قال الوزير السوري علي حيدر في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" إن خصوصية إدلب تختلف عن باقي المناطق لجهة العدد الكبير من المسلحين هناك، وفيما يلي نص المقابلة:
بعد إنجاز تحرير المناطق إما عسكريا أو عن طريق المصالحات وضيق المساحة الجغرافية المتبقية كما أن خصوصية إدلب تختلف عن باقي المناطق لجهة العدد الكبير من المسلحين حيث كانت الملاذ الأخير للمسلحين كما أن إدلب يعدها التركي ساحة يحاول عدم التخلي عنها وبالتالي هناك مجموعة عوامل تعطل اليوم العمل البسيط وإنجاز المصالحات كما كانت في السابق.
مع ذلك لا نستطيع القول إنه لا يوجد باب للمصالحة مثل جميع المناطق على سبيل المثال ريف دمشق وحمص والجنوب ووادي بردى وجميع المناطق السابقة كان العمل يسير على اتجاهي المصالحات والعمل العسكري، وهذه القاعدة لازالت قائمة ولو أنه اليوم حتى هذه اللحظة العمل العسكري أرجح من المصالحات وذلك تبعا للخصوصيات آنفة الذكر.
التواصل مثل باقي المناطق الأخرى لا يكون مباشرة مع المجموعات المسلحة وقاداتها الذين هم بالأساس يرفضون أي عمل يقوم على المصالحة ولكن التواصل يكون مع المجتمع المحلي والمبادرات الأهلية والشعبية المنتشرة في المناطق التي يكون لهم دورا فاعلا وضاغطا فيها على المجموعات المسلحة لتحييد هذه المناطق من أن تكون ساحة اشتباك، هناك تواصل مع أهلنا داخل إدلب ولكن الجميع يعلم أن هناك حساسية عالية للحديث عن النشاطات التي تجري بسبب ما جرى خلال الفترة الماضية من اعتقال أكثر من 500 شخصية سورية داخل إدلب من قبل "جبهة النصرة" والجماعات المسلحة الأخرى بتهمة عملها في عملية المصالحة إضافة إلى اغتيال وتصفية آخرين.. لذلك الملف في درجة عالية من الحساسية يقارب بذلك ما كان قائما بريف دمشق والغوطة من حيث الكتمان والسرية ولكن العمل المعروف أن مركز المصالحات الروسي الذي له دورا اساسيا بالعملية يتكلم علنا عن التواصل مع بعض قادة المسلحين عبر دول أخرى كتركيا لمعالجة هذا الملف، وفي جميع الأحوال كل الجهود تصب في خندق واحد وهو تحرير إدلب الذي أصبح أمرا واضحا وقراره اتخذ منذ زمن.
سبوتنيك: هناك تواصل أيضا مع الأكراد لإنجاز مصالحة خاصة بعد زيارة وفد كردي إلى دمشق.. هل التقيتم معهم وما هي مطالبهم لإنجاز المصالحات؟
كان هناك لقاءات سابقة مع الأكراد وهي قديمة وليست جديدة..حتى أنني زرت القامشلي والحسكة ووصلت إلى عامودا والتقيت بعض الشخصيات الكردية.. اليوم طابع اللقاءات أخذ منحى آخر..لم يعد في إطار المصالحات والزيارات التي قامت بها بعض الشخصيات الكردية إلى دمشق والتقوا فيها بعض المسؤولين السوريين كانت في إطار الاطلاع على وجهات النظر لما يرغبون به.. ولكن لا نستطيع أن نتكلم حتى الآن عن بحث جدي يوصل إلى نتائج تفضي إلى حل المعضلة في الشمال الشرقي لأنه في الحقيقة كل بحث لإيجاد حلول متميزة عن باقي الحلول المطروحة على كامل المساحة السورية هو بحث مرفوض.. لا نستطيع أن نعطي أية محافظة سورية ما يميزها عن باقي المحافظات أو أي إثنية سورية ما يميزها عن باقي الإثنيات أو أي حالة سورية يضرب فكرة أن سوريا دولة واحدة ومجتمعا واحدا وبالتالي عندما نبحث مع أي جهة والأخوة الأكراد الموجودين في الشمال جزء منهم يمكن أن يكون بحثا لا تحتاجه المنطقة وكل ما يمكن أن يقدم لها يكون في إطار تحسين الخدمات والاحتياجات التي قد تكون ثقافية وفكرية وحياتية ومعيشية.. وقد تصل إلى الحديث عن الإدارة المحلية وتطوير مفهومها وقانونها.
أما أن تبحث أن يكون لها هوية مستقلة من ضمن هوية الدولة فهذا شيء غير وارد وغير متاح وبالتالي ما طرح حتى الآن هو في هذا الإطار وليس أكثر من ذلك.
لا أستطيع القول أنه طرح من قبل أي من الأكراد.. نحن سمعنا بعضهم في الإعلام، ولكن خلال اللقاء المباشر لم يطرح لأن الجميع يعرف قرار الدولة السورية حيال ذلك والتي تقوم على دستور يحترم و يقدس وحدة الأراضي والشعب من ضمن التنوع الموجود في سوريا وبالتالي مع المحافظة على الخصوصية والتنوع الاثني والعرقي والطائفي وكل ذلك يصب في بوتقة تشكيل النسيج الاجتماعي الواحد والدولة الواحدة وبالتالي لم تطرح علينا حتى الآن مثل هذه الفكرة مباشرة.
السؤال.. إلى أي حد تقبل الحكومة السورية تطوير قانون الإدارة المحلية بحيث يستطيع الأكراد في الشمال حكم ذاتهم إلى حد ما؟
الجواب: كل القوانين من الممكن أن تطور وتبحث من جديد حتى الدستور..فالقيادة السورية تقول تفضلوا لنبحث في الدستور الحالي ونناقشه وإذا كان هناك ما يمكن إضافته ليصبح ذي قيمة أعلى فنحن معه.. الإنسان دائما ميال لتقديم الأفضل والدولة التي هي تعبير سياسي وحقوقي عن المجتمع هي مع أن تطور جميع القوانين بما فيها الدستور.. ولكن دون شك إلى الحد الذي يحافظ على وحدة الارض والشعب ووظيفة الدولة وكيانها لأننا لا نريد أن نربح العالم ونخسر أنفسنا..سوريا دولة مقاومة وهي دولة تحافظ على حقوقها و الحقوق القومية التي لطالما كانت تدافع عنها ليس بالشعارات وإنما بالمبادئ والقيم التي تدافع عنها وتحافظ عليها.. وبالتالي هذه المنظومة الفكرية والقيمية ووظائف الدولة هذه التي هي منبثقة من حقيقة الشعب عبر آلاف السنين والتي لا يستطيع أحد أن يتخلى عنها إرضاء لأي كان.
سبوتنيك: هناك حديث اليوم عن مرسوم رئاسي عفو عام على مستوى واسع ماهي المعلومات المتوافرة لديكم بهذا الخصوص وإلى أي حد يخدم هذا الموضوع عودة السوريين إلى حياتهم الطبيعية؟
عندما يصدر مرسوم العفو لن يكون هو الأول فمراسيم العفو كانت متعددة وكثيرة على مدار الأزمة.. ومرسوم العفو دائما يلحظ المصلحة الوطنية الكبرى على حساب المصالح الجزئية وبالتالي بالمبدأ ليس هناك ما يمنع من صدور مرسوم عفو ولكن توقيته و تحديد حجمه ومن يطال هذه مناطة بالجهة صاحبة الإصدار والتي هي مقام رئاسة الجمهورية.. والمعلومات تقول أن هذا الموضوع قيد الدرس الدائم وليس في وقت محدد ومتكرر عندما يلزم وعندما يصدر يطال بالتأكيد تستفيد منه شرائح لخدمة المشروع العام ومشروع الدولة السورية.
سبوتنيك: اليوم هناك حديث عن عملية عسكرية في إدلب.. بعد الانتهاء من إدلب يبقى ملف الشمال الشرقي السوري الذي يتضمن الأكراد.. كيف ستتعامل الحكومة السورية مع الأكراد الذين يتلقون الدعم من دول تعتبرها سوريا معادية لها؟
بالنسبة للدولة السورية لا يوجد للأكراد ما يميزهم عن باقي السوريين بالمبدأ..عندما يتعاملون مع العدو أو عندما يخوضون معركة تحقيق احتياجاتهم ضمن الوسائل المتاحة، والرئيس الاسد قال سابقا في معرض حديثه أن الأكراد الذين يتعاملون مع العدو بأنهم خونة وهذا لا يطال فقط الأكراد، وإنما كل جهة وكل سوري يتعامل مع العدو وهذا مطبق في كل قوانين العالم.. التعامل مع العدو خيانة ومعالجة هذه المسألة تتم بالقانون وفي مرحلة الأزمات تتم عبر العودة عن هذا التعامل والاعتراف بالخطأ ومعالجة مفاعيل ما حصل لأن هذا التعامل مع العدو له مفاعيل على الأرض وترك آثارا من التخريب والدمار لا تنتهي بمجرد العودة عن الخطأ.. وهذا الفهم كان ملتبسا حتى في مفهوم التسوية والمصالحة..وبالتالي للخروج من هذا المأزق نحتاج إلى العودة عن التعامل مع العدو وقطعه ومعالجة مفاعيل ما حصل في الفترة الماضية وتستطيع الدولة بهذا الاتجاه أن تسامح بالحق العام وهذا ما نسميه تسوية ومصالحات وتبقى الحقوق الشخصية مضمونة للأشخاص المتضررين والضحايا بحكم الدستور ولكن هذا يذهب إلى القضاء ويعالج ضمن الدولة والمجتمع بزمن السلم والحرب..
حل الإشكالية الآن للمجموعات الكردية التي تتعامل مع الأمريكي هو واحد بإدارة ظهرهم لهذا التعامل والتوجه إلى الدولة السورية كما بدأت المؤشرات في اللقاءات الماضية والحديث والبحث فيما يمكن للدولة السورية أن تقدمه لكل أبنائها في الشمال أو غيره وهذه مسؤولية جاهزة الدولة لتقديمها..إضافة إلى ضرورة التخلي عن الشعارات والسقوف العالية التي كانت في الأيام الماضية فقط للاستثمار السياسي واستجرار الدعم الخارجي لأنه لم يعد الآن مجديا والعودة إلى الواقعية السياسية الحقيقية في التعاطي مع شؤون المنطقة ومعالجة هذا الملف بكل هدوء وروية ومصداقية على قاعدة وطنية ولمصلحة الدولة السورية.
سبوتنيك: من خلال لقاءاتنا مع بعض المسؤولين الأكراد لم نرى هذا الاستعداد والنظرة السياسية للمستقبل.. هل لقيتم لدى الأكراد الاستعداد للتخلي وفك الارتباط مع الأمريكي في الشمال السوري؟
لا نستطيع التحدث عن الأكراد بالمطلق فهناك أكراد يدافعون عن الدولة السورية كأي سوري ومرتبطون بأرضهم ولكن يمكن التحدث عن مجموعة من الأكراد وغير الأكراد فمشروع قوات سوريا الديمقراطية المسمى بـ"قسد" لا يضم فقط الأكراد، بل فيه من العشائر والمسيحيين وغير ذلك.. وبالتالي نحن نتحدث عن مجموعة مختلطة تحمل السلاح وتحاول أن يكون لها مشروعا مرتبطا بالوجود الأمريكي في المنطقة وهي تنتظر وتراقب لأنها لم تقتنع حتى الآن بأن أمريكا بدأت هزيمتها وبدأت الانسحاب من المنطقة على مراحل..أظن أن معركة إدلب التي ستحسم وهذا إيمان مطلق.. ستغير الكثير من المعادلة على قاعدة أنهم سيقتنعون وبشكل واضح وبالدليل القاطع أن الدولة السورية قادمة لتحرير جميع الأراضي وبسط سيطرتها عليها وأنه ليس هناك من إمكانية لمشاريع خارجية على الأرض السورية لا بدعم أمريكي ولا تركي ولا خليجي كما كان هو مخطط سابقا، والدليل على ذلك ما حصل في جميع المناطق الأخرى من حمص وريفها ونذكر سابقا أنها كانت عاصمة للمسلحين في مرحلة ماضية وريف دمشق ونذكر أنها كانت القاعدة السعودية المتقدمة في مرحلة سابقة وفي الجنوب الذي كان قاعدة إسرائيلية خليجية أردنية في مرحلة سابقة وكل ذلك سقط والآن الرهان التركي يسقط في تركيا ويبقى الرهان الأمريكي الذي سيسقط لاحقا.
سبوتنيك: هل لديكم مؤشرات على "سقوط الرهان التركي" في إدلب؟
بدون شك الأتراك محرجون في إدلب لسبب بسيط جدا أنهم لم يستطيعوا أن يطوّعوا إدلب لمصلحة مشروعهم السياسي في المنطقة رغم أن الدولة السورية لم تحرر إدلب لحد الآن ولكن تنامي النزعة الراديكالية الأصولية التطرفية التكفيرية في إدلب وتحول أغلب المجموعات المسلحة من مجموعات طيعة بيد التركي إلى مجموعات مضادة للتركي في بعض الأماكن كظهور "داعش" من جديد والتنظيمات الأخرى التي بدأت تتفكك عن "هيئة تحرير الشام" وعن بعض الفصائل التي كانت تابعة لإدلب مثل حركة نور الدين الزنكي التي انشق عنها عدد كبير من المسلحين والتحقوا إلى تنظيمات مسلحة أخرى.. وبالتالي الأتراك لديهم حرجا في داخل إدلب كونهم لم يستطيعوا أن يطوعوها لمصلحتهم.. واضطرت تركيا بعد انتصارات الدولة السورية على كامل باقي المساحات وعدم قدرة تركيا على ضبط إدلب وتحويلها على قاعدة أنها منطقة منخفضة التوتر والتصعيد كما كان متفق عليه وفشلها في هذا الدور في أن تذهب إلى التفاوض مع الروسي والإيراني والأطراف الأخرى التي تريد حلا للأزمة السورية والبحث عن مخرج لوضع إدلب وهذا كله يصب في مصلحة الدولة السورية وفشل الدور التركي في المنطقة.
سبوتنيك: هناك هيئة لإعادة المهجرين إلى أين وصلت؟ ومع من تتواصلون اليوم لعودة المهجرين وماهي العوائق أمام ذلك؟
مشروع عودة المهجرين ليس جديدا..من عام 2013 تم تشكيل اللجنة الوطنية للحوار الوطني كان مشروع إعادة المهجرين أحد هذه العناوين ووضعت الكثير من التعليمات والتوجيهات والمعالجات لعودتهم.. لكن الجميع يعرف أن إشكالية عودة المهجرين غير مرتبطة في الدولة السورية وقرارها الاستراتيجي والإجراءات التي على الدولة السورية أن تقوم بها لتحسين الظروف التي تسمح بعودتهم.
المهجرون بالأساس إشكالية فرضتها الحرب ضد الإرهاب في سوريا..كما فرضتها سياسات الدول التي حاصرت سوريا وقاطعتها وشجعت على الهجرة.. إضافة إلى سياسات الدول الأوروبية وتركيا والدول الأخرى التي شجعت على الهجرة وقدمت دعما للمهجرين تحت اسم معونات انسانية لاستثمارات سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وغيرها.. اليوم بعد التحسن الكبير للظروف في سوريا.. برزت هيئة عودة اللاجئين وبحث موضوع اللاجئين لتكون البوصلة لمعالجة هذا الملف وليس لكي تقوم بمشروع من جديد لأن هذا المشروع تقريبا منجز بكل تفاصيله.. ولتضع الدول الكبرى المعادية لسورية والتي تشكل أساس المشكلة أمام مسؤولياتها في القرار السياسي لهذه الدول أنها تريد فعلا وبقناعة كاملة عودة المهجرين إلى سوريا وهي عملية اختبار نوايا لهذه الدول في أن تذهب إلى الإجراءات العملية أن كانوا فعلا صادقين في بحث سبل تحسين الظروف التي تسمح بعودة المهجرين وأولها مسألة المقاطعة الاقتصادية والحصار المفروض على سوريا والذي يطال كل شيء إضافة إلى توجيه الدعم الدولي الذي يذهب أغلبه إلى مصلحة البعض بأن يكون دعما فعليا للسوريين الراغبين في العودة إلى وطنهم سوريا وتحسين ظروف حياتهم داخل بلادهم، لأن جزء قليلا من المبالغ التي تصرف باسم المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بدول الجوار والدول الغربية يكفي جزء قليل منه لعودة جميع المهجرين السوريين الموجودين في الخارج وأكبر دليل على ذلك عندما ابتزت تركيا الاتحاد الأوروبي بثلاثة مليارات دولار فقط لوقف الهجرة.. والجميع يعلم أن ثلاثة مليارات دولار يمكنها أن تفعل الكثير لدعم عودة المهجرين..هذا نموذج بسيط…إن كانت هذه الدول راغبة في معالجة هذا الملف تستطيع فعل ذلك عبر دعم هذه الهيئة في تسريع عودة المهجرين..
الهيئة بدأت تنظيم العمل السابق وتوضيح الصورة وإرسال رسائل إعلامية واضحة ومباشرة ومتابعة العمل بتنسيق أعلى مع الوزارات المعنية بهذا المشروع ابتداء بوزارة الداخلية والمناطق الحدودية والإدارة المحلية والمناطق التي سيعود إليها المهجرين والوزارات الخدمية كالصحة والتعليم والتربية وغيرها.. ووزارة المصالحة أساسية في هذه الهيئة بالتواصل والتفاعل مع المهجرين في الخارج وهذا التواصل ليس جديدا..هناك رقم فاكس مفتوح داعم وبريد الكتروني وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي وفي أغلب الأحيان يؤدي التواصل إلى عودة المهجرين ولدينا الآن أعدادا لابأس بها من الأشخاص الذين تواصلوا معنا من الخارج وحلت مشاكلهم وعادوا..السياسات الخارجية هي التي كانت تمنع عودة المهجرين..
السياسة الأمريكية ليست جديدة وهي كذلك منذ بداية الأزمة..فمع بداية الأزمة أول محاولة لإنجاز مصالحة في سوريا في نهاية 2012 والعودة إلى الحياة الطبيعية والانخراط في العملية السياسية التي كانت تشهدها سوريا وقتها..دعت وزيرة الخارجية الأمريكية حينذاك إلى عدم الوثوق بالدولة السورية وعدم تسليم السلاح.. وباقي المسؤولين الأوروبيين كانوا يدعمون ذلك التوجه الأمريكي وبالتالي.. هذه السياسات الدولية لم تتغير إنما ما نفعله نحن هو واجبنا الوطني ومحط اختبار لهذه الدول التي لم تغير حتى الآن من سياساتها.. أما الطريق الأمثل فهو ما تفعله الدولة السورية من تحرير المناطق من الإرهاب وتوسيع دائرة الأمان دون شك يشجع الناس على العودة ولدينا أعدادا ليست بالقليلة، فالمصالحات طالت أكثر من ثلاثة ملايين مواطنا حتى الآن على كامل المساحة السورية.. هذا العمل من قبل الدولة السورية جبارا وليس لأحد منّة فيه لا أمم متحدة ولا دولا غربية ولا مجتمع دولي ولا غيره..
إنجازات الجيش السوري في دمشق وريفها والجنوب وحمص وريفها وريف حماة والأرياف الجنوبية والشرقية لإدلب وحلب وريفها حتى أرياف الرقة التي حرر منها مناطق بمساحة لبنان.. في فترة قصيرة حرر الجيش السوري مساحات تعادل ضعفي مساحة لبنان.. هذه كلها ساهمت في استقبال أعداد كبيرة من السوريين وعودتهم إلى مناطقهم بالإضافة إلى الخدمات التي تقدمها الحكومة في تعميم حضورها في جميع المناطق التي يحررها الجيش والسير بمستوى إنجازاته.. كل ذلك عوامل تساعد في الاستقرار وتشجيع العودة من الخارج إضافة إلى عملنا الداخلي عبر الحدود والذي هو محكوم بالعلاقات الدبلوماسية للعمل والكثير من التفاصيل التي لا تسمح لنا كحكومة أو دولة أو وزارات أن نذهب وأن نتواصل مع السوريين الموجودين في الخارج للعودة ولكن نقوم بذلك عبر الوسائل المتاحة من إعلام وغير ذلك…وهذا غير متاح للتواصل مع السوريين الموجودون مثلا في تركيا والأردن حتى مخيم الزعتري الموجود على الحدود السورية الأردنية لا نستطيع التواصل مع السوريين الموجودين فيه مباشرة..
وحول شرط رحيل الأسد هذا أصبح بمثابة نكتة سمعناها في 2011 ومن ثم 2012 و2013 حتى بدأت بالتراجع مع بداية 2014، حتى على مستوى السياسات الدولية والدول المعتدية التي هي رأس الحربة في الاعتداء على سوريا كأمريكا وفرنسا وبريطانيا أحيانا تصعد تارة وتخبو تارة ومنذ أيام سمعنا تصريحين متناقضين، فالأمريكان يريدون حلا سياسيا يؤدي إلى رحيل الأسد والفرنسيون اليوم بلسان وزير خارجيتهم يقولون أن الأسد انتصر بالحرب.. إذا هذا الكلام أصبح ممجوجا وسخيفا.. تربط الأمور بمصير البلاد..فرئاسة الجمهورية ليست شخص وإنما مقاما وموقعا ومؤسسة وبنية تعبر عن الشعب السوري كمل وفق أصول ودستور ونظام وبالتالي لا يستطيع أحد أن يعود بعد كل هذه التضحيات ويقول أن الحل السياسي أو عودة المهجرين أو إعادة الإعمار مرتبط بمصير البلاد سيكون مصيره الرفض من قبل السوريين قبل غيرهم..
نحن لا نريد إعادة إعمار على حساب مصيرنا ووظيفة الدولة ولا نريد عودة مهجرين مليئة بالذل تفرض علينا لتحديد مصير البلاد.. الجيش السوري حقق انتصارات معمدة بالدم على مدى 8 سنوات بالتزامن مع صمود الشعب السوري. كل ذلك لا يمكن أن يكون ثمنه التدخل في مستقبل سوريا.. سوريا لم يتدخل أحد في السابق بتحديد مصيرها ولن يستطيع ذلك بالمستقبل.
سبوتنيك: ما هو الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة ومنظماتها في عودة المهجرين خاصة وأنكم تلتقون مع ممثلي هذه المنظمات من فترة لأخرى؟
حتى الآن ليس هناك أي دور إيجابي فاعل وجدي وواضح للأمم المتحدة في عودة المهجرين ومازالت تلك المنظمات تنتظر انقشاع الغيوم في الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحصلة توازن القوى الدولي الذي هو المعبر الحقيقي عن سياسات المجتمع الدولي وبالتالي حتى الممثلين والمبعوثين الدوليين نراها تشكل باروميتر ومقياس ومشعر للسياسات الدولية وهذا لا يلزمنا بشيء بل نستطيع أن نقرأه جيدا لنعرف أين هي محصلة توازن القوى الدولي والتي لم تصل حتى الآن إلى نتيجة واضحة عدوانية كاملة ضد سوريا أو التوجه إلى حل سوري حتى الآن.
سبوتنيك: المساعدات الإنسانية إلى مخيم الركبان..هل طرحتم هذه المسألة مع نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لوكوك خلال زيارته الاخيرة لدمشق؟
أنا لم ألتقيه خلال هذه الزيارة.. ولكن ما بحث معه هو أكثر من ذلك بكثير وليس مخيما بعينه.. نتكلم عن كل الملف باستراتيجيته ومجمله.
سبوتنيك: هل لديكم أعدادا للمهجرين خارج سوريا؟
لا توجد إحصائية وكل ما يذكر هو إحصائيات تقريبية لأنه لايزال يوجد مناطق في سوريا لاتزال تحت سيطرة المسلحين وبالتالي ليس هناك إحصائيات حقيقية عن الأعداد المتواجدة فيها.. اليوم يقال بأن هناك ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين سوري في إدلب وهذا ليس صحيحا ويستخدم للابتزاز السياسي لتبرير سعي الدول الداعمة للإرهاب لوقف أو عرقلة العملية العسكرية في إدلب ولا نستطيع وضع رقما صحيحا لذلك ولا للمهجرين خارج سوريا حتى مع الدول التي تعاونت مع سوريا لا تعطينا معلومات دقيقة كون أن معظم المهجرين هم في دول معادية لسوريا كتركيا والأردن وغيرها ولا تعطينا أرقاما دقيقة عن أعداد المهجرين فيها.. نتكلم عن الموجودين داخل الدولة السورية والذي يشكل حوالي 80 في المائة من السوريين ويبقى الباقي موزع بين المناطق الواقعة تحت سيطرة المسلحين أو الموجودين خارج سوريا.
في دول الاضطراب والحروب لا يستطيع أحد أن يقدم رقما فهو متبدل..عندما نقول 80 في المائة داخل سوريا فنحن نقصد المهجرين المنضبطين والمنظمين في مناطق سيطرة الدولة السورية والتي يعرف أرقامهم التقريبية من خلال المساعدات والخدمات المقدمة لهم..وهذه الأرقام متحركة ومتبدلة بفعل العودة التدريجية للمهجرين إلى منازلهم.
حتى الآن لا يوجد شيء واضح في هذا الاتجاه ولا نستطيع القول إنه تم الاختيار وكل ما قدم حتى الآن هو اقتراح لأسماء ومازالت المعارضة لم تقدم الصيغة النهائية إلا بالفترة الأخيرة عبر التركي وكل ذلك تسريبات وهذه المسألة مازال البحث فيها مبكرا وهي خاضعة إلى ما بعد اللقاءات القادمة الشهر المقبل وإلى ما بعد أن نرى كيف يتجه ديمستورا إلى معالجة هذا الأمر.
سبوتنيك: ديمستورا أعلن الشهر الماضي التوصل لاتفاق روسي إيراني تركي بشأن كيفية تشكيل اللجنة الدستورية هل لديكم معلومات إلى أين وصلت تلك المشاورات؟
عندما يقول شبه اتفاق أو حول كيفية هذا يعني أننا مازلنا نتكلم بالأسس التي تتشكل عليها اللجنة..عندما يقول الإيراني والروسي والتركي ولا يقول السوري فهذا لا يعنينا بشيء حتى الآن إلا عندما تكون الدولة السورية مطلعة وموافقة والقرار الأخير هو للدولة السورية مع الاحترام للدول الحليفة.
سبوتنيك: لم يكد يطوى ملف المفقودين والمخطوفين في الغوطة حتى برز ملف مخطوفي السويداء.. ماهي معلوماتكم عن أعدادهم ومصيرهم ؟
لا يوجد ملف خاص بمنطقة دون أخرى..ملف المخطوفين هو ملف وطني وبالتالي كل من يخطف من أي منطقة من المناطق يدخل في الملف العام..مخطوفي السويداء مخطوفون من قبل تنظيم "داعش" الإرهابي والجميع يعرف كيف تعامل داعش المخطوفين لديها وهي لا تفاوض ولا تبادل ولا تقدم حلولا للمخطوفين لديها..حتى هذه اللحظة تستخدمهم كورقة ضغط على الدولة السورية..كل ما يقال في الإعلام عن مفاوضات تؤدي إلى تحرير المخطوفين هي جهود ولكن حتى الآن لا نستطيع الاطمئنان إلى نتائجها أو التكلم إلى أين وصلت لأننا نتعامل مع تنظيم ليس لديه عهد أو ميثاق أو مصداقية.
سبوتنيك: هناك مخطوفون في إدلب كيف ستتعامل الحكومة السورية مع ذلك بالتزامن مع العملية العسكرية المرتقبة؟
في إدلب لا نستطيع أن نجزء ملف عن آخر، هو ملف شامل لاستعادة المحافظة بكاملها وتحرير أهلها من المسلحين..في سياق ذلك يمكن أن نتجه إلى ملف المخطوفين ويكون تحريرهم جزء من العملية العسكرية… الإشكالية التي حصلت سابقا وتحصل كل مرة أن هناك إحصائيات للدولة السورية للمفقودين العسكريين في منطقة من المناطق على إثر عملية كالعمليات العسكرية التي تقوم فيها وزارة الدفاع بإحصاء أعداد المفقودين لديها في تلك القطع وبالتالي وثقتهم.. كما أن هناك الكثير من الأهالي الذين يسجلون أسماء أبنائهم المفقودين.. ونحن لا نريد أن نقع بنفس المطب بما حدث في دوما، ليس هناك توثيق لأعداد المخطوفين، والمجموعات المسلحة لا تقدم أعدادا للمخطوفين لديهم وفي حال قدمت تكون غير موثقة ولا نستطيع الأخذ بها…هذا الملف تحول إلى ملف يطرح في سوتشي حول تبادل اللوائح للمفقودين والدولة السورية قدمت لوائحها.
وهذا برسم الدول الضامنة والأمم المتحدة.
سبوتنيك: مركز المصالحة في حميميم لعب دورا مهما في مناطق مختلفة.. هل يعمل هذا المركز بنفس الدينامية السابقة ودور المركز في مصالحات الشمال؟
هناك تنسيق بين الوزارة والمركز ويوجد ضابط ارتباط لكلا الطرفين وهناك لقاءات واجتماعات دائمة ومبادرات أهلية وفرق تطوعية في المناطق تعمل بالتنسيق مع مراكز المصالحة في المناطق المستهدفة بريف حماة الشمالي وإدلب وريفها وصولا إلى المناطق الشمالية الشرقية.. مركز حميميم يعمل بنشاط عال ويحاول أن يكون تواصله مباشرا مع المجموعات المسلحة.
سبوتنيك: هل طرحتم على الجانب الروسي ملف المخطوفين؟
الجانب الروسي يتبناه معنا كجهة واحدة..وطرحناه على المجتمع الدولي واعتبرناه ملفا يحتاج للمعالجة ولا يكمن التقدم بأي عملية سياسية قبل معالجته..هو ملف وطني بامتياز ومطروح ومصرين على معالجته وهو من أولوياتها.
أجرى الحوار: حازم أبو حمد