مئات النازحين السوريين يغادرون لبنان

غادر قرابة 500 نازح سوري، اليوم الأربعاء، بلدة شبعا في جنوب لبنان، عائدين إلى ديارهم في منطقة بيت جن السورية، في خطوة أتت بتنسيق بين السلطات اللبنانية والسورية، وفتحت الباب مجدداً للحديث عن احتمالات "العودة الطوعية"، في ظل تحسّن الأوضاع الأمنية في العديد من المناطق داخل سوريا.
Sputnik

بيروت- سبوتنيك ومنذ صباح اليوم، تجمّع النازحون السوريون عند الطرف الجنوبي لبلدة شبعا، بانتظار الحافلات التي ستقلّهم إلى قراهم في المقلب الشرقي لجبل الشيخ، وخصوصاً بلدتي بيت جن ومزرعة بيت جن.

مدير مركز "الارتكاز الإعلامي" في بيروت: لبنان مجمع على رفض أي اعتداء على سوريا

وفي وقت لاحق، أقلّت نحو 15 حافلة النازحين المغادرين إلى نقطة المصنع الحدودية، قبل إتمام الإجراءات النهائية لدخولهم سوريا.

وبلغ عدد الذين قرروا العودة بشكل طوعي إلى سوريا 499 نازحاً من مختلف الأعمار، في ما يعدّ أكبر مبادرة من هذا القبيل على الإطلاق.

وأشرف جهاز الأمن العام اللبناني على عملية نقل النازحين، حيث قام بالتدقيق في أوراقهم الثبوتية واتخذ بإجراءات لوجستية وأمنية لحماية مرور الحافلات السورية الفارغة من المصنع إلى شبعا، وخروجها بالنازحين من المصنع إلى الأراضي السورية.

ونقلت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية عن مصادر مواكبة قولها إن "هذه العودة هي انعكاس مباشر لمعركة الغوطة بحيث أصبح محيط الشام آمناً ومستقراً، وهي مقدمة لسلسلة عمليات متلاحقة ستشهدها المرحلة المقبلة بتنسيق سوري ـ سوري ولا علاقة للحكومة اللبنانية به".

هولندا تقدم 300 مليون يورو دعما للبنان

وأشارت الصحيفة إلى أن مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة "تواصلت مباشرة مع النازحين الراغبين في عودتهم، وتأكدت ان عودتهم طوعية بملء إرادتهم".

وخلال الفترة الأخيرة، تزايد الحديث عن حالات عودة طوعية للنازحين السوريين المتواجدين في لبنان، خصوصاً بعد استقرار الأوضاع في العديد من المناطق السورية.

وبحسب تقارير إعلامية فإنّ ما بين 400 و500 نازح يغادرون لبنان يومياً، كمعدّل وسطي، وذلك في إطار حركة تنقل معاكسة من الأراضي اللبنانية إلى المحافظات السورية، ولكن الجهات الرسمية في لبنان تبدي تحفّظاً في الحديث عن أعداد محدّدة.

وقال مصدر رسمي لوكالة "سبوتنيك" أن "ثمة معوقات عدّة تحول دون تحديد عدد محدّد للنازحين العائدين، خصوصاً أن جزءاً كبيراً منهم متواجد على الأراضي اللبنانية ليس مسجلاً بالضرورة كلاجئ، عدا أن الآلاف قد دخلوا لبنان خلسة ولم يقوموا بتسوية أوضاعهم القانونية".

لبنان لن يرغم لاجئين سوريين على العودة لبلادهم

وعلاوة على ذلك، أشارت المصادر إلى أن "حركة التنقل بين لبنان وسوريا مستمرة، وبالتالي فإن حركة الدخول والخروج لا يمكن أن تشكّل معياراً لما يتم تداوله في وسائل الإعلام بشأن أعداد العائدين".

من جهتها، قالت منسقة لجنة النازحين السوريين في التيار الوطني الحر الدكتورة علا بطرس، لـوكالة "سبوتنيك" إن "هذه ليست المبادرة الأولى، فثمة تنسيق بين الأمن العام اللبناني والسلطات السورية لعودة نازحين كانوا قد دخلوا إلى شبعا من بيت جن، بشكل غير شرعي، هرباً من جبهة النصرة، وقضت الترتيبات الحالية بإعادتهم من خلال معبر المصنع بشكل شرعي".

وأشارت بطرس، إلى أنه "ثمة نقطة عالقة داخل الحكومة بشأن قضية النازحين، وهي تتعلق بالتنسيق مع النظام السوري"، موضحة أن "هناك رفضاً داخل الحكومة اللبنانية بشأن التنسيق مع النظام السوري، وبالتالي فثمة مطالبات بأن تتم عودة النازحين عن طريق الأمم المتحدة، في حين ترفض سوريا اللجوء إلى الأمم المتحدة لهذه الغاية، وبالتالي فإنّ تكليف الأمن العام (لتأمين عودتهم) هو حل تقني وسط إذا جاز التعبير".

وحول التقديرات بشأن عدد النازحين العائدين طوعاً إلى سوريا عبر المنافذ الحدودية، أشارت بطرس إلى أن "هناك أشخاصاً يعودون بالفعل، وقد أشارت التقارير في نهاية العام 2017، إلى أن عدد المغادرين بات أكثر بكثير من عدد الوافدين".

وأضافت أن "الرئيس عون، ومنذ توليه منصبه، حثّ المجتمع الدولي على البدء بالعودة الآمنة للنازحين السوريين بحكم أن معظم الأراضي السورية باتت مستقرة (مع العلم بأن 11 محافظة سورية من أصل 12 أصبحت مستقرة بالغالب باستثناء أدلب)، وأن العودة لا يجب أن تكون مرتبطة بالحل السياسي الذي يمكن أن يتأخر خاصة انه يتأثر بالتجاذبات الإقليمية والدولية".

وشددت بطرس، على أن "لبنان يؤيد العودة الآمنة وليس الطوعية، لأنه لم يوقع على اتفاقية العام 1951 الخاصة باللاجئين، والتي تؤكد على الاندماج والتوطين أو إيجاد دولة ثالثة أو العودة الطوعية متى انتفت الأسباب التي دفعته إلى ترك بلاده ".

ساسة لبنان يعلقون على الضربة الأمريكية المحتملة لسوريا

وأوضحت أن "العودة الآمنة تعني أن المناطق التي نزح عنها باتت مستقرة، ويجب أن يعودوا إليها، لأن الظروف التي دفعته للنزوح انتفت، خصوصاً بعد هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي".

وبحسب أحدث تقرير لمركز "كارنيغي" البحثي، فإن "لبنان يحتضن اليوم، أكبر عدد من اللاجئين في العالم قياساً على عدد سكانه".

وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يقيم 995512 لاجئاً سورياً في لبنان، فيما تقول الحكومة اللبنانية أن ثمة 500 ألف لاجئ إضافي إقامتهم غير قانونية في البلاد، مايرفع بالتالي عددهم الإجمالي المقدَّر إلى حوالى مليون ونصف المليون لاجئ.

من بينها السعودية... دول تتعهد بتقديم نحو 2.8 مليار دولار لدعم اقتصاد لبنان

وتتجه الأنظار إلى مؤتمر "بروكسل 2" الذي ينعقد نهاية الشهر الحالي لمساعدة الدول المضيفة للنازحين ومن بينها لبنان، وسط تصاعد المخاوف من ربط المساعدات الدولية بإطالة أمد النازحين على الأراضي اللبنانية.

وفي هذا الإطار، قالت بطرس إن "المجتمع الدولي ما زال يقول أن الوضع في سوريا غير مستقر للعودة، وهو يضخ المساعدات لبقائهم في لبنان، وهناك الخوف الجدي من التوطين خاصة ان طلاب النازحين السوريين يتم تعليمهم المنهج اللبناني وليس السوري".

ولفتت بطرس، إلى أن "وزير الخارجية جبران باسيل، تقدم بحل عملي يمكن في ضخ المساعدات في دول المنشأ وليس في الدول المضيفة تسهيلا للعودة".

وأشارت بطرس، إلى أن "المجتمع الدولي يدعم استقرار لبنان خوفا من انفلات الأمن وتدفق النازحين السوريين إلى الاتحاد الأوروبي، الذي يعدّل في اتفاقيات الهجرة ومنها اتفاقية دبلن ناهيك عن الولايات المتحدة التي تقوم بإنشاء جدار مع المكسيك"، مضيفة "هم يطالبون لبنان باحترام حقوق الإنسان واللاجئين فيما نراهم يقفلون حدودهم".

مناقشة