حول هذه التطورات أجرت وكالتنا "سبوتنيك" حوارا مع الخبير بالشأن العسكري الاستراتيجي العميد محمد ملحم، إليكم نصه:
سبوتنيك: سيادة العميد، بغض النظر عن تفاصيل الاعتداء، لابد هنا من البحث في الأسباب والغايات من هذا الاعتداء في هذا التوقيت بالذات ولماذا على مطار التيفور 4 تحديداً؟
العميد ملحم: العدوان على مطار التيفور يأتي ضمن سياسة رفع معنويات الإرهابيين لدفعهم للصمود، وإستمرار إستنزاف الدولة السورية وتأخير النصر القادم لامحالة والتشويش على الهزيمة الفاضحة للأمريكان قبل غيرهم في الغوطة، وختامها في دوما إعلان الأمريكان أنهم لم ينفذوا أي ضربات تم فهمه على أنها إما أرادت الهروب من المواجهة مع روسيا، أو أن المنفذ أوربي أو صهيوني لإثبات وجودهم، وأيضاً التشويش على النصر في دوما، الأهم هنا أن الدفاعات الجوية السورية أثبتت جاهزيتها وقدرتها على التصدي لهذا العدوان، النصر في دوما حمل بصمة أحذية الجنود السوريين الأبطال وأرسلوها إلى الأمريكان هناك أسباب كثيرة لهذا الإعتداء، ولنقول في مقدمتها المؤامرة، نعم المؤامرة وليعترض من يعترض على مصطلح المؤامرة، نعم هناك مؤامرة ومشروع كبير كان يستهدف سورية بشكل رئيسي والمقاومة بشكل عام، وعندما شارف هذا المشروع على نهايته وخاصة في الغوطة جن جنونهم و لكبس غيظهم لجأوا إلى هذا الإعتداء، وأن يكون هذا الأعتداء على هذه المنطقة بالذات وفي هذا التوقيت تحديداً فهذا لان الأمريكيين بعد أن قام أصدقائنا الروس وعلى أعلى المستويات بالتحذير من مغبة الخطأ مع روسيا وحلفائها.
سبوتنيك: عذرا للمقاطعة، هل تقصدون أن إسرائيل قامت بهذا الاعتداء نيابة عن الولايات المتحدة لتجنيب الولايات المتحدة المواجهة مع روسيا التي كان موقف رئيسها فلاديمير بوتين سيكون حاسماً أمام أي اعتداء على روسيا وحلفائها؟
العميد ملحم: لاشك في ذلك لأن الأمريكيين عندما أرعدوا وأزبدوا وهددوا قبل فترة بأن الولايات المتحدة ستضرب سورية قام المسؤولون الروس وزير الخارجية ووزارة الدفاع وعلى رأسهم الرئيس بوتين بتوجيه تحذيرات واضحة مفادها بأن أي إعتداء سيرد عليه رداً صارماً، وسيتم أيضاً الرد على مربعات و مصادر هذا الإعتداء في حال وقع، وهذا تهديد صريح وواضح من القيادة الروسية بالرد على الإعتداءات الأمريكية ، ولاشك أن إسرائيل نابت عن الولايات المتحدة في تنفيذ هذا الإعتداء بعد أن كان هناك موقف واضح من قبل روسيا في حال وقع هذا الإعتداء لذلك جاء التنفيذ من قبل إسرائيل، ولايمكن أن تقوم إسرائيل بهكذا عدوان دون التنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية.
العميد ملحم: طبعا هناك أولويات وبرامج دقيقة وموضوعة ومتفق عليها من قبل القيادتين الروسية والسورية ومعهما الإيرانية، على أن المهم فيها تحقيق نتائج كبيرة في سحق الإرهاب بشكل عام وهذا البرنامج له أولوية، كيف له الاولوية..؟؟؟ لأن كل من ينفذ الأعمال الإرهابية من وكل الفصائل مهما تعددت تسمياتها "داعش" أو "جبهة النصرة" أو "جبهة أحرار الشام" والخ هي كلها فصائل أمريكية تقاد بشكل مباشر أو بالواسطة، الآن إتضح أنها باتت تقاد مباشرة من قبل الولايات المتحدة ومن معها، لاحظ هنا بين قوسين، عندما قصفت إسرائيل مطار التيفور كيف تحرك الدواعش مباشرة في البادية وبشكل واضح فما يعني هذا…!!! جاؤا لمدهم بالصمود، أضف إلى ذلك أن تنسيقيات المسلحين في دوما عرقلوا الإتفاق في البداية وهذا ما تسرب منهم أنفسهم، بأنهم كانوا ينتظرون أن تنقذهم أمريكا أو إسرائيل، لافرق، لكن الإنقاذ لم يأتيهم، ومن هنا أعود وأقول أن الجيش العربي السوري والقوات الحليفة والرديفة لديها برنامج معين والمهم الهدف النهائي لها هو سحق الإرهاب والقضاء عليه، أمام ردود الأفعال، فنحن لانخضع لردود الأفعال ولن نستجر إلى مكان ليس بواردنا الآن، وكل شيء في آوانه جيد، والرد على العدوان الصهيوني يمكن أن يكون من خلال سحق الإرهابيين الذين هم جنود صهاينة بالأساس".
سبوتنيك: طيب، بات واضحاً كيف ستتعامل سورية في حال تكرر هذا الاعتداء، لكن وما هو السبب من عدم المقدرة على التعامل مع الطائرات الإسرائيلية التي قامت بتنفيذ الاعتداء كما في العاشر من شباط الماضي عندما أسقطت طائرة حربية إسرائيلية وأعطبت أخرى عدا عن صد الصواريخ المهاجمة، هل لأنها كانت خارج المجال الجوي السوري؟
العميد ملحم: بالضبط، طبعاً الطائرات الصهيونية كانت فوق لبنان، والتصدي لها فوق الأراضي اللبنانية يمكن أن يكون له اعتبارات معينة أحيانا في حسابات القيادة، لكن الواضح أن الطيران الذي سيدخل أراضي الجمهورية العربية السورية لن يعود، والأهم أنه تم التعاطي والتعامل مع هذه الهجمة بشكل ممتاز ورائع وما وصل من هذه الصواريخ وعدها كما هو وارد ثمانية صواريخ، أسقط منها خمسة صواريخ ووصل حسب المعلومات فقط ثلاثة، هذا الإعتداء لم يحقق أي نتائج عسكرية مرجوة منه، أما من الناحية السياسية ربما هناك إشارات معينة.
العميد ملحم: الجيش العربي السوري يسير ضمن برنامج ووتيرة ثابتة بسحق الإرهاب بشكل عام، لاحظ لو نظرنا إلى الخريطة السورية قبل عام أو عامين من الآن كيف كانت السيطرة الداعشية بقيادة طبعاً أمريكية ولاشك في ذلك على مجمل المساحة السورية بإستثتاء بعض بقع من منطقة دمشق والساحل السوري كما تعلم وكيف هو الموقف الآن وكيف نرى الخريطة الآن، كنا لانستطيع السفر من حمص أو من المنطقة الساحلية إلى دمشق إلا ونحسب ألف حساب، أما الآن فأصبح هناك أمن وأمان، ولسوف يحشر هؤلاء في أماكن معينة أماكن لقادتهم وداعميهم في منطقة الجزيرة ومنطقة إدلب طبعاً ومنطقة إدلب هي مكب النفايات لهؤلاء.
إذاً عندما نرى أن الجيش العربي السوري يتوسع في إتجاهات معية فأنه لاشك أن المواجهة مع العدو الأمريكي قادمة بصيغة أو بأخرى، أما مسالة الإنسحاب الأمريكي فكل الناس يعملون أن الرئيس الأمريكي لايأخذ القرار وهو جالس في مكتبه أو يكلف نفسه عناء التفكير فيه بنفسه فهناك مؤسسات معينة ومراكز أبحاث محددة وهناك مستشارين يحسبون لكل شيء حساب، وعندما تجهز يوقع الرئيس الأمريكي بموقف أو تصريح أو ماشابه، لذلك هذا الكلام لم يأتي من فراغ، نعم كل التوقعات تشير إلى الولايات المتحدة خلال الأشهر الستة القادمة ستخرج من سورية، ومن هنا فنرى أن الأمريكي يورط الأوروبيين في سورية حتى يخرج الأمريكي بهزيمة ما ومن ثم تسجل الهزيمة للإوروبيين وليس للأمريكيين بشكل مباشر وبشكل عام يعني، أما إمكانية المواجهة في المستقبل فلا شك أن هناك محادثات فلتكن في جنيف أو غيرها ستفضي إلى النتائج التي نسعى إليها وسنحققها وهي خروج كل المحتلين من سورية، أما كيف ستتم عملية خروج المحتلين فهي يمكن أن تكون من خلال الحوار أو من خلال المواجهة المباشرة.
سبوتنيك: أين ستكون روسيا من هذه التطورات في حال وقعت؟
العميد ملحم: روسيا خارج هذا المجال بما يخص مسألة المواجهة المباشرة وهي لاتتعامل بردود الفعل، ولأن هذه المسألة حساسة جداً، وقد لايمكن أن يصل الأمر إلى درجة المواجهة بين روسيا والولايات المتحدة، هذه المسألة لها حساسية خاصة جداً لا أعتقد أنها واردة، إلا إذا جنّ جنون الإدارة الأمريكية بشكل عام، وهذا الشيء أعتقد أنه مستبعد الآن.
أجرى الحوار: نواف إبراهيم