وكانت رئيسة الحكومة البريطانية، تيريزا ماي، قد تقدمت باعتذار رسمي إلى عبد الحكيم بلحاج وزوجته الحامل حينها، فاطمة بودشار، على خلفية اختطافهما ونقلهما إلى سجون العقيد الليبي، معمر القذافي، عام 2004.
وأعلن النائب العام البريطاني، جيرمي رايت، في خطاب أمام مجلس العموم البريطاني أن ماي قررت صرف تعويض إلى فاطمة بودشر يصل إلى 500 ألف جنيه إسترليني.
وتحدثت الصحيفة البريطانية عن أن ذلك الاعتذار، كان بمثابة "إقرار" من الحكومة البريطانية بتورطها "حكوميا" و"استخباراتيا" في عمليات "قذرة" مع نظام العقيد الراحل، معمر القذافي.
وأشارت إلى أن "عاصفة الاعتذار" دخلت إلى أروقة مجلس العموم البريطاني، حيث طالب نواب من حزب المحافظين، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، ليس مجرد تقديم "الاعتذار" بل توضيح إلى أي مدى وصلت العلاقات بينه وبين القذافي.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن مصادر استخباراتية أكدت لها تورط جهاز الاستخبارات البريطاني "إم آي 6" والاستخبارات الأمريكية "سي آي أيه" في عملية اختطاف بلحاج وزوجته من تايلاند، ونقلهما سرا، إلى سجون القذافي، حيث تعرضا إلى التعذيب، بسبب معارضتهما لنظام العقيد الراحل.
وأوضحت الصحيفة أن:
تلك العملية تم تنفيذها بصورة مشتركة بين الاستخبارات البريطانية والأمريكية، حيث تم اختطاف بلحاج وزوجته من بانكوك، وهما في طريقهما إلى أوروبا، ثم تم نقلهما إلى ماليزيا، ومنها إلى السجون الليبية.
وكانت الاستخبارات البريطانية والأمريكية تلاحق بلحاج، بسبب تزعمه جماعة إسلامية، كانت تصنف بالمتطرفة، وتعارض القذافي.
لكن مصادر استخباراتية أكدت للصحيفة أن عملية الاختطاف كانت بمثابة "ترضية سياسية" للقذافي، الذي كان يسعى لإسكات تلك المعارضة الخارجية له.
أيادي بريطانية أمريكية
وكشفت بودشار في مقالها أن "أسوأ تعذيب" لم تتعرض له في سجون القذافي، ولكن كان يد عملاء "سي آي أيه" في تايلاند.
واتهمت زوجة بلحاج، جينا هاسبل، المرشحة لرئاسة الاستخبارات الأمريكية، بأنها كانت الضابطة المسؤولة عن تعذيبها في تايلاند.
وقالت فاطمة بودشار في مقالها:
"الأزمة هنا، كيف يمكن لشخصية شاركت في عمليات تعذيب أنا متأكدة منها، لأني تعرضت لها شخصيا، أن تتولى منصب بتلك الأهمية، هل يمكن أن تكرر ما فعلته في 2004، حال طلب منها ترامب (الرئيس الأمريكي) ذلك؟".
أما عن كواليس التعذيب الذي تعرضت له، قالت بودشار:
"لم تكن لدي فكرة كم المدة التي قضيتها في السجن السري، لأنهم حرموني من النوم، وكانت الزنزانة بيضاء وقاسية، وليس فيها سوى كاميرا وحلقات حديدية على الجدار، وكان ينتظرني المختطفون المقنعون، حيث ربطوني بتلك الحلقات، ولأنني كنت في منتصف حملي، كنت بالكاد أستطيع الحركة أو الجلوس".
وتابعت قائلة: "ضربوني على بطني حيث الجنين، ولتحريكي فإنهم ربطوني على حمالة من رأسي إلى قدمي كالمومياء، كنت متأكدة أنه سيتم قتلي قريبا".
ومضت بقولها:
"بعد أن قضيت عدة أسابيع في السجن الليبي قام جنود تابعين للقذافي بجلب سرير إلى الزنزانة، وكنت مريضة جدا، وقلت لنفسي إن عشت فسألد في هذه الزنزانة القذرة".
واستطردت "قبل ولادتي بفترة قصيرة أطلقوا سراحي، وكانت ولادتي صعبة، وعشت أنا وابني في خوف في ليبيا لسنوات، وبقي زوجي في السجن حتى عام 2010، وقد عذب ببشاعة، ونحن نعيش الآن في اسطنبول مع عائلتنا".
وكانت تقارير عديدة قد أشارت إلى علاقات القذافي "السرية" مع عدد من قادة أوروبا وأمريكا، كان أبرزهم تقارير تحدثت عن علاقات جمعت بينه وبين توني بلير ونيكولا ساركوزي.
وخضع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لتحقيق رسمي بعد توجيه اتهامات إليه بمزاعم تلقيه أموالا من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي لتمويل حملته الانتخابية.
كما قال سيف الإسلام في حواره مع "أفريقيا نيوز": "السنوسي لديه تسجيل كامل لأول اجتماع بين ساركوزي والقذافي في طرابلس، قبل حملته الانتخابية عام 2007".
وتابع " "يمكن أن أقدم شهادتي أنا أيضا، خاصة أني كنت شاهدا على تقديم الجزء الأول من الأموال إلى رجل حملة ساركوزي كلود غوانت، في طرابلس".
وفي المقابل ينفي ساركوزي بشكل متكرر ارتكابه مخالفات، ووفقاً لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، قال ساركوزي: "كيف يمكن اتهامي بتفضيل مصالح الدولة الليبية وأنا من حصل على تفويض من الأمم المتحدة لضرب الدولة الليبية بزعامة القذافي ومن دون انخراطي السياسي لكان هذا النظام مازال قائماً".