تميزت بجمال تفاصيلها وتنوع الفرق المشاركة فيها ليشكلوا لوحة فسيفسائية جميلة تضم باقة من النسيج المجتمعي السوري. هذا المشهد الجميل الذي لطالما كان شوكة في صدر أعداء سورية الذين ما استطاعوا أن يغيروا شيئا من تلك المحبة وعمق ذلك التجذر.
بدأ الحفل بمعزوفة عسكرية أدتها فرقة الجيش العربي السوري وقوى الأمن الداخلي تلاها قصة من الواقع تجسدت بجريح من الجيش فقد نعمة البصر أثناء خوضه لإحدى المعارك ضد الإرهاب، إلا أنه أصر على متابعة العطاء والحياة بدعم من حوله، أعقب ذلك عرض لفيلم وثائقي قصير يتحدث عن تاريخ مدينة حلب وانتصاراتها، تلاه فقرة (للرقص الفلكلوري) قدمتها كل من: 1- الفرقة الجركسية / للرقص الفلكلوري الجركسي، 2- فرقة كارنيل / للرقص الفلكلوري الحلبي، 3- فرقة شوشي و سارتارابارد / للرقص الفلكلوري الأرمني.
ولأنها حلب أرض العراقة والطرب حان وقت سماع باقة من الأغاني التراثية الطربية التي قدمها عدد من فناني حلب الشهباء كان منهم:(صفوان عابد — سمير جركس — عمر سرميني — فؤاد ماهر — حازم الشريف — مصطفى هلال — محمد خيري — ناديا المنفوخ — يمان قصار — طه محسن) وذلك بمشاركة الفرقة الوطنية للموسيقا العربية وفرقة "إحياء التراث" إضافة إلى فرقة "نغم" بقيادة المايسترو عدنان فتح الله لتعتلي بعدهم المسرح السوبرانو "سمية حلاق" وتقدم فقرة من الغناء الأوبرالي الجميل بمرافقة الفرقة السيمفونية الوطنية بقيادة المايسترو "ميساك باغبودريان".
ومع انتهاء تلك الفقرة بدأ الشاعر الحلبي القدير "صفوح شغالة" بإلقاء قصائد مميزة حملت بين سطورها دفئا من المشاعر السامية التي تتغنى بحب الوطن وتحث على التمسك بالأرض والانتماء.
واختتمت فقرات الاحتفالية بأغان وطنية قام بأدائها كل من كورال "ناريكاتسي" وكورال "زفارتنوس" بمشاركة الفرقة السيمفونية الوطنية وفرقة "صبا" و"كوميداس".
حضر الاحتفالية كما أوردت "وكالة سانا للأنباء" كل من: منصور عزام (وزير شؤون رئاسة الجمهورية)، محمد الأحمد (وزير الثقافة)، ريمه قادري (وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل)، المهندس بشر اليازجي (وزير السياحة) والدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية والدكتور أحمد بدر الدين حسون مفتي الجمهورية وعدد من أعضاء مجلس الشعب والجهات الرسمية في المحافظة، إضافة إلى عدد من الفنانين والإعلاميين السوريين والعرب منهم: (إلهام شاهين، جورج قرداحي، ناصر قنديل إضافة إلى صباح فخري ودريد لحام وحسام تحسين بك) وغيرهم الكثير.
الانطلاقة الأولى للنشيد العربي السوري تاريخيا
تزامن عيد الجلاء في هذه الأيام مع العيد الثمانين للنشيد العربي السوري هذا النشيد الوطني الرسمي الذي بدأت فكرة كتابته في العام 1931 حيث جاءت أولى أحرفه بعبارة "حماة الديار عليكم سلام" للشاعر الدمشقي خليل مردم بك. وفي العام 1938 أطلقت الحكومة السورية مسابقة لتلحين تلك القصيدة فتقدم لتلحينها ما يقارب 60 موسيقي وكان من جملة المتقدمين حينها الأخوان (أحمد ومحمد فليفل) فشكلت لجنة خاصة لاختيار اللحن الأفضل وحين رفضت تلك اللجنة حينئد استقبالهما والاستماع لهذا اللحن لجأ الأخوان فليفل إلى رئيس مجلس النواب آنذاك فارس الخوري وشكوا إليه عدم استقبال اللجنة لهما فطلب منهم أن يسمعوه لحنهم فأعجب به كثيراً إلا أنه لم يشأ التدخل في عمل اللجنة فطلب منهم البدء بتعليم هذا النشيد واللحن لطلاب المدارس حتى يحين وقت إعلان نتائج تلك اللجنة وفعلا نفذ (الأخوان فليفل) طلب فارس الخوري فانتشر اللحن انتشارا واسعا وبدأ يتحول إلى نشيد يتردد وطنيا على الرغم من عدم اعتماده بعد.
إلا أن المفاجأة قد أتت أثناء العرض العسكري الذي أقيم احتفالا بعيد الجلاء عام 1946 حيث كانت مكبرات الصوت تصدح بهذا النشيد واللحن فاعتبر منذ ذلك الحين (نشيداً رسمياً للجمهورية العربية السورية).
واليوم مع ذكرى الجلاء في عام 2018 ها نحن نرى سوريا باتت أكثر قوة وشموخا بجهود الجيش والقيادة السورية وقادرة على دحر كل فكر إرهابي متطرف أراد أن يغزو أرضها فها هم السوريون اليوم كانوا و مازالوا عاشقين لتلك الأرض متمسكين بعرى المحبة والإخاء وجذور العيش المشترك.