع الأمريكيون الآن يوميا من ترامب وكثيرا ما يسمعون منه طول اليوم. وهذا يزيد الضغط على أفعال الرئيس وليس على أقواله".