مجتمع

الشاعرة هدى أشكناني: الكاتبات الكويتيات تمردن على الواقع الذي يسيطر عليه الرجل دون المرأة

بدأت بكتابة القصة وتركتها من أجل الشعر، تكتب النثر وتعتمد على التكثيف وعبق وعمق الجملة، لها فلسفتها الخاصة وخطها الكتابي الذي يميزها دون غيرها، وفازت بجائزة شعرية كبيرة دون أن تقدم فيها، هي الشاعرة الكويتية هدى أشكناني أحد أبرز الأقلام العشرية الكويتية الشابة... إلى نص الحوار
Sputnik

سبوتنيك: بداية ما الذي مثلته لك المجموعة الأولى "سماء تبحث عن غطاء" ومضمونها ؟ 

صدرت المجموعة الأولى في عام ٢٠١١، وكانت نقلة حقيقية بالنسبة لي، خاصة أن قصيدة النثر تعد شكلا مستحدثا في الكويت والخليج بشكل عام، وإصدار المجموعة تحد جديد، لإبراز صوت شعري نسائي بعيدا عن الاحتكار لأسماء محددة.

وجاءت المجموعة ككل المجموعات الشعرية الجديدة، تتمحور حول الذات وعلاقتنا بالآخر، لكنها بلغة رمزية معتمة، ومشاهد سريالية مكثفة، إلا أنها عبرت عن المكنون الذي أردت له أن يصل.

سبوتنيك: ما هي الانتقادات التي وجهت للمجموعة الأولى كونها  تتحدث عن الذات؟ 

الانتقادات التي وجهت للمجموعة كانت في الأغلب حول اللغة، والرمزية الموحشة، وهو الأمر الذي اعتبره النقاد أحد الأخطاء التي يقع فيها الشعراء الشباب، خاصة أنهم يرون أن الشعر للجميع، ولا يجب تقديمه لفئة محددة، ولذا كان لا بد أن تكون اللغة أكثر بساطة مما هي عليه في المجموعة ككل حسب رأيهم.

سبوتنيك: وفيما يتعلق بالمجموعة الثانية "كنت أعمى" ما سر اختيار الاسم؟ 

صدرت المجموعة الثانية في ٢٠١٣، وجاءت في ذروة الربيع العربي، وكان اختياري للعنوان من هذا الواقع، حيث أنني أخاطب فيه الآخر "كنت أعمى" أيها العامل/الفلاح/القاضي/الرئيس/الإنسان.. كنت أعمى أيها القلب…

حاولت تقديم نصوص مختلفة توضح وضع الإنسان الجدلي الذي يعتقد أنه قد فهم الحياة بشكلها الصحيح، لكنه يكتشف أن كل ما عرف عنها كان وهما، وهو بذلك كان أعمى.

سبوتنيك: قلتي إنك لم تقدمي في مسابقة الشعر العالمي بإيطاليا ولكنك فزتي بها كيف حدث ذلك؟

صحيح، هي مسابقة سنوية تعنى بالشعر، وقد تمت مشاركتي دون علمي، كنت قبلها قد شاركت في مهرجان "شعر على البحيرة" في مدينة أورتا الإيطالية، وقد لاقى النص استحسان الحضور، وكان من بينهم معلمة إيطالية كانت قد أخبرتني بإعجابها بالنص، وأنها تود أن أرسله لها عبر البريد الإلكتروني، وفور عودتي للكويت أرسلته لها، حتى  فوجئت في يوم الشعر العالمي ٢٢ مارس / آذار برسالة تؤكد فوزي بجائزة "شعر الشعوب". 

سبوتنيك: هل ترين أن مستقبل قصيدة النسر أصبح له مكانة كبرى خاصة بشأن التكثيف؟ 

فيما أظن أن الشعر ما زال محتفظا بوجوده في الساحة الأدبية، رغم مكانة الرواية الآن، وحول قصيدة النثر أعتقد أن هذا النمط الشعري هو السائد في هذه المرحلة على الأقل في أنحاء العالم، أما أسلوب التكثيف لا أجده منتشرا بكثرة، لأنه يحتاج لجهد مضاعف، في الفكرة والأسلوب واللغة.

سبوتنيك: بدأتي بكتابة القصة وحصلتي على المركز الأول بإحدى المسابقات بالكويت فلماذا لم تكملي؟

رغم فوزي بالمركز الأول في القصة القصيرة، لكني لم أجدني فيها، كنت أبحث عن أنماط كتابة مختلفة عن السائد، لا أتقيد معها بعناصر محددة، فاتجهت للشعر، وكونت لي خطا مختلفا وأسلوبا مغايرا يشبه تطلعاتي.

سبوتنيك: هل كان لمحمود درويش تأثير في بداياتك؟

حتما، لا بد لدرويش أن يكون حاضرا سواء في القراءة أو الأسلوب، كان أول تعارف بيني وبين الشعر من خلال درويش، أسرتني لغته، والرمزية العالية، موسيقى النص وهو ما بدا واضحا في مجموعتي البكر.

سبوتنيك: هل تقرأين الفلسفة ولمن وهل تتفقي أن الشاعر هو فيلسوف أيضا؟ 

تهمني الفلسفة كثيرا، واهتم بشكل كبير بالوجودية والإنسان، وأقرأ لسارتر وهايدغر.

العلاقة بين الشعر والفلسفة علاقة أزلية، وأظن أن التداخل بينهما كبير جدا، لذا تجد أن الشاعر يمكن أن يكون فيلسوفا ويعبر عن القضايا الكبرى التي تشغله كثيرا في رحابة هذا الكون.

سبوتنيك: كيف ترين مكانة المرأة الكويتية في الأدب؟

حظيت المرأة الكويتية بمكانة كبيرة في الأدب، وهناك أسماء عديدة استطعن أن يبنين هذا الصرح الأدبي وتساهمن في وجوده، وهو الأمر الذي تسير عليه الكاتبات الشابات الآن، والفضل الأول لهن فهن من تمردن على الواقع المجتمعي الذي يسيطر عليه الرجل دون المرأة، وناضلن من أجل إثبات وجودهن، واستطعن أن يصلن لهذه الدرجة من العلو المشرف للأدب الكويتي.

سبوتنيك: قلتي سابقا إنك لا تقرأين الرواية هل كان هذا السبب وراء انقطاعك عن كتابة القصة؟

الرواية مهمة وهي أحد أشكال الأدب، لكني أعتقد أننا في هذا الزمن المتسارع، لا نحتاج إلى رواية، بل لشعر، لنص مفتوح، لشكل أدبي جديد يختصر الحقائق والأفكار دون الولوج في هندسة كتابية ممتدة. حفاظا على الوقت والجهد. 

سبوتنيك: كيف ترين انعكاس الواقع العربي على الأدب؟

الكاتب بشكل عام يتأثر بما حوله، ومن الطبيعي أن تكون معظم الكتابات من الواقع المجتمعي الذي نعيش وسطه. 

لئلا يكون الكاتب خارجا من دائرة الواقع وبعيدا عن الحياة الحقيقية.

سبوتنيك: الديوان الجديد هو باب للحب "بابان للألم" حدثينا عن عالمه؟

مجموعة جديدة ستصدر قريبا، وهي نتاج الألم والموت الذي نشترك به جميعا كوننا المسؤولين، حول ما يحدث من دمار وحرب وموت وقتل وانهيار.

سبوتنيك: هل ترين أن الصحافة تخصم من رصيد الكتابة الإبداعية أم العكس؟

العمل الصحفي، عمل شاق لكنه لذيذ، وأنا أحببت العمل في الصحافة رغم أنها تكتب بلغة صحفية ومتداولة بعيدة عن الإبداع، لكنها لا تؤثر بشكل واضح على الإبداع الكتابي، إذا ما عرف الصحفي كيف يفصل بين الحالتين.

سبوتنيك: كيف تتعاملين مع النقاد سواء من يذمون أو من يمدحون؟

يهمني رأي النقاد حول أعمالي، وهي خطوة مهمة للتجديد والتطوير، لكني لا أتعامل مع أي منهما سواء المدح أو الذم، بل أكتفي بالصمت والعمل بهدوء بعيدا عن هذا الصخب.

سبوتنيك: هل ترين أن حصد الجوائز يعد تعبيرا عن قوة الكاتب؟

الجوائز لا تعتبر قوة للكاتب، لكنها تعد دعما كبيرا له، لاستكمال مسيرته الأدبية، وهي اعترافا دوليا وشهادة إبداعية حول منجزه الأدبي.

 

سيرة ذاتية

ولدت الشاعرة هدى أشكناني في الكويت عام 1986، وتخرجت من جامعة الكويت عام 2008 / 2009 ثم عملت معلمة مادة اللغة العربية للمرحلة الابتدائية، إضافة إلى عملها في مجال الصحافة محررة للشأن الثقافي في جريدة الطليعة الكويتية. 

حائزة على جائزة أصوات من العالم للشعر بمن مدينة تريجيو الإيطالية عام 2012 وجائزة الشعر الأولى بمسابقة الأنشطة الثقافية في جامعة الكويت عام 2006، أصدرت ديوانين شعريين هما: "سماء تبحث عن غطاء" في بيروت عام 2011 ونال الكتاب استحسانا نقديا واسعا وكتبت عنه مراجعات عديدة وفي عام 2013 أصدرت كتابها الشعري الثاني بعنوان "كنتَ أعمى". ترجمت بعض قصائدها إلى الإنجليزية والفرنسية.

وفازت بجائزة "شعر الشعوب" الدولية للشعر من مركز الأدب الإيطالي في أول مشاركة خليجية في هذه الجائزة العالمية الخاصة بتعزيز الأخوة وحماية السلام لعام 2018.

أجرى الحوار / محمد حميدة

مجتمعثقافةالأخبارآراءحواراتالشعرالشعراءأخبار الكويت اليوم
مناقشة