ضيفة حلقة حوارنا في سلسلة "كتاب تحت القصف" هي الروائية الإعلامية منال الربيعي… وإلى نص الحوار:
سبوتنيك: في البداية كيف ترين تأثير تجربة الغربة على الكتابة؟
طالما كانت الغربة الحافز والمشجع على الإنتاج الأدبي لأي كاتب، فكيف إذا كانت ظروف البلدين لبنان حيث ولدت ونشأت، والعراق حيث أنتمي، كلاهما عاشا مخاضا عسيرا من ناحية الحرب والدمار، وبالتالي كان الأثر مشابها إلى حد ما من حيث البيئة والتداعيات الاجتماعية والثقافية، غير أني حاولت أن أخلع سمة السلبية عن كتابتي وحلقت بعيدا في سماء العشق من خلال روايتي، آملة أن تحمل نسمات لطيفة لقلوب كل العاشقين أينما وجدوا.
سبوتنيك: كيف ترين تأثير الأوضاع الراهنة في المنطقة على الإبداع والمبدعين؟
لا شك أن الأزمات السياسية التي عصفت بالمنطقة منذ عدة سنوات، كان لها تأثيرات كبيرة على كل النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وبالتأكيد الأدبية. وفي رأي لقد عادت إلى الواجهة بقوة ما يعرف بالأدب السياسي، وتحديدا الإسلامي بعدما تصاعدت حركة ما يعرف بـ"الجهاد الإسلامي" وتأثيره على الساحة العربية، ويبدو هذا طبيعيا لأن الأدب والفكر هما مرآة دائمة لما تمر به المجتمعات من تحولات على كل الأصعدة.
سبوتنيك: هل ترين أن صوت الرصاص حل محل صوت الشعر والأدب؟
ربما في المراحل الأولى للأزمة السياسية التي ضربت بعض الدول العربية، انكفأت الأصوات الأدبية، لأنه لم يكن من المنطقي أن يحيا في ساحة ملتهبة سياسيا وعسكريا، إلى أن تم استيعاب الصدمة، وبات الكتاب قادرون على التعبير والتوقع بشكل منطقي يحاكي الواقع العربي الجديد.
بالنسبة إلى روايتي"حتى آخر العشق" لم أواجه صعوبات تذكر في نشرها نظرا إلى كونها تنتمي إلى النمط الروائي الأدبي، وليس لها أي صلة بالسياسة وتعقيداتها وبالتالي يمكن أن تنشر في جميع الدول العربية دون "فيتو".
سبوتنيك: ما هي الرواية الأقرب إلى منال الربيعي؟
رأيتُ الكثير من الروايات مؤخرا، ولكن لا زلتُ أعيش في زمن "قواعد العشق الأربعون"، للكاتبة التركية أليف شافاك، ربما النمط الصوفي يضفي سحرا خاصا بالتعبير عن الحب، بطريقة لا يمكن تجاوزها بسهولة.
سبوتنيك: لماذا تبتعدين عن الحديث عن السياسية، هل يمكن أن ينفصل المبدع عن واقعه السياسي؟
مهما ابتعدنا عن السياسة، نجد أنفسنا في خضمها، وتحديدا في عالمنا العربي حيث يشكل الواقع السياسي، عاملا مؤثرا على كل مستويات المعيشة وربما هذا هو الفارق مع الغرب، حيث لا تمس الثوابت الوطنية مهما تغير الواقع السياسي فيها، أما بالنسبة لي فقد فضلت التصدي للواقع الاجتماعي وتحديدا قضايا المرأة الشائكة التي تستلزم جهدا مضاعفا على كافة المستويات.
سبوتنيك: بما إنك عراقية وتعيشين في بيروت ما الذي يشغلك طوال الوقت العودة أم تحقيق الذات؟
لم أشعر يوما واحدا أنني غريبة أو مقيمة خارج بلدي العراق، لأن لبنان كانت الحاضنة لي في الأمومة والطفولة، ولا ترتبط عودتي للعراق بأي مانع سوى الظروف العائلية التي فرضت وجودي بالقرب منهم، ولكن يبقى العراق، بالنسبة لي الوطن والقلب.
سبوتنيك: كيف تغير الحروب الهويات الثقافية في المنطقة العربية؟
الكتابة في زمن الحرب مسؤولية، كبيرة تقع على عاتق الكاتب لأنها يمكن أن تعدل المزاج العام أو بالأحرى توجهه، لأن تأثير الإعلام وخاصة في عصر مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح كبيرا جدا والدليل سقوط أنظمة واندلاع ثورات من خلال هذه الوسائل.
سبوتنيك: الكتابة عن العشق والغرام في ظل الظروف الراهنة قوبل بالترحيب أم بالسلب؟
بالنسبة لروايتي، اعتبرها أجمل ما حصل معي مؤخرا، وهي بمثابة عصارة تجربة عملية في مجال الإعلام والأدب، لم يكن من السهل أن تختار الكتابة في العشق والغرام، وعالمنا العربي يأن تحت ضغط الأزمات الكبيرة، ومن هنا كان لها الأصداء الإيجابية والجميلة كونها شكلت فسحة جميلة يتنفسها القارئ، خاصة أن العشق لا يمكن أن ينتهي مهما طال الزمن، لأنه حاجة إنسانية يحملها أغلب الناس بالفطرة.
سبوتنيك: هل يعد العمل الإعلامي عقبة في كتابة الرواية التي تحتاج لمزاج خاص؟
موضوع كتابة الرواية بحد ذاتها تحدي كبير في الظروف السياسية القائمة في عالمنا العربي الذي شهد تغييرات جذرية على كافة الأصعدة، ومنها الثقافية والأدبية، كما أن مزاج قراءة الكتب بشكل عام قد خفت، نظرا لتقدم وسائط التعامل التكنولوجي الذي أثرا بشكل كبير على صناعة الكتب. ورغم كل هذه التحديات أرى بصيص نور من خلال وصول بعض الكتاب العرب إلى حدود العالمية وفوزهم بجوائز في المسابقات العالمية أيضا.
ولعل دخولي عالم الرواية من البوابة الإعلامية قد جعل تجربتي أكثر سلاسة انسيابية وقدرة على التعبير وهي من سمات العمل الإعلامي.
بطاقة تعريفية:
منال الربيعي هي إعلامية لبنانية من أصل عراقي، مارست العمل الإعلامي بمجالاته المختلفة، عملت مقدمة أخبار وبرامج سياسية لمدة 5 سنوات في إحدى الفضائيات العراقية، ونالت عددا من الجوائز الأدبية والإعلامية، اختيرت سفيرة للإعلام العربي في لبنان عن عام 2017، حاصلة على عضوية البورد البريطاني للتدريب والاستشارات، والدرع الفرعوني من المركز الثقافي المصري للتدريب.