كيف أطربت ميادة الحناوي أرواح العاشقين على مسرح قلعة حلب

هو عيد ليس ككل الأعياد، إنه الأول من شهر آب/أغسطس عيد أولئك الذين ضحوا بدمهم في سبيل أن تبقى هذه الأرض شامخة عصية فليس هناك من كلمات تستطيع أن تفي كل هذا العطاء وتلك التضحية، إنه عيد الجيش العربي السوري صفحة من صفحات الأحزان قد طويت وجانب مشرق من الحياة كتب لأبناء حلب أن يشهدوه.
Sputnik

لطالما كان قد انتظر هذا الحفل آذان عشقت الموسيقى العربية الأصيلة وتمسكت بها رغم كل محاولات "التطوير" والتغيير التي انتشرت في عصرنا الحالي.

ساعات من الطرب الأصيل أثمرت نشوة روحية سمت بالحاضرين إلى فضاءات من التفكر والتأمل بعظمة هذا اللحن وجمال تلك الكلمة. فهذا لحن للموسيقار الراحل بليغ حمدي وتلك قصيدة للشاعر عمر بطيشة ساعات طربت بها آذان الحاضرين وهامت فيها أفئدتهم بأغان تحمل الذوق الرفيع.

مشهد جوي هام للحفل .. ومسرح قلعة حلب

الموسيقى في حلب

— لم يعتد الحلبيون الأصلاء إلا سماع الجملة الموسيقية القوية  لذا فلم يعد اللحن السريع يلامس أوتار الروح والفؤاد، كما ولم تعد الكلمات الدارجة ترسم لوحات من الخيال والصور، فتلك المدينة الجميلة مازالت ساحاتها ومسارحها ترحب بجميع الفنانين السوريين والعرب، إلا أن (قلعة حلب العريقة) لا يليق بعظمتها إلا الكبار معان ودلالات عديدة تحمل بين سطورها عمق المحبة وصدق الإحساس للوطن وأبنائه في آن واحد.

فتحت رعاية من وزارة السياحة السورية جاء الحفل بأغان تراثية وقدود حلبية قدمها الفنان "إبراهيم فارس" نجل الفنان القدير محمود فارس، حيث نال غناؤه إعجاب وتصفيق الجماهير الحلبية المتعطشة لهذا اللون خصوصا عندما افتتح فقرته الغنائية بالأغنية الشهيرة "حلوة يا بلدي" الأغنية التي تفاعل من خلالها المسرح والحاضرين حبا وانتماء وعشقا لهذا الوطن وتلك الأرض.

"أنا مخلصالك.. مخلصالك حبيبي أنا"

مع تلك الكلمات ابتدأت الفنانة القديرة ميادة الحناوي حفلها الجماهيري على مسرح القلعة التي عشقت فجاء المعنى موصل بإخلاصها لتراب تلك المدينة التي غابت عنها جسدا وبقيت روحها معلقة بحجارة قلعتها العريقة التي عانقت سطور التاريخ. وخلال تصريح صحفي قالت "الحناوي":"شرف لأي فنان يعتلي هذا المسرح، الغناء على مسرح قلعة حلب الشامخة وأمام جمهورها العظيم، فعلى الرغم من الحفلات العديدة لي على مسارح قرطاج وجرش وبعلبك يبقى للقائي بأهلي و(السميعة) رقم واحد في العالم وقع وجداني فريد، خاصة حين يتزامن الحفل مع عيد الجيش العربي السوري البطل "

وأضافت معرجة: "شرف كبير لي أن اغني احتفالا بالانتصارات العظيمة، وعودة الحياة لبلادي ومدينتي حلب".

باقة من الأغاني القوية موسيقياً والمحببة لقلوب الحلبيين قدمتها (مطربة الأجيال) منها أغنية "هي الليالي كده" من مقام الرست الموسيقي، وأغنية " نعمة النسيان " من مقام الصبا، وأغنية "أنا بعشقك" من المقام البياتي إضافة أغان عديدة خلدت في ذاكرة الموسيقى العربية الأصلية.

وفي ذات الوقت أبدعت الفرقة الموسيقية الحلبية بقيادة الفنان "حمدي أسعد الشاطر" الذي أشار في تصريح صحفي بما يلي: " فخر لي أن أكون بين قلعتين قلعة حلب و قلعة الغناء الحلبي ميادة الحناوي، فعلى الرغم من كثرة البروفات التي قمنا بها إلا أنني سعيد اليوم بأن تكون صدى أوتارنا تليق بتلك القلعتين".

من جهته أكد مدير السياحة بحلب المهندس باسم الخطيب أن تلك الفعاليات لم تكن لتأت لولا سواعد أبطال ضحوا و سهروا حتى ينتصر هذ الوطن وتعم الأفراح على أراضيه، فاليوم ها هي قلعة من قلاع الفن والغناء العربي تعتلي مسرح قلعة حلب تزامنا مع عيد الجيش العربي السوري الذي صنع الانتصار.

الفنانة ميادة الحناوي

ساعات طربت بها حجارة القلعة القديمة بأغان خلدت في ذاكرة الحجارة والإنسان.

((فهل من الممكن أن نرى خلودا مستقبلياً لإغانٍ أطلقها مطربو الجيل الجديد..؟))

وحدها السنوات القادمة كفيلة أن تحمل لنا الإجابة.

من الجدير ذكره أن الفنانة ميادة الحناوي ولدت في مدينة حلب السورية عام 1959 وصنفت في الصف الأول بين مطربات الوطن العربي حيث أعاد اكتشافها الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب عندما استمع إلى صوتها في إحدى سهراته في منطقة بلودان السورية.

كما عملت مع كبار الملحنين المصريين كان في مقدمتهم الفنان محمد الموجي إضافة إلى محمد سلطان وحلمي بكر، إلا أن انطلاقتها الكبرى كانت مع الموسيقار الراحل بليغ حمدي.

ميادة الحناوي ذلك الاسم الذي لم تتسع مدرجات قلعة حلب أن تحتضن عاشقيه ليبقى المئات من المواطنين محتشدين أمام مدخل قلعة حلب كونها ليست مطربة جيل واحد فحسب بل مطربة (الأجيال) خصوصا أنها عاصرت ثلاثة أجيال من الملحنين العرب منهم:

الجيل الأقدم المتمثل برياض السنباطي والجيل الثاني المتمثل بمحمد الموجي وبليغ حمدي وسيد مكاوي والجيل الثالث من الملحنين الشباب المتمثل بعمار الشريعي وصلاح الشرنوبي وفاروق سلام.

 

مناقشة