وتابع النشواتي، "لكن في المرة الثالثة كانت الردود مختلفة تماماً والتي جاءت لحماية فصائل الغوطة الشرقية من تقدم الجيش السوري وحلفائه، حيث صعّدت موسكو برد فوري يتعدى إسقاط الصواريخ إلى إغراق البارجات التي أطلقتها، ما دفع البيت الأبيض إلى محاولة ربط الملف الكيميائي السوري بملف كوريا الشمالية بادعاءات حول التنسيق المشترك لإنتاج الأسلحة الكيميائية في سورية، لكن دون طائل يذكر، بسبب اضطرار واشنطن لاحتواء التقارب بين الكوريتين، لتذهب بريطانيا فيما بعد لاتهام موسكو باستخدام السلاح الكيميائي في قضية تسميم الضابط السوفيتي السابق المتعامل مع بريطانيا سكريبال وابنته في مدينة سالزبوري، والتي من أحد جوانبها مثلت رد أمريكي بريطاني على دور موسكو في إبطال مفاعيل الذريعة الكيميائية ضد دمشق بما يورط موسكو بها، وعلى مستوى قضية دولية تمهيداً لاتهامها بتزويد دمشق بالسلاح الكيميائي، ولكن النتائج أيضاً كانت دون المرجوة نتيجة احتواء روسيا لهذه الاتهامات والتعامل معها بطرق دبلوماسية والطلب الرسمي بالمشاركة في التحقيق حول الحادثة.
هذه الردود الجوابية التي تلقتها الولايات المتحدة الأمريكية من روسيا وحلفائها جعلت البيت الأبيض خالي الوفاض، وعاجزاً عن استكمال أجنداته وإدارة الصراع في عدة بقع تشهد أزمات جيوسياسية مفتعلة، والتي تجاوز مفعول هذه الردود سياج البيت الأبيض وأبواب وزارة الخارجية الأمريكية، وكانت سبباً في الإطاحة بكل من وزير الخارجية ريكس تيليرسون، ومستشار الأمن القومي هربرت مكماستر.
ورأى الكاتب أن مثل هذه الادعاءات تحتاج إلى مستشار للأمن القومي كجون بولتون والذي شهد وشجع غزو العراق تحت مزاعم أسلحة الدمار الشامل، ليشكل مع وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو صاحب الحلول الصدامية، ووزير الدفاع جيمس ماتيس (الملقب بالكلب المسعور) ثلاثياً خطيراً في صناعة القرار الأمريكي، يتوافق مع رؤية ترامب لاستهداف كل من إيران وكوريا الشمالية، بالتالي تفعيل مزدوج للذريعة الكيميائية والنووية على حد سواءً، بما يسمح للبيت الأبيض بربط أعدائه ببعضهم بذريعة هذه الملفات، واستهدافهم بحزم سياسات مخصصة لهذا النوع بما يتلائم مع الاستراتيجية الأمريكية الأخيرة.