تطعيم النحاس بالفضة والزخرفة مهنة دمشقية يدوية قديمة... تقاوم الاندثار

تعتبر مهنة تطعيم النحاس وزخرفته بالفضة واحدة من المهن اليدوية الدمشقية القديمة، التي لاقت إقبالا كبيرا إلى أن بدأت الحرب على سوريا، مما أدى إلى صعوبة في تسويقها، كونها تعتمد على السياح بشكل أساسي.
Sputnik

"دمشق القديمة" تستعيد ألقها بفنادق تراثية والنزلاء الروس يعبرون عن سعادتهم
تقرير سبوتنيك. إن أول من عمل بهذه المهنة في دمشق هم الطائفة اليهودية ولكن بعد أن هاجروا أصبح القليل من الدمشقيين يعملون بها، ولم يبق سوى محل واحد.

حمادة السيد، شاب دمشقي يعمل في هذه المهنة منذ 10 سنوات وذلك في محله المقابل لمقهى النوفرة قبالة الجامع الأموي بدمشق القديمة. يقول السيد لـ"سبوتنيك" تعلمت هذه المهنة من والدي مصري الجنسية الذي يعمل فيها منذ 25 سنة وهو ورثها عن والده، وقمت بدوري بتعليمها لشباب سوريين، وذلك حتى تستمر هذه المهنة ولا تموت، لأنها فن وإبداع وتراث يجب المحافظة عليها، مشيرا إلى أن هذه المهنة تعود إلى العصر السلجوقي، وأول من عمل بها أهل العراق ومن ثم أصبحت في مصر وبعدها سوريا، مبينا أن هذه المهنة كانت حصرية لليهود في سوريا، وكانوا لا يعلموها لأحد.

حرفي دمشقي يقوم بممارسة مهنته في تطعيم النحاس

وحول كيفية تطعيم النحاس بالفضة ومراحل العمل، يقول السيد: تأتينا ألواح نحاسية جاهزة فنقوم بقصها ونصنع منها أشكالا عديدة كالصواني والصحون والفازات، والمزهريات بمختلف أشكالها وأحجامها.

وبعد ذلك يقوم والدي بالرسم على هذه القطع رسومات عديدة إما من مخيلتنا وإما حسب رغبات الزبون في حال أوصى على القطعة قبل البدء بها، أو نستلهم رسوما من التراث الإسلامي والعربي، كذلك نزخرف على هذه القطع آيات قرآنية وبعض الأقوال والأمثال والحكم. وعملية الزخرفة والتطعيم تتم عبر مراحل عديدة، مضيفا… نقوم أولا بتجهيز الرسمة على الورق ثم نحفر على النحاس بشكل يدوي وبأقلام الحفر.

وأوضح السيد أن ثمن القطعة تكون مرتفعة القيمة لأنها قطعة نحاسية مطعمة بالفضة والذهب. وتختلف القطع المنتجة هنا حسب جودة العمل فيها وكمية الفضة الموضوعة وحسب الوزن.

ويختلف بالتالي السعر حسب ذلك حيث يتراوح من 400 ألف ليرة سورية للقطعة، مشيرا إلى أن التسويق لها يعتمد على السياح بالدرجة الأولى، وعلى التوصيات من بعض الدول العربية والأوروبية والغربية، أما سكان سوريا لا يرغبون كثيرا بشراء منتجاتنا باستثناء هواة التحف الفنية.

وتابع السيد

"بسبب ظروف الحرب لم يعد هناك زبائن كما كان في السابق ولا يوجد سياح، ولم يتبقى في دمشق سوى محلنا يعمل بهذه المهنة، بسبب هجرة العاملين بهذه المهنة والذين لا يتجاوز عددهم العشرة معلمين يستطيعون العمل بها، مما يهددها بالانقراض، مشيرا إلى أن والده استطاع أن يعلم حوالي 15 صانع، بالإضافة للتدريب في بعض الجمعيات الخيرية.

وقال السيد: "تتنوع الأشكال التي نطعمها بالفضة ما بين فارسي وعجمي ومملوكي، وهي مهنة مجهودها كبير وشاق والمستفيد الأكبر في النهاية هو التاجر أما صاحب المهنة يعاني، حيث يأخذ التاجر ما نصنعه ويبيعه بأثمان كبيرة، حيث يأتي لنا الطبق أو الشيء المراد تطعيمه وذلك بعد أن يقوم نقاش ليرسم عليه وينحته ثم أقوم أنا بتطعيم الرسم عليه بخيوط الفضة".

حرفيون يقومون بتطعيم النحاس في إحدى الورش بمدينة دمشق

يشار إلى أن صناعة النحاس والنحاس الأصفر معروفة في سوريا، لكنها كانت متقنة بالأصل من قبل سلالة المماليك في مصر. لكن في مطلع العام 1900 غيرت هذه الصناعة مركزها بمصر ليعمل بها الحرفيون في سوريا وتزدهر فيها، حيث اقتصر هذا الفن وهذه الحرفة على دمشق وأصبحت تنافس المستوى الذي وصل إليه المماليك سابقا.

مناقشة