ونشرت شبكة "دويتشه فيله" الألمانية تقريرا من داخل قطر، وصفته بأنه رصد للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في أعمال الإنشاء المرتبطة بكأس العالم لكرة القدم 2022.
وقالت الشبكة إنه توفي في مشاريع كأس العالم في قطر نحو 520 عاملا، وظلت أكثر من 300 حالة، عبارة عن وفاة غير مبررة من قبل السلطات.
ونقلت الشبكة عن نيكولاس مكجيهان، الخبير القانوني والحقوق التابع لهيومن رايتس ووتش، قوله: "انتهاكات الملاعب المرتبطة بالفيفا أكثر خطورة، لأن تلك المشاريع التي تشرف عليها اللجنة العليا للمشاريع والإرث القطرية، والتي وعدت بتوفير أعلى معايير الرفاهية للعمال، لكن تلك الحوادث توحي أن المقاولين لا يلتزمون حتى بالقوانين الأساسية".
وتابع
لا يمكنني تصديق أن السلطات القطرية تشعر بأنها يمكن إخفاء مثل تلك الانتهاكات، التفسير الأكثر معقولية أنهم شعروا أنه يمكن أن يهربوا من أي عقوبة.
وقالت "دويتشه فيله"، إنها عرضت مقاطع فيديو للعمال الذين يعملون في الفترات المحظور خلالها العمل في قطر على لجنة المشاريع والإرث القطرية، وقالت اللجنة إنه بالفعل محظور العمل في تلك الفترة، ووعدت بفتح تحقيق في تلك الوقائع".
وتابعت "نشعر بالقلق لرؤيتكم مثل تلك الوقائع في أماكن متعلقة بإنشاءات للمونديال، وسيقوم قسم رعاية العمال لدينا وفرق الصحة والسلامة وهيئاتها الإدارية، باتخاذ إجراءات تصحيحية وعقابية في حالة حدوث أي خرق لمعاييرنا أو القانون".
وأشارت "دويتشه فيله" إلى أنها أجرت مقابلات مع نحو 400 شخص على علاقة بتلك الإنشاءات سواء في مواقع قيادية أو عمال داخل قطر.
لكن "دويتشه فيله"، قالت إنه بعد وقت لم يسمح للشبكة بزيارة مواقع البنية التحتية المرتبطة بكأس العالم، بسبب ما وصف بـ"الإخطار المتأخر" من قبل المسؤولين القطريين.
عمليات التجميل
وقالت "دويتشه فيله" إن السلطات القطرية تسعى لإجراء "عمليات تجميلية"، لتظهر أنها توفر للعمال مختلف سبل الرفاهية.
وقالت: "العمال يتواجدون في مخيم "البرعا" لا يبتعد إلى 45 دقيقة بالسيارة عن استاد المدينة التعليمية، ورغم الشكل الجمالي الظاهري من مآذن صغيرة وجدران بيضاء، إلا في الداخل لن تجد إلا التراب وأعقاب السجائر، ولا يتقاضى إلا أجور زهيدة تبلغ 750 ريال قطري (200 دولار أمريكي).
ونقلت الشبكة ما وصفته بـ"معاناة" محمد أكرم ووسيم خان، العاملين الشابين من الهند، الذين يعملون كهربائيين في موقع مترو أنفاق السكك الحديدية قطر.
ونقلت الشبكة عن أكرم قوله: "لست على دراية بأي إصلاحات تتحدث عنها قطر، نحن نعمل في أغنى دولة في العالم لمدة 10 سنوات، باستثناء أنه تم استبدال الكابينة إلى مخيم ذي أرضية ملساء".
وتابع في تصريحاته لـ"دويتشه فيله": "نحن نبيت ليلتنا 7 في غرفة واحدة، وجواز سفري مع الكفيل لا يمكن أن أغادر البلاد من دون إذنه".
أما وسيم خان، فقال للشبكة: "سأحزم حقائبي وأعود للهند أنا مكثت هنا 6 أشهر فقط، لكن الحياة في المخيم لا تطاق".
وأضاف قائلا لـ"دويتشه فيله":
حياة الكلب أفضل في قريتي من حياتي، أنا هنا غارق في العرق كل يوم، أعمل في الجو الحار جدا حتى رأسي يدور، وأتشارك في غرفة واحدة مع 6 آخرين.
ردود قطرية
ورفض مدير تفتيش مخيم "البرعا" أن يرد على استفسارت "دويتشه فيله" عبر رسائل البريد الإلكتروني.
كما رد المتحدث باسم السكك الحديدية القطرية، قائلا "بدأنا فعليا في اتخاذ إجراءات تصحيحية".
وقالت وزارة التنمية الإدارية والشؤون الاجتماعية القطرية بدورها، إنها استحدثت سلسلة من التغييرات، بما في ذلك تحسن السكن وزيادة الأجور وتحسين الخدمات الصحية.
وقال جون هواميانبور، مدير مكتب منظمة العمل الدولية في الدوحة في تصريحات خاصة لـ"دويتشه فيله": "نعلم أن التغيير قادم".
لكن الشبكة، قالت في ختام التقرير،
رغم كافة الوعود القطرية، لكن خلال زيارة مراسلة "دويتشه فيله" إلى قطر، شاهدت وفاة عامل نيبالي يبلغ من العمر 23 عاما، توفي في إنشاءات ملعب الوكرة في قطر، وفقا لأحد المقاولين الرئيسيين، وأن سبب الوفاة سقط أثناء القيام بأعمال السقالات.
يذكر أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" سبق، واعتمد مقترحا بإقامة منافسات كأس العالم في فضل الشتاء من منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني إلى منتصف ديسمبر/ كانون الأول لعام 2022، تجنبا لحرارة الصيف القاسية في قطر.
يذكر أن تقارير صحفية عديدة حاصرت قطر الفترة الماضية، حول تورطها في مزاعم فساد، متعلقة باستضافتها كأس العالم 2022.
وكانت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية قد نشرت تقريرا، أكدت فيه حصولها على وثائق مسربة، تكشف عن حملة "عمليات سوداء" دبرتها قطر لتخريب خطط منافسيها في استضافة نهائيات كأس العالم 2022.
بدورها، أصدرت اللجنة العليا للمشاريع والإرث القطرية بيانا نفت فيه صحة هذه التقارير، وقالت: "ترفض اللجنة العليا كافة الإدعاءات التي تقولها صحيفة صنداي تايمز، لقد تم التحقيق معنا بشكل شامل، ووضعنا جميع المعلومات المتعلقة بعرضنا، بما في ذلك التحقيق الرسمي بقيادة المحامي الأمريكي مايكل غارسيا، والتزمنا بشكل صارم بجميع قواعد ولوائح الفيفا، بشأن عملية تقديم ملف استضافة كأس العالم".
وكانت الفيفا قد أعلنت، في ديسمبر/ كانون الأول 2010، فوز قطر بسباق تنظيم نهائيات كأس العالم 2022. وحينها كان بلاتر يقود الاتحاد الدولي لكرة القدم، وفتحت الفيفا بعد رحيل بلاتر تحقيقا حول احتمالية وجود شبهة "فساد" في حصول قطر على تنظيم المونديال، لكن تم إغلاق التحقيق من دون توجيه أي إدانة إلى الدوحة.