لكن الأمر تغير تماما عندما نشرت كندا التغريدة باللغة العربية، فقد احتجت الخارجية السعودية بشدة على التصريحات الكندية واعتبرتها موقفا يعكس "تدخلا صريحا وسافرا في الشؤون الداخلية للمملكة ومخالفا لأبسط الأعراف الدولية وجميع المواثيق التي تحكم العلاقات بين الدول".
واعتبرت المملكة السفير الكندي "شخصا غير مرغوب فيه" وطلبت منه مغادرة البلاد خلال 24 ساعة.
واستهجنت الخارجية السعودية مطالبة كندا "بالإفراج الفوري" عن الموقوفين. وقالت إن استخدام هذه العبارة "مؤسف جدا"، مضيفة أنه "أمر مستهجن وغير مقبول في العلاقات بين الدول".
وأعلنت أيضا "تجميد كافة التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة بين المملكة وكندا". وأشارت إلى "احتفاظها بحقها في اتخاذ إجراءات أخرى".
فوجئ المسؤولون في الشؤون الخارجية الكندية، بمن فيهم وزيرة الخارجية كريستيا فريلاند، برد الفعل السعودي، وتجمعوا في فندق في فانكوفر لعقد مؤتمر في هذا الشأن، وفقا لرويترز.
"رد الفعل السعودي جاء سريعا ومفاجئا، ما ترك المسؤولين الكنديين في حيرة من أمرهم، إذ لم تكن أوتاوا تتوقع أنها تجاوزت بذلك خطا سعوديا أحمر، فقد أشعلت هذه التغريدة غضب المسؤولين السعوديين أكثر من غيرها"، وفقا لما نقلته وكالة رويترز عن مصادر خليجية.
إذًا، لماذا غضبت السعودية من التغريدة العربية دون الإنجليزية؟
يقول مصدر لرويترز، اشترط عدم الكشف عن اسمه بسبب حساسية القضية، إن "المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان كانت تناقش (بين البلدين) عبر القنوات المعتادة، إلا أن التغريدة العربية كانت كسرا للمعايير والبروتوكولات الدبلوماسية".
وتقول الوكالة: لم توضح المصادر بالضبط كيف كسرت التغريدة قواعد الدبلوماسية، لكن الخبراء الإقليميين قالوا إنها كانت رسالة موجهة إلى الجمهور المحلي وهو ما أثار غضب المسؤولين السعوديين.
ومع ضغط كندا في هذه القضية، "استغرق الانتقام السعودي بعض الوقت للسماح بإجراء محادثات سياسية في الأبواب المغلقة" وفقا لما يقوله سلمان الأنصاري، مؤسس لجنة العلاقات العامة الأمريكية السعودية في واشنطن، مضيفا: "لقد اعتقد السعوديون أن الكنديين سيتراجعون، لكنهم فوجئوا بأنهم نشروا التغريدة بالعربية. كان هذا عملا استفزازيا يحرج السلطة أمام الشعب، وهو ما لا يتهاون معه النظام الملكي".
وبحسب الوكالة قال مصدر مطلع، طلب عدم ذكر اسمه، إن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيرته الكندية، وناقش معها التغريدة العربية، لكن المسؤولين الكنديين قالوا إنه ليس هناك جديد حول التغريدة، التي تكرر فقط موقف أوتاوا المعلن.
وقال توماس جونو، الأستاذ المساعد والخبير في شؤون الشرق الأوسط بجامعة أوتاوا، إن "الأمر لا يتعلق بكندا ذاتها، بقدر ما يتعلق بالمملكة العربية السعودية التي تريد إرسال رسالة حاسمة إلى جيرانها، وديمقراطيات أخرى، بأن التدخل في شؤونها خط أحمر".
يقول مسؤول سعودي: "كندا ما زالت حتى الآن، جاهلة بالخطوات التي يمكن أن تتخذها لإصلاح خطأها الكبير"، ويضيف مصدر في الحكومة الكندية: "لا أعتقد أن لدينا تفاهما حاسما حتى الآن (…) قد تكون هناك حاجة لاتصال آخر بين فريلاند والجبير، نحن نتحدث مع شركائنا حول هذا الموضوع. ولا نرغب في إقامة علاقات سيئة مع السعوديين".