رغم النداءات ورغم كل محاولات الدولة السورية لتجنيب مناطق ريف حمص الشمالي المواجهة يتضح أن أغلب الميليشيات الإرهابية المسلحة حتى اللحظة مصرة على رفض الاتفاق الذي تم إبرامه لخروجهم من هذه المناطق ما يعني أن الدولة السورية قد تكون مضطرة للتعامل مع هذه المتغيرات بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع الغوطة الشرقية ودوما وبعض المناطق الأخرى.
ينص الاتفاق على:
أولا: تسليم الإرهابيين السلاح الثقيل والمتوسط والعتاد والذخائر خلال مدة أقصاها يومين من تاريخ توقيع الاتفاق
ثانيا: إخراج جميع الإرهابيين الرافضين للتسوية مع عوائلهم إلى جرابلس وإدلب خلال ثلاثة أيام، وتسوية أوضاع المسلحين الراغبين بالتسوية
ثالثا: دخول الجيش العربي السوري إلى المنطقة وعودة جميع مؤسسات ودوائر الدولة إليها
رابعا: فتح الطريق الدولي (حمص — حماة) خلال مدة ثلاثة أيام اعتباراً من توقيع الاتفاق ويتم تأمين الطريق من قبل الجيش العربي السوري.
لكن التساؤلات التي تطرح نفسها هنا:
المضمون العام لهذا الاتفاق وبما يختلف أو يتشابه مع الاتفاقات السابقة في مناطق أخرى من الجغرافيا السورية ؟
لما كل هذا الإصرار والتعنت من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة لمنع تطبيق الاتفاق وهي تعلم علم اليقين أن الجيش السوري قادر على اتخاذ زمام المبادرة واقتحام هذه المناطق وتحريرها بأسرع من أي وقت مضى؟
ما مصير المدنيين في حال كان الخيار الأخير هو عملية عسكرية واسعة ؟
هل سنرى سيناريوهات دولية على الحامل الإنساني ودعاية الكيماوي كما جرى في الغوطة؟
ماهي الأهمية الاستراتيجية لتحرير هذه المناطق من الناحية العسكرية الميدانية وما انعكاساتها على تدعيم الموقف السياسي السوري في المفاوضات على مختلف المنصات وتقاطعها مع مناطق خفض التصعيد؟
وماذا بعد إخلاء المنطقة الوسطى من الإرهابيين، أو إلى أين الوجهة الميدانية للجيش السوري؟
بهذا الصدد يقول الخبير العسكري الاستراتيجي العميد الركن هيثم حسّون:
وأشار العميد حسّون إلى أن:
"المجموعات الارهابية المسلحة وافقت على الاستسلام ضمن الشروط التي حددتها الدولة السورية، والخلافات الآن هي خلافات ضمن الفترة التحضيرية، وعند بدء التنفيذ لن يكون هناك أي قدرة لأي تنظيم إرهابي في تلك المنطقة على رفض الانصياع لشروط الاتفاق لأنهم يعلمون جيداً من خلال الخبرة ومن خلال ما حصل في القلمون الشرقي وفي الغوطة ومناطق أخرى بأن الجيش السوري سوف يقوم بالقضاء على أي قوة عسكرية إرهابية ترفض الانصياع لشروط الاتفاقات، والأمر الآخر أن البيئة السكانية في تلك المنطقة بعد أن شهدت أن هذه المجموعات الإرهابية غير قادرة على أي مواجهة أجبرت قادة هذه التنظيمات الإرهابية على الرضوخ لشروط الدولة السورية وهم بطبيعة الحال أبناء المنطقة لتجنيب المنطقة خوض عملية عسكرية يعلمون أنها خاسرة بنسبة كبيرة".
وأردف العميد حسّون:
في المبدأ أعتقد أن السيناريو الذي سيحصل في المنطقة الوسطى هو مشابه تماما للسيناريو الذي حصل في القلمون الشرقي، أي عملية استسلام بعد توجيه إنذار وبعد قبول هذا الإنذار من قبل المجموعات الإرهابية، التي لم تستسلم لأنها أدركت بأنها أخطأت وإنما لأنها تعلم تماماً بعدم قدرتها على خوض أي مواجهة عسكرية لأنه سيقضى عليها فيها.
في حال لم يتم هذا السيناريو الذي يبدو أننا نسير باتجاهه، فإن عمليات الحشد من قبل الجيش العربي السوري استكملت من أربع محاور، وعندها ستكون عملية عسكرية لن تستغرق الوقت الكثير لأن هذه المنطقة بطبيعتها الجغرافية والعمرانية تشبه إلى حد كبير الغوطة الشرقية وتعطي الجيش العربي السوري القدرة على المناورة والتعامل مع المناطق السكنية وتدمير القدرات العسكرية في تلك البلدات، ولكن أعتقد أننا لن نصل إلى هذا السيناريو.
وأضاف العميد حسّون:
المنطقة الوسطى هي آخر بؤرة إرهابية في الداخل السوري في كل الجغرافيا السورية، وعندما يتم تحرير هذه المنطقة ستكون كل مناطق الداخل السوري محررة ليتم الانتقال فيما بعد إلى الجبهات الأخرى وخاصة الجبهة الشمالية والجنوبية، والعمل التالي أعتقد أنه سيكون في المنطقة الشمالية في إدلب.