بعد اعتقال رجل حاول سرقتها... إليكم قصة "الوثيقة العظمى"

قالت الشرطة البريطانية، أمس الجمعة، إنها ألقت القبض على رجل يبلغ من العمر 45 عاما للاشتباه في محاولته سرقة نسخة أصلية من وثيقة "ماغنا كارتا" التي تعود لعام 1215 من كاتدرائية سالزبري بجنوب إنجلترا.
Sputnik

الأسرة الحاكمة في بريطانيا ليست إنجليزية...فكيف وصلت إلى العرش
وانطلقت أجهزة الإنذار عندما وقعت محاولة مساء الخميس لتحطيم الصندوق الزجاجي الذي يحوي تلك الوثيقة التي يرجع تاريخها للقرون الوسطى والتي لا تقدر بثمن.

وقالت شرطة ويلتشير في بيان "ألقي القبض على رجل بنفس الأوصاف التي قدمها الشهود للاشتباه في محاولته السرقة وحيازة سلاح هجومي وإحداث أضرار جنائية".

وأضافت أن الوثيقة، وهي واحدة من أربع نسخ أصلية لا تزال باقية، لم يحدث لها ضرر خلال الواقعة.

والماغنا كارتا واحدة من أهم المخطوطات في التاريخ الإنجليزي، وهي بمثابة ميثاق يضمن حقوق المواطنين ويحد من سلطات ملوك القرون الوسطى التعسفية بما يشمل ضمان الحق في محاكمة عادلة.

ووافق الملك جون على وضع ختمه على الوثيقة في يونيو/ حزيران 1215 في رونيميد قرب وندسور غربي لندن كوسيلة لإنهاء انتفاضة بارونات متمردين.

يمكن رؤية الأضرار التي تعرض لها صندوق عرض الماغنا كارتا، إحدى الوثائق الأصلية الأربع في كاتدرائية سالزبوري

الوثيقة العظمى

ووصفت تلك النسخة بأنها "الميثاق العظيم للحريات في إنجلترا والحريات في الغابة".

ويحتوي ميثاق عام 1215م على أمور عدة منها مطالبة الملك بأن يمنح حريات معينة وأن يقبل بأن حريته لن تكون مطلقة، وأن يوافق علنا على عدم معاقبة أي "رجل حر" إلا بموجب قانون الدولة وهذا الحق ما زال قائماً حتى اليوم في هذه الدول.

كانت الماغنا كارتا أول وثيقة تُفرض على ملك إنجليزي من مجموعة من رعاياه (البارونات)، في محاولة للحد من نفوذه وحماية امتيازاتهم قانونا، ولم تكن الماجنا كارتا أول ميثاق للحد من سلطة الملك فقد سبق هذا الميثاق ميثاق آخر للحريات عام 1100م وتأثر به تأثرا مباشرا وكان ذلك في عهد الملك هنري الأول، وبالرغم من أن للميثاق أهمية لا يختلف عليها اثنان، إلا أن بحلول النصف الثاني من القرن التاسع عشر ألغيت معظم البنود التي كانت في قالبها الأصلي وبقيت ثلاثة بنود كجزء من قانون إنجلترا وويلز، وتعتبر عادةً كجزء من الدستور غير المدون.

وفي مرسوم حديث "مثير للجدل نوعا ما" لقوانين اللوردات، استشهد بالماغنا كارتا كمثال على لوائح أنظمة داخلية دستورية لم يمكن إلغاءها إلا بلوائح أنظمة داخلية جديدة تنوي استبدال القديمة بقوانين أكثر وضوحا.

كان الميثاق جزاء مهما من عملية تاريخية ممتدة أدت إلى حكم القانون الدستوري في الدول الناطقة بالإنجليزية.

بالرغم من أن الماغنا كارتا أبعد من أن تكون فريدة في شكلها أو محتواها إلا أنها لم تنجح في الحد من نفوذ الملك بشكل كبير عند تطبيقها في حقبة العصور الوسطى إلا أنها كانت مهمة وذات تأثير تاريخي قوي خاصة في زمن الحرب الأهلية الإنجليزية، حيث كانت رمزا هاما عند من كانوا يتمنون أن يبرهنوا بأن الملك يقع تحت وطأة القانون.

تأثر المستوطنون الأوائل في إنجلترا الجديدة بالماجنا كارتا وألهمت وثائق دستورية أتت بعدها من ضمنها دستور الولايات المتحدة.

ضاعت النسخة الأصلية من الماغنا كارتا والتي تحمل ختم الملك جون منذ وقت طويل، فعلى كل حال لم يرغب الملك بالحفاظ على سجل يبرز إذلاله، لكن هذه النسخة التي حفظت في ساليبزبوري، ووقعت محاولة لسرقتها الخميس، هي واحدة من أصل أربع نسخ تم توزيعها على البلدان عام 1215 في يومنا هذا..

يمكن رؤية الأضرار التي تعرض لها صندوق عرض الماغنا كارتا، إحدى الوثائق الأصلية الأربع في كاتدرائية سالزبوري

ونقرأ سمات الماغنا كارتا في بنود كالتالي، (لن يسلب أي رجل حر أملاكه أو يسجن على يد رجال آخرين مساوين له إلا إذا خضع لمحكمة عادلة، أو لن نبيع العدالة لأحد ولن ننكرها على أحد، ولن نؤخرها عن أحد).

التمرد

خلال الزمن الذي حكم فيه الملك جون تسبب مزيج من الضرائب المرتفعة والحروب الخاسرة وصراع مع البابا في أن يفقد الملك شعبيته بين البارونات من حوله لذا قرر بعض من أكثر البارونات أهمية بأن يتمردوا على الملك في عام 1215. وفي شهر يناير/ كانون الثاني طالب البارونات من الملك إقرار ميثاق الحريات ولكن جون أخذ يراوغ.

وخلال المفاوضات بين شهر يناير/ كانون الثانوي ويونيو/حزيران ظهرت وثيقة أطلق عليها المؤرخون اسم الميثاق المجهول للحريات وظهرت سبع مواد من هذا الميثاق في "مواد البارونات" وميثاق رونيميد.

وفي شهر مايو/ أيار اقترح الملك بأن يقدم القضايا إلى لجنة تحكيم يرأسها البابا ممثلاً الوسيط الأعلى ولكن البارونات واكبوا في تحديهم له. واستطاعوا اقتحام لندن في العاشر من يونيو/ حزيران بدعم من الأمير لويس ولي العهد الفرنسي والملك ألكسندر الثاني وكانت المدينة قد فتحت لهم بواباتها تعبيرا عن تعاطفها مع قضيتهم. وقد قاموا، بالتعاون مع عديد من المعتدلين الذين لم يقوموا بتمرد علني، بإجبار الملك على إعطاء موافقته لوثيقة عرفت لاحقا بـ"مواد البارونات" وقد وضع ختم الملك العظيم عليها في المرج في رومينيد في 15 من يونيو/حزيران عام 1215م.

 

مناقشة