ويقول دفع الله أحمد، وهو أحد تجار السبح، لوكالة "سبوتنيك"، "ما زالت تجارة السبح رائجة رغم الركود الاقتصادي الذي يعانيه السودان، والناس يفضلون المسبحة المصنوعة من الخشب الطبيعي على تلك المشغولة من مواد مصنعة، مضيفا: "أغلى أنواع السبح، هو "اليسر"، لما يعتقده الناس فيها من بركة ويأتي من مناطق تركيا، ثم يليه الصندل الهندي، والعنّاب المغربي، ثم السندس، وعود الصليب وهو خشب قوي جدا ثم يوجد الكوك وهو خشب صلب يستخرج من البحر، وكذلك البقس الذي يستورد من تركيا، ويصنع منه السبح هي الأكثر رواجا لأن خشبه جميل اللون وناعم وقوي، والغريب أن المستعمل منه أغلى سعرا من الجديد لما يكتسبه من لون جميل.
وتابع حامد: "هناك الكهرمان الحجري، والأصلي منه لا تأكله النار، كما هناك أنواع من الخشب المحلي في السودان مثل (القلنجة)، الذي يأتي من جبال النوبة وأجمله الذي يستخرج من قلب الشجرة، ولكن هذا النوع أصبح نادرا في السوق نوعا ما، لأن مناطقه تعاني اضطرابات.
وأضاف: "يوجد كذلك الإرم، الذي يأتي أيضا من جبال النوبة وهو يشبه العناب إذا أُكثر به التسبيح، ومن أفخر السبح تلك المصنوعة من خشب الأبنوس وهو خشب أسود جميل اللون نوعا ما ناعم الملمس إذا أتقنت خراطته.
وأنواع المسابح، تشمل "السبح المنظومة من مواد مصنعة، وهي تستورد من مصانع في الصين ومصر، وهي للهدايا فقط وغير محبذة عند أهل الذكر.
بينما يرى حامد، أن أكثر المواسم مبيعا للسبح هي رمضان والمولد النبوي الشريف وغيرها من المناسبات الدينية الأخرى والاحتفالات لأن الجمهور يكون فيها كثيفا، أما من حيث نظم حباتها فإن ذلك يعتمد على الشخص الذاكر نفسه.
وأشار إلى أن السوق الشعبي بمدينة أم درمان والمسجد العتيق هناك والسوق العربي، وباحة مسجد الخرطوم الكبير، وأمام مساجد الشيخ قريب الله والبرهانية والختمية والشيخ حمد النيل، تمثل أشهر الأماكن التي تباع فيها السبح وأكثرها شهرة في جميع أنحاء السودان.
صناعة السبح، تحتاج إلى مهارة عالية وخبرة في العمل حيث أن معظم الخراطات تتم يدويا وهي الأغلى سعرا، ويقول عبد اللطيف بدر، وهو أحد أشهر الخراطين، لوكالة "سبوتنيك"، إن معظم ورش الخراطة، توجد بمنطقة غرب "أم درمان" وهناك متعهدون يستوردون الخشب من الخارج ويأتون به للخراطين.
ويضيف بدر، أن من أشهر المسبحات السودانية مسبحة "اللالوب" وهي بذرة ثمرة أشجار الهجليج، والحجم الصغير منها يخرط أم الكبير الذي يسمى الألفية فلا يخرط وهي تحتوي على ألف حبة يستخدمها الذكار في قيام الليل.
ويشير بدر إلى أن السائحين يحرصون على شراء السبح السودانية وخاصة المصنوعة من خشب الأبنوس لجماله وبريقه"، مضيفا أن السبح المصنوعة من مواد صناعية، ورغم قلة سعرها، إلا أنها لم تؤثر على سوق الخراطة اليدوية لأن الخراطة اليدوية جميلة وتهتم بالتفاصيل.
وللسبح جانب روحي كبير حيث تعد وسيلة للذكر والتسبيح، ويقول خطيب مسجد "الخرطوم بحري" العتيق، الدكتور الصادق آدم محمد، لوكالة "سبوتنيك"، إن السبحة أو المسبحة عرفت منذ قديم الزمان عند السومريين في بلاد الرافدين قبل 5000 عام".
وأضاف: "السبحة تساعد على الذكر وتنشط عليه وأجازها أهل العلم، وإن حملها والتسبيح بها يبعث على الطمأنينة والراحة النفسية ويشجع الآخرين على الذكر وتذكرهم به، مشيرا الى، أن البعض يسبح بأصابعه فقط وهو أمر جيد إذا استطاع ضبط العدد إلا أنه في زماننا هذا ومع كثرة المشاغل يفضل الناس استخدام السبحة لضبط العدد وتنظيم الوقت.
وأبان محمد، أن السبحة منتشرة بكثافة في السودان ولا سيما عند الصوفية حيث لا تجد صوفيا لا يحمل سبحة في يده، كما أن السبحة في السودان، ارتبطت بأهل الصلاح والخير حيث يعتقد في حاملها تمسكه بالدين والأخلاق وقوة ارتباطه بالله تعالى فيطمئن الناس إليه ويأمنونه مالم تتخذ رياء ونفاقا.
وأوضح محمد أن السبحة حاضرة في تقاليد واجتماعيات السودانيين بقوة ولا سيما في احتفالات الأعراس حيث يرتديها كل من العريس والعروس على العنق في مراسم ما يعرف بـ(الجرتق) وكذلك في مراسم ختان الأطفال وذلك ابتغاء البركة والحفظ والأمان، وهذا الاعتقاد نابع من أن السبحة ارتبطت في المجتمع السوداني بهذه القيم الفاضلة.