ولم تكترث الولايات المتحدة الأمريكية للأدلة والتحرك الذي حاول به العراق، من خلال وزارتيه الخارجية، والثقافة، استعادة القطعة الأثرية النفيسة العائدة للملك الآشوري، آشور ناصربال الثاني، الذي بدأ حكمه في سنة 883 قبل الميلاد.
وصرح الباحث الآثاري العراقي البارز، مستشار رئيس مجلس محافظة ذي قار، لشؤون السياحة والآثار، عامر عبد الرزاق، لمراسلة "سبوتنيك" في العراق، اليوم، عن مزاد بيع القطعة الأثرية في مزاد كرستي بمدينة نيويورك الأمريكية، قائلا:
"اليوم، في مزاد كرستي في نيويورك، يتم عرض أغلى، وأندر، وأجمل القطع الأثرية الرافدينية، التي هربت من العراق قبل عقود من الزمن للأسف الشديد، وهي آشورية تعود للملك آشور ناصر بال الثاني، تحديدا من مدينة النمرود "تقع على بعد 30 كم للجنوب من الموصل، مركز نينوى، شمال العراق"، وهي تعرض للبيع في هذا المزاد كأنها قطعة قماش، أو كأي سلعة".
ويوضح عبد الرزاق أن القطعة الأثرية كانت قد سرقت في منتصف القرن الماضي، عندما كان العراق تحت الاحتلال العثماني، أهديت بفرمان، من قبل السلطان العثماني آنذاك، إلى أحد الرجال الأثرياء، وأخذت طريقها حتى وصلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها تبقى قطعة عراقية رافدينية، تمثل جزءا من تراب هذا الوطن، وتراثه وحضارته ومكوناته، ولا نسمح بهذه الإهانة، فهي ليست مجرد عملية بيع بل إهانة للإنسانية والآثار بصورة عامة.
ولفت عبد الرزاق إلى أن الجانب العراقي بما يخص وزارتي الخارجية، والثقافة، والهيئة العامة للآثار، أعطى كل المستمسكات القانونية والفنية، واللوجستية، وكل الأمور التي تبين وتؤكد أن هذه القطعة هي عراقية رافدينية، تم أخذها من قبل البعثة التي كانت تنقب في ذلك الوقت، من مدينة النمرود، وأنها قطعة آشورية تعود للملك أشور ناصربال الثاني، بتاريخها بكل المستمسكات الإثباتية، متداركا "لكننا للأسف الشديد نصطدم مع القوانين الأمريكية التي تقول أن القطعة هي ملك للشخص الذي يملكها، ويشتريها ولا يمكن إرجاعها".
وأكمل: "إن المفارقة العجيبة أن القطعة الأثرية، تباع في نيويورك على بعد أمتار من مقر الأمم المتحدة، هذه المنظمة الراعية للشؤون العالمية وهكذا يهان شعب وإنسانية وتاريخ بلد بأكمله على يد هذه المزادات التي يقولون بأنها قانونية، لكنها لا تمت بصلة للقوانين الحقيقة وليست المزيفة، التي يضعونها هم، ويسيرون الأمور على أهوائهم".
واستذكر عبد الرزاق ما قام به تنظيم "داعش" عندما استولى على محافظة نينوى، ومركزها الموصل، وباقي المدن في شمال وغرب البلاد، في وقت سابق من عام 2014، إلى أواخر العام الماضي، حيث جرف ودمر ونهب الأثار العراقية وكذلك فعلت تنظيمات إرهابية أخرى، ولا توجد أي أنظمة عالمية، تحمي هذه الأثار التي تباع في المزادات.
واختتم الباحث الآثاري العراقي، مستشار رئيس مجلس محافظة ذي قار، حديثه عن بيع الآثار العراقية في الخارج، قائلا:"هذه إهانة للإنسانية، فليصمتوا ولا يتكلموا على أنهم أهل الإنسانية والتراث وحماة للآثار والحضارات".
وكانت وزارة الخارجية العراقية أعلنت، الخميس الماضي 25 تشرين الأول/أكتوبر، تحركها لاستعادة قطعة أثرية تعود إلى الحاكم الآشوري آشور ناصربال الثاني الذي بدأ حكمه في سنة 883 قبل الميلاد.
وصرح الناطق باسم الخارجية العراقية، أحمد محجوب، في بيان تلقت مراسلتنا نسخة منه، قائلا:
تتابع سفارة جمهورية العراق في واشنطن وبالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والتراث قضية بيع القطعة الأثرية العراقية الآشورية المعروضة في مزاد "كرستي" والتابعة للقصر الشمالي الغربي للحاكم الآشوري أشور ناصربال الثاني".
وأوضح محجوب، أن القطعة كانت معروضة في كلية اللاهوت — في ولاية فرجينيا، وقد تم إعداد التقارير والصور الخاصة بها وكل ما يمكن إثبات عائديتها للعراق.
وأعلن محجوب، مسارعة السفارة إلى التواصل مع الأطراف ذات العلاقة وتم إبلاغها، أن هذه القطعة تحت حماية قانون الآثار العراقي.
واختتم الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية، مؤكدا بهذا الصدد فإن الخارجية تواصل متابعتها الحثيثة مع مكتب المدعي العام في ولاية نيويورك، ومكتب وكيل وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الثقافة والتربية وتتواصل بشكل مستمر من أجل إيقاف بيع هذا الموروث الحضاري العراقي المهم.
يذكر أن الملك الحاكم الآشوري أشور ناصربال الثاني، ملك آشور من الفترة (859-883) ق.م.