إن الدوائر الإلكترونية المستخدمة في التقنيات العادية، مثل السيارات أو أجهزة الحاسوب، ليست مناسبة للاستخدام في المركبات الفضائية بسبب الموثوقية المحدودة في ظل ظروف الإشعاع الكوني. إذ أن الأيونات عالية الطاقة التي تدخل إلى الأجهزة من الفضاء الخارجي، تسبب أعطالاً لهذه الأجهزة، وبالتالي وقوع الحوادث. ولهذا فإن تصميم الدوائر الإلكترونية المتكاملة لأغراض خاصة للمركبات الفضائية يتطلب أساليب محددة لرفع مستوى الكفاءة والموثوقية.
وفي هذا السياق تحدث الدكتور مكسيم غوربونوف الأستاذ في جامعة "ميفي" قائلاً: "إن خصوصية الدوائر الإلكترونية المتزامنة تكمن في أن بنيتها تزداد تعقيداً باستمرار مثلها مثل عدد العناصر الموجودة على رقائق الكريستال. إذ أن لوائح هذه الرقائق، المنفصلة عن بعضها البعض مسافات كبيرة، ينبغي أن تكون متزامنة من حيث التردد (عدد عمليات المعالج في الثانية الواحدة). بعبارة أخرى إذا كانت الإشارة من مولد التردد لا تصل في فترات معينة من الزمن فإن الرقاقة تتوقف عن العمل".
وبحسب قول الباحث فإن الحديث يدور عن مشكلة هندسية معقدة إلى حد ما، يرافقها تدهور في خصائص الدارة الالكترونية. ولهذا فإن الدوائر الإلكترونية غير المتزامنة التي خلافاً للدوائر المتزامنة، تعتبر اليوم واعدة لأنها لا تتطلب تزامن من حيث التردد.
ويوضح الدكتور غوربونوف بهذا الشأن قائلاً: "تحدث عملية التبديل تفريغ في الأجهزة غير المتزامنة على التوازي ومن دون تأخير: هذا يجعلها أكثر إنتاجية وكفاءة من الأجهزة المتزامنة المماثلة. حيث أن المعلومات تصل إلى وحدة المعالجة بالسرعة التي يتيح لها مسار البيانات داخل المعالج، وتتم معالجتها عندما تكون وحدات الدارات الالكترونية ذات الصلة مستعدة لذلك".
من حيث منهجية تصميم مثل هذه الدارات، تكون الأمور أكثر تعقيداً، وذلك لأنه لا يوجد مسار قياسي لتصميمها. على الرغم من حقيقة أن منطق تصميم الدارات الالكترونية غير المتزامنة ظهر في سبعينات القرن الماضي، إلا أن الاتجاه الرئيسي يبقي في العمل مع الدارات المتزامنة.
وأشار الخبير قائلاً: "إن القدرات التكنولوجية للدوائر الإلكترونية المتزامنة وصلت إلى حدها الأعظمي. إذ أصبحت التصاميم المعترف بها حالياً ذات أحجام أقل من عشرة نانو متر(الحد الأدنى من حجم عنصر الدارة الالكترونية). وعلى ضوء المعدلات نفسها فإن الدارات الإلكترونية غير المتزامنة يمكن أن تعمل بشكل أسرع من المتزامنة، وذلك لأنها لا تحتاج إلى تزامن في أجزاء مختلفة من الكريستال".
ولهذا السبب قرر العلماء الروس تقديم عناصر جديدة من أجل الحصول على دوائر الكترونية غير متزامنة موثوقة وسريعة، علماً أن المقال العلمي الخاص بهذا البحث المنشور في المجلة العلمية "Acta Astronautica" مكرس لعنصر مولر C الذي يتمتع بموثوقية عالية — والحديث يدور عن البوابات المنطقية الأساسية المستخدمة في تصميم الدوائر غير المتزامنة.
إن عنصر C عبارة عن جهاز منطقي يحتوي على عنصر ذاكرة. في واقع الأمر الحديث يدور عن لبنة تحتوي على مدخلين، وفي حال التطابق يتم نقل إشارة إلى العناصر الأخرى (وفي حال عدم التطابق فإن العنصر يحافظ على القيمة السابقة).
ويحدثنا الباحث إيغور دانيلوف رئيس قسم الطوبولوجيا للمواد المقاومة للإشعاع قائلاً: "لدى استخدام طريقة DICE (Dual Interlocked Cell) المعروفة جيداً في المنطق المتزامن، على ثلاثة أنواع من الدارات التقنية لعنصر C، فقد حصلنا ثلاث دارات جديدة DICE لعنصر C تتمتع بموثوقية عالية جداً".
وبحسب قول الباحثين فإن الدارات التي تم تصميمها يمكن استخدامها لدى تصميم الدوائر الإلكترونية غير المتزامنة، والتي تتمتع بموثوقية عالية جداً والمكرسة للاستخدام في مجال تكنولوجيا الفضاء المتطورة.