تقرير- سبوتنيك. المدينة التي كانت مركزا للفن والموسيقى في الدولة الأموية والعباسية، ومحطة مهمة للتجارة بين العراق وسوريا وتركيا على مدى قرون مضت، تعزف الآن لحن الخراب، وأصبح الدمار هو العنوان الأكثر تعبيرا عن حال للمدينة.
فالعمليات العسكرية للجيش العراقي على المدينة، نجحت بالفعل في طرد عناصر التنظيم الإرهابي من المدينة إلا أنها في الوقت ذاته حولت المدينة إلى مجموعة من المباني المهدمة، وكانت الصورة التي تناقلتها وسائل الإعلام في يوليو/ تموز الماضي، مع إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر البغدادي تحرير المدينة، خير دليل على ذلك.
فإلى متى ستظل الموصل على تلك الحالة خاوية ويعيش الآلاف من سكانها في المخيمات بلا طعام أو شراب؟ هل هناك تقاعس حكومي ودولي، أم أن السياسة هي من تحدد متى تعود الحياة للمدينة؟
الفريق عبد الوهاب الساعدي، قائد الفرقة التاسعة لمحاربة الإرهاب إبان حرب تحرير الموصل يقول لـ"لسبوتنيك"، أتمنى من وسائل الإعلام أن تقوم بزيارة لمدينة الموصل والتي عادت لها الحياة بشكل سريع جداً، وحاليا نسبة الدمار الموجودة بالجانب الأيسر لا تتعدى 1 %.
الدمار في الموصل، شمال العراق
© Sputnik . Nazek Mohammed
وتابع قائد الفرقة التاسعة، بالنسبة للساحل الأيمن، هناك دمار في المدينة القديمة فقط، والتي لا تتجاوز مساحتها 2 كم، ودمٌرت تلك المدينة لأنها قديمة، وكل الدواعش تجمعوا بها.
وأضاف الساعدي، أن إعادة إعمار المدينة القديمة يحتاج لوقت كبير، تحتاج إلى مبالغ كبيرة.
أما الدكتور قصي المعتصم، المحلل السياسي العراقي، فقال إن هناك سيناريو يتم من خلاله تدمير الموصل، فالعمليات العسكرية التي جرت في الموصل خلال الشهور الماضية لم تكن تتناسب مع حجم العدو وتواجده، وتم إرسال أرتال عسكرية ضخمة إلى المدينة بالإضافة إلى استخدام الوسائل التفجيرية بأقصى قوتها من الطيران والمدفعية والأسلحة الموجهه، وتم كل هذا في مدينة سكنية بها مدنيين، وهو ما لم يكن مقبولا في أي سياقات عسكرية أو دولية.
وأشار المعتصم، إلى أن ما حدث مع الموصل يؤكد على أن هناك قضية كان مرتب لها وبشكل خاص في هذا التوقيت، وهناك "ميليشيات تسكن تلك المناطق وتتمركز فيها وترفض الإنسحاب منها، ما يعني أن هناك عملية تغيير ديموغرافي واسعة، وتهميش مكونه وتدمير مدنه وتهجيره حتى من العراق كليا".
ولفت المحلل العراقي، إلى "هذا المخطط يظهر في ميزانية العراق التي لم تقر، ولم يظهر بها أي مبالغ لإعادة إعمار المدن، في محاولة لإستغلال هذا التدمير والتهجير المتعمد لكسب مزيد من الأموال للحكومة العراقية".
الموصل بعد ستة أشهر من تحريرها
© AFP 2023 / Ahmad Al-Rubaye
وبخصوص مؤتمر إعمار العراق الذي سيعقد بالكويت هذا الشهر، قال المعتصم "لا اعتقد أن دولا ستدفع أموالا للحكومة العراقية التي فرطت في كل أموال العراق على مدى 15 سنة".
وأكد المعتصم على أن "العالم الآن تقوده أمريكا بالقوة والإرهاب، وهى لا تسمح للدولة أن تقوم بواجبها وهو ما يؤثر على الشعب العراقي، ولن تتوقف أمريكا عن اللعب في المنطقة خلال الفترة القادمة".
ومن جانبه قال العميد يحيى رسول، المتحدث باسم القوات المشتركة في الموصل، في اتصال هاتفي مع "سبوتنيك"، إن هذه المناطق شهدت قتالا عنيفا مع تنظيم "داعش" الإرهابي، قادته القطاعات العسكرية العراقية وخصوصاً في الموصل، والتي كانت تٌعد من مناطق التمركز الرئيسية للتنظيم في العراق.
وأضاف رسول: "بعد التحرير مازالت العمليات مستمرة لرفع مخلفات عناصر التنظيم الإرهابي"، وتابع "اعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى وقت نتيجة الكم الكبير من القنابل والمتفجرات التي تم زرعها في كل مكان، من أجل أن يعود المواطنيين إلى مناطقهم ويمارسوا حياتهم بأمان وبشكل طبيعي ولكن هذا يحتاج إلى وقت.
وقال المتحدث العسكري، إن الحكومة العراقية جادة في عملية إعادة النازحين إلى مناطقهم، لكن تلك المناطق دارت بها عمليات كبيرة، وتعاني من المخلفات الحربية والتي تمثل خطرا كبيرا على حياة المواطن ونعمل على إزالتها، وقطاعات الجيش العراقي تعمل طوال الوقت من أجل إعادة الحياة للموصل وبأمان تام.
حجم الدمار الذي لحق المحال التجارية في الموصل
© AFP 2023 / Ahmad Al-Rubaye
وفي نفس السياق، قال الشيخ ثائر البياتي، أحد كبار مشايخ محافظة كركوك، إن الموصل ونينوى حدودها الإدارية الرابطة مع تركيا وسوريا تعتبر ممر استراتيجي، والسيطرة عليها من أولويات النفوذ الإيراني.وأضاف، في اتصال مع "سبوتنيك"، أن هناك صراع تركي إيراني على الموصل، حيث تمكن الإيرانيون من بسط سيطرتهم
على الأطراف وتبقى لهم مركز مدينة الموصل، فهم يعرفون طبيعة المدينة، لهذا تم تدميرها والتنكيل بها بأهلها.
تقرير/ أحمد عبد الوهاب