المدارس السورية في مصر... فرص وتحديات وظروف قاسية

يعيش آلاف الطلاب السوريين في مصر حالة من التباين في الواقع الدراسي، خاصة في ظل وجود بعض التحديات التي تقابلهم في الالتحاق بالمدارس الحكومية المصرية.
Sputnik

هكذا يتم تأهيل الأطفال السوريين المصابين بحالات نفسية من مشاهد الحرب... صور
سبوتنيك. على الرغم من تلك التحديات إلا أن التعاون الودي بين وزارة التربية والتعليم والمراكز السورية المنتشرة بشكل كبير، قاد إلى التغلب على بعض تلك التحديات من خلال المدارس الموازية، وهي مراكز أنشئت منذ عدة سنوات في مصر، تقوم على تدريس الطلبة السوريين للمناهج المصرية مع بعض المناهج السورية، التي لا يتم الامتحان فيها وإنما هي لتعزيز اتصال الطالب بتاريخه وبيئته السورية. 

تقول غفران عبد الله مديرة مركز "وطن" السوري، إن المدارس السورية بدأت فكرتها منذ عام 2012، بعد قدوم السوريين إلى مصر بهدف حل مشكلة تعليم الأطفال الذين قدموا إلى مصر، ويصعب عليهم فهم اللهجة المصرية والتعامل مع الأساتذة المصريين.

تضيف "كانت البداية عبارة عن فصول فردية تستقبل كل الطلاب السوريين، لشرح المناهج المصرية وكانت مجانية بشكل كامل، وكان الأساتذة متطوعين للتدريس، إلا أنه بعد زيادة الأعداد بشكل كبير نظرا لعدم قدرة الطلاب على فهم المنهج المصري من الأساتذة المصريين، انتشرت المدارس السورية بمدينة السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان ومدينة العبور".

المدارس السورية في مصر

وعن كيفية التنسيق مع وزارة التربية والتعليم قالت "لا يوجد تنسيق على مستوى الوزارة إلا أن الأمر يتم بتفاهم بين المدارس المصرية والسورية، خاصة فيما يتعلق بالمراحل الابتدائية والإعدادية نظرا لكثافة الفصول في المدارس المصرية، ويتم التوافق على أن تتم الدراسة بالمدارس المصرية وتجري الامتحانات بالمدارس المصرية وتكون الشهادة معتمدة من وزارة التربية والتعليم المصرية".

وتابعت  مديرة المركز السوري، قائلة "أما المراحل الثانوية فهي تشترط وجود الطلاب السوريين بالمدارس الحكومية، خاصة أن السورية لم تحصل على ترخيص من وزارة التربية والتعليم لكنها تعمل بشكل ودي بين الجانبين للمساهمة في توفير مناخ مناسب لتعليم الأطفال".

وأشارت إلى أن بعض العقبات التي تواجههم تتمثل في الجوانب المالية، لأن المدرسة لا تتقاضى سوى نحو 1500 جنيه في الفصل الدراسي الواحد، "وهو مبلغ غير كاف فضلا عن أن بعض الطلبة غير القادرين يتم استقبالهم دون تقاضي مقابل مادي".

وأوضحت أن "الأمر الآخر يتعلق بقانونية المدارس وإمكانية اعتمادها لدى وزارة التربية والتعليم المصرية"، وأن هناك مساع من القائمين على المدارس للتوصل إلى حلول يمكن من خلالها الإشراف الوزاري على عمليات الدراسة واعتماد النتائج والحضور والغياب، وكذلك النتائج السنوية إلا أنه لم يتم التوصل إلى أية نتائج حتى الآن بهذا الشأن. 

وطالبت ضرورة تبني الحكومة المصرية مشروع المدارس المصرية وأن يكون هناك إشراف بشكل كامل من خلال وزارة التربية والتعليم. 

الأنشطة الطلابية

آليات متقدمة للتعليم داخل المدارس التي لا يتجاوز عدد الطلاب في الفصل الواحد 35 طالبا لسهولة الاستيعاب، فيما تتضمن المدارس مكتبية ومرسم وعمليات تدريب على الإنشاد والخطابة، كما تنظم الفسحة على الموسيقية والأغاني السورية.

تحفيظ القرآن داخل المدارس يتم عن طريق المذياع أو الكاسيت المسجل على شريط بصوت بعض القراء المهرة أصحاب الصوت الجميل وهو ما يساعد الطلاب على الحفظ بسرعة أكبر.

المناهج

يتم تدريس المناهج المصرية والامتحان فيها بصورة أساسية، إلا أنه يتم إضافة مادة التاريخ والجغرافيا السورية ليبقى الطالب السوري على معرفة بأرضه وتاريخه، خاصة أن هناك بعض الأطفال ولدوا في مصر، وجاءوا في سن صغيرة.

يقول أحد لطلاب بالصف الخامس "جئت إلى مصر في العام 2013 وكنت بالصف الأول الابتدائي وحين التحقت بالمدارس المصرية لم أفهم لهجة الأساتذة المصريين، وكنت لا أريد الذهاب للمدرسة، لأني أجلس طوال اليوم دون أن أفهم سوى بعض المواد منها مادة الحساب وبعد ذلك ذهبت للمدارس السورية فأصبح الأمر أكثر سهولة".

المدارس السورية في مصر

يضيف تلميذ أخر أن المناهج المصرية أسهل بكثير من المناهج السورية، وأنهم يحصلون على درجات متقدمة في جميع المواد، كما أنهم يذهبون يوما واحدا في الأسبوع للمدارس المصرية وأنهم اعتادوا نسبيا على اللهجة المصرية بعد اختلاط دام لسنوات. 

مركز الأمل المشرق

في البداية تقول هنادي محمد بشير، مديرة مركز الأمل المشرق، إن العقبات التي قابلت بعض الطلاب السورين عند انتقالهم إلى مصر هي التي دفعتهم إلى فتح المدارس، خاصة أن هناك بعض الطلاب تخلفوا عن السنوات الدراسية، نظرا لضياع أوراقهم أو شهاداتهم ويحتاجون إلى اختبارات في المدارس الحكومية المصرية من أجل إلحاقهم بالصفوف الدراسية التي توقفوا عندها، وهو ما يحتاج إلى مجهود مضاعف لشرح المناهج المصرية بلهجة يستوعبها الطالب. 

يضم المركز نحو 700 طالب يدرسون المناهج المصرية إلى جانب حصص الفنون والتراث والفلكلور وتنمية المواهب والقدرات الفردية عند الطالب. 

تكلفة الفصل الدراسي 1200 جنيه للطالب، ويستثنى غير المقتدر خاصة الأطفال الأيتام، كما يتم العمل على تقوية مهارات الأطفال المتسربين من التعليم.

تضيف أن الوزارة متعاونة بشكل كبير مع المدارس المصرية، كما أن هناك تعاون مع وزارة الصحة حيث تقوم بعمليات التطعيم التي تتم بين الحين والآخر حيث يتم إخطار المدارس بأيام التطعيم التي تأتي فيها حملات التطعيم والتلقيح وكان منها حملة تطعيم ضد شلل الأطفال.

المدارس السورية في مصر

تتابع أن المركز يقيم بعض الاختبارات المبدئية أثناء الامتحانات، وهي اختبارات تمهيدية لاختبارات نهاية العام، لأنها تساعد الطالب بشكل كبير على تدارك أخطائه أو التركيز بشكل أكبر في المناهج التي يحصل فيها على مجموع ضعيف.

كما ناشدت وزارة التربية والتعليم بضرورة التعاون بشكل رسمي والإشراف على المدارس، واعتمادها للمساهمة في إدراج باقي المراحل الدراسية التي يصعب إدراجها لاشتراط المدارس الحكومية الحضور فيها، ويلاقي الطلاب صعوبة كبيرة في فهم اللهجة المصرية. 

تحديات التسجيل

أحد التحديات التي تواجه الطلبة السوريين تتمثل في وجود إقامة مدرسية أو دائمة، وهي الأزمة التي تواجه المئات نظرا للوقت المستغرق من أجل الحصول على الإقامة.

المدارس السورية في مصر

تقول سوسن محمد أن ابناءها فاتهم عام كامل بسبب رفض تسجيلهم لعدم وجود إقامة وأن الإقامة تستغرق نحو 3 أشهر، وهو ما أدى إلى انتهاء موعد التسجيل، فبقي الأبناء بالمراكز السورية دون امتحان في المدارس الحكومية، وبقيت المحصلة أنهم فقدوا سنة دراسية على أمل أن يتم تسجيلهم العام المقبل. 

الأزمة ذاتها تكررت مع هدى عبد الله، هي أم لثلاث فتيات أحداهن في يفترض أن تلتحق بالصف الثالث الإعدادي، والأخرى بالخامس الابتدائي والثالثة بالثالث الابتدائي، ونظرا لقدومها العام الماضي وعدم يسر إجراءات الحصول على إقامة تأخر التحاقهن جميعا لمدة عام كامل بالمدارس الحكومية.

المدارس السورية في مصر

الجانب المصري

الجانب المصري يقدم التسهيلات الممكنة إلا أنه يظل الالتزام باللوائح والقوانين من أكبر التحديات التي تواجه الظروف الاستثنائية، فيقول الاستاذ نور عبد الصمد مدير مدرسة الشهيد بمحافظة الجيزة، إن القوانين تشترط أن يكون الطالب حاصل على إقامة وأن الإدارات التعليمية تتعاون مع الأهل بمنحهم أوراق تفيد قبول ابناءهم لحين الحصول على إقامة، كما أن هذه الأوراق تعجل بالحصول على إقامة المدرسية لأنها تعتبر مستند لدى الجهات المختصة.

المدارس السورية في مصر

إدارة الوافدين 

خلال تواصلنا مع إدارة الوافدين المصرية، أكد مصدر مسؤول بوزارة التربية والتعليم المصرية، أن الإدارة تقدم كل التسهيلات اللازمة للوافد السوري وقبوله في المدارس المصرية وتلقي الدراسة مع الطلاب المصريين لمواجهة التسرب من التعليم، مشيرا إلى أن التعاون مع المراكز السورية يتم بشكل غير رسمي إلا أنه يغض الطرف عنها للتخفيف من الأعباء التي تقابل الطلبة من ازدحام في الفصول المدرسية وعدم فهمهم للهجة المصرية.

مناقشة