طريق الموت... ساعات المخاض الأولى ليدق نبض الحياة

الأوتوستراد الدولي دمشق - حمص أو طريق حرستا كما يدعى، طريق القنص إذا ما وضع على خارطة المعارك، اليوم ابتعد عن كل مسمياته القديمة ليكون أوتوستراد خالي من رصاص القنص والمعارك ليعود إلى عمله السابق قبل 2012 لإيصال المسافرين من دمشق إلى المحافظات وبالعكس.
Sputnik

ماهي أسباب استسلام تنظيمي "أحرار الشام" و"فيلق الرحمن" في الغوطة
سبوتنيك. لطالما بقي الطريق محط شؤم للكثير من الخارجين والعائدين من دمشق، إلا أن انتهاء وجود المسلحين التابعين لـ"أحرار الشام" وإخراجهم نحو إدلب في الشمال السوري يشكل علامة تفاؤل باقتراب النبض في القلب، أعداد الخارجين وصلت إلى 5 آلاف شخص بين مسلح ومدني خرجوا من حرستا لتطوى بذلك صفحة مدينة لطالما شكلت نقطة الخرق الأولى باتجاه العاصمة من الجهة الشمالية الشرقية من ناحية ونقطة هجوم ثانية باتجاه ضاحية حرستا من ناحية أخرى.

وبحسب مصدر عسكري فإن تسوية حرستا خففت من عبء التنقل لدى السوريين ولكن لا يمكن أن يفتح الطريق كاملا إلا في حال تمت تسوية جوبر وعربين وعين ترما وزملكا ليؤمن الطريق عندها بشكل كامل ويطوى عندئذ صفحة بلدات تشابه حرستا في حساسيتها وربما أكثر.

أكثر من معركة أطلقها "فيلق الرحمن" بالتعاون مع "جبهة النصرة" بدءا من جوبر في محاولات متكررة للوصول إلى العاصمة، كان آخرها معركة "يا عباد الله اثبتوا" التي جرت في مارس/ آذار 2017 حيث انطلقت بمفخختين أوصلت المسلحين باتجاه الكراجات وتمكنوا من التقدم على حساب الجيش السوري عدة أيام في العديد من النقاط إلا أن الجيش استطاع استعادة النقاط بشكل كامل وثبت نقاطه الأمر الذي منع أي خرق جديد لا سيما بعد دخول اتفاق خفض التصعيد حيز التنفيذ في منتصف 2017.

وبحسب المصادر فإن عدد الخارجين من مسلحي "فيلق الرحمن" وعائلاتهم وصل إلى 7 ألاف شخص على أن يتم إخراج الحالات الإنسانية والجرحى باتجاه مشافي العاصمة ليتلقوا العلاج اللازم ومن ثم يتاح لهم حرية الاختيار ما بين الخروج باتجاه إدلب أو العودة إلى الغوطة، في حين أن البند الثاني يشير إلى إتمام خروج المسلحين بشكل آمن وبمرافقة الشرطة العسكرية الروسية، أما البند الأخير فهو إدخال المساعدات الإنسانية بعد استكمال العملية إلى بلدات وقرى الغوطة الشرقية، وذلك بحسب ما أعلنه الناطق باسم "فيلق الرحمن"، وائل علوان.

شوارع العاصمة تنتظر الفرج

على بعد أمتار من حي جوبر الدمشقي خرج العديد من الدمشقيين عند أحيائها الشرقية بأعلام سورية حمراء مهللين بما جرى وكأنهم يودعون أرواح أحبائهم التي رحلت عنهم بفعل القذائف والصواريخ، تزامن ذلك مع سماع أصوات الرصاص المرحبة بالنصر على حد قول البعض.

ويقول ماهر، "اليوم سيبقى مخلدا خالدا في عقولنا، لقد رحلت الحرب عنا، ولن نفتقد لحبيب جراء قذيفة تخطفه عن حياتنا، نؤمن بالموت لكن ليس بهذا الشكل وبهذه الطريقة التي كانت شوهت معنى الموت".

أما رهام فذكرت "لقد رحل الكثير من عاشوا معنا منهم من قضى جراء قذيفة ومنهم من سافر ليبتعد عن كل هذا الصخب، إلا أن اليوم سيكون بداية لحياتنا التي كانت ولا زالت بفضل صمودنا وفضل من كانوا يضحون من أجلنا".

مسلحو "أحرار الشام" يخرجون من حرستا في الغوطة الشرقية
بداية فصيل سيحط رحاله في إدلب

تشكل "فيلق الرحمن" في القطاع الأوسط من الغوطة الشرقية بانضمام مجموعة سرايا عاملة في الغوطة كانت قد أعلنت انتمائها لما يسمى "الجيش الحر"، وتوسعت رقعة سيطرة الفيلق في كل من جوبر، عربين، زملكا، كفر بطنا، حزة، سقبا، حمورية، حوش الأشعري، وغيرها من بلدات القطاع الأوسط، لاسيما بعد أن أنهى "جيش الإسلام" وجود "جيش الأمة" بقتل متزعميها محمد طه ونائبه أبو علي خبية، نهاية عام 2014، لينضم بعدها مقاتلو جيش الأمة إلى صفوف "فيلق الرحمن".

وفي شباط 2016 أعلن فصيل "حركة أجناد الشام" اندماجه الكامل مع "فيلق الرحمن" بقيادة النقيب المنشق عبد الناصر شمير، على الرغم من رفض قيادة الأجناد في الغوطة الغربية آنذاك لهذا الاندماج الذي جرى في الغوطة.

وعلى إثر النزاعات التي جرت بين الفيلق ثاني أكبر الفصائل المسلحة في الغوطة مع "جيش الإسلام"، حرر الجيش السوري القطاع الجنوبي في الغوطة، ليتم على إثرها عمليات تصفية بين الفصائل المسلحة، سببت في أزمات داخلية منها احتكار للمواد الغذائية والطبية ترافقت مع عمليات سطو ونهب بين الفصائل.

الجدير ذكره أن ما يحدث في الغوطة الشرقية جرى بعد خرق المسلحين المتمثلين في "فيلق الرحمن" و"حركة أحرار الشام" لاتفاقية خفض التصعيد نهاية 2017 بهجومهم نحو إدارة المركبات في حرستا، لتكون العملية اليوم استعادة لجميع النقاط التي كانت تشكل بداية أي خرق، ومنطلقا للحياة بعيدا عن أي سلاح خارج إطار الحكومة السورية.

مناقشة