على الرغم من أن النزاع الياباني الصيني يعود لقرون من الزمن إلا أن الحرب الأولى بين البلدين اندلعت في الأول من أغسطس/آب لعام 1894 وانتهت في 30 أبريل/نيسان 1895 بين الإمبراطورية اليابانية والإمبراطورية الصينية.
واستمرت الأمور إلى ما عليه حتى قامت اليابان باجتياح الصين في السابع من شهر يوليو/تموز 1937 واندلعت الحرب اليابانية الصينية الثانية وانتهت في 11 سبتمبر/أيلول 1945 أي مع انتهاء الحرب العالمية الثانية حيث أعلنت اليابان استسلامها بعد الضربة النووية على هيروشيما وناغازاكي.
الوضع حول بحر الصين الجنوبي، يتفاقم تدريجياً ويأخذ منحى المواجهة. حيث تخطط اليابان لبناء ثكنات تتسع لما لا يقل عن 600 شخص ونشر بطاريات صواريخ أرض — جو وصواريخ أرض-بحر وأنظمة دفاع جوي ومنصات مروحية في جزيرة إيشيغاكي، التي تقع على بعد 270 كيلومترا فقط من تايوان الصينية.
بعض الخبراء العسكريين مقتنعون عموماً بأن الولايات المتحدة وراء كل هذا البناء العسكري. حجتهم هي أن اليابان حليف يعتمد على الأمريكيين، وفي حال نشوب صراع، لن تكون هناك حاجة حتى إلى مطالبة اليابانيين بالوقوف إلى الجانب الأمريكي.
ومع ذلك، بعض الخبراء يرون في بناء قاعدة عسكرية في جزيرة إيشيغاكي خطوة جيوسياسية يابانية سيادية. فطالما أن الولايات المتحدة تصعّد ضد الصين، يمكن أن تحصل اليابان في هذه الحالة مكاسب عسكرية واقتصادية تحت هذا الستار. فطموحات اليابانيين مع مرور الوقت لم تتراجع، وهم يحاولون استعادة الأراضي التي تنازلوا عنها بسبب الحروب الماضية، إن لم يكن جغرافيا فعلى الأقل سياسيا واقتصاديا.
ولتحقيق هذا الهدف تجري اليابان مناورات دورية مع الولايات المتحدة. وحالياً كثفت المقاتلات الأمريكية تحليقاتها فوق المياه في غرب المحيط الهادي، وانضمت حاملة الطائرات رونالد ريغان التي تعمل بالطاقة النووية إلى مدمرات يابانية وسفينة حربية كندية في أكبر مناورات للاستعداد القتالي تجري حول اليابان.
وقد وصل مجموع القوات التي حشدت لها اليابان والولايات المتحدة 57 ألف رجل من القوات البحرية والجوية للمشاركة في مناورات السيف المشحوذ التي تقام مرة كل عامين. ويزيد هذا العدد 11 ألفا عن مناورات عام 2016 التي كانت محاكاة للقتال الجوي والإنزال البرمائي وتدريبات الدفاع ضد الصواريخ الباليستية.
ثماني سفن أخرى انضمت للتدريبات المضادة للغواصات في استعراض للقوة في مياه تخشى واشنطن وطوكيو من تزايد النفوذ الصيني عليها. وتشارك سفينة إمداد كندية أيضا في مناورات السيف المشحوذ جنبا إلى جنب مع الفرقاطة التي أبحرت مع حاملة الطائرات ريغان.
الغواصة التي قصمت ظهر الرايخ الثالث
المجمع العسكري الألماني في عهد النازية كان بحسب اعتراف الخبراء متطوراً، وتمكنت آنذاك من تصميم غواصة عسكرية تحت اسم "يو بوت"، نجحت في إلحاق أضرار هائلة بسفن الحلفاء وتمكنت من إغراق عشرات السفن الحربية في المحيط الأطلنطي.
الغواصات الألمانية خاضت معارك كثيرة في الحرب العالمية الثانية، لكن إحداها كانت واحدة من أخطر معارك الغواصات في العالم، لأنها أدت إلى تدمير غواصة ألمانية كانت يمكن أن تغير مسار الحرب.
في تلك الفترة قامت ألمانيا بتصميم غواصة ديزل خارقة تحمل اسم "يو- 864"، انطلقت من ميناء مدينة كيل شمالي ألمانيا يوم الخامس من شهر فبراير/شباط من عام 1945، متجهة إلى اليابان في مهمة سرية يطلق عليها "عملية القيصر".
غواصات الديزل تحتاج لوقت كبير لتطفو فوق سطح الماء حتى تقوم بإعادة شحن بطاريات الديزل الخاصة بوسائل التنفس، في حين تستخدم وضع الغوص للتخفي من السفن والغواصات المعادية.
الغواصة الألمانية المتجهة إلى اليابان كانت تحمل أحدث التقنيات التكنولوجية، التي توصل إليها الألمان في مجال التصنيع العسكري، ومن بينها محركات متطورة لتطوير المقاتلات الحربية اليابانية، إضافة إلى تقنيات خاصة بتصنيع الصاروخ الباليستي "في- 2".
وكان يوجد على متن الغواصة خبراء ألمان ويابانيين، كما أنها كانت محملة بـ 76 طنا من الزئبق السائل، الموزعة داخل 1857 خزان فولاذي، في إشارة إلى إن الزئبق كان عنصراً أساسياً في تكنولوجيا صناعة الروؤس الحربية.
المسار المقرر للغواصة آنذاك هو الابحار شمالي النرويج والمرور بمياه القطب الشمالي حتى تصل إلى اليابان، علماً أن مهمتها بدأت قبل سقوط برلين بأشهر وكان الهدف من ذلك هو دعم اليابان بتكنولوجيا تصنيع عسكري تمكنها من تغيير مسار الحرب لصالحها وبالتالي تحويل قوة الحلفاء باتجاه اليابان.
طول الغواصة الألمانية 87.5 متراً، وهو ما يجعلها أكبر حجماً من أي غواصة أخرى في حينها، وكانت تمتلك قدرات تكنولوجية تمكنها من الحصول على الأكسجين اللازم للتنفس أثناء وجودها تحت سطح الماء.
وبعد انطلاق الغواصة، اكتشف البريطانيون مسارها وتم تعقبها بغواصة تابعة للبحرية البريطانية هي "إتش إم إس فينتشرر". حيث قامت الغواصة الألمانية بمناورة مكّنتها من الإفلات من الطوربيدات الثلاثة، لكن الغواصة البريطانية أطلقت طوربيداً رابعاً على عمق منخفض تمكن من شطر الغواصة الألمانية إلى نصفين، لتغرق وعلى متنها 73 بحارا، وتضع نهاية عملية القيصر.
إله البحر الروسي يدق مضاجع الأعداء
روسيا بصدد تصميم 17 غواصة غير مأهولة. هذا ما أكده رئيس شركة السفن الموحدة الروسية، سيرغي رحمانوف، حين شدد على إن المؤسسة العسكرية الروسية تركز الآن على تصميم غواصات غير مأهولة بصفتها أجهزة تحت مائية، بمقدورها قطع مسافات طويلة جدا دون شحن بطارياتها. وهناك نماذج بوسعها قطع مسافة 80 ألف كيلومتر.
الخبراء العسكريون يؤكدون بأن الغواصات الروسية تختلف عن مثيلاتها الأجنبية بمبدأ عملها، حيث تنتج قوة دفعها بفضل تشغيل مروحة أمامية. أما النماذج الأجنبية، فتولد قوة الدفع عن طريق زيادة وزنها أو تقليله أثناء السير.
المصادر العسكرية الروسية كانت قد أشارت في وقت سابق بأن كل أساطيل البحرية الروسية تسلمت طوربيدا موجها يتم التحكم به عن بعد من طراز "فيزيك — 1".
وكشفت الأوساط العسكرية عن أن غواصة "بوسيدون" الروسية المسيرة التي أعلن عنها القائد الأعلى للجيش الروسي الرئيس بوتين مؤخرا، تعمل بمحرك نووي يجعلها قادرة على أن تجوب الأعماق لمسافات لا يمكن تصورها.
روسيا عادت الآن إلى أفكار كان قد طرحها الأكاديمي ساخاروف في ستينات القرن الماضي حين اقترح تصنيع طوربيدات بطول 24 مترا وقطر 1.5 متر تحمل رأسا نوويا ومداها 50 كيلومترا لتدمير المواقع الساحلية.
تلك الفكرة لم تطبق آنذاك لنقص الأموال، أما الآن فقد تمكن العلماء الروس، استنادا لفكرة ساخاروف، من اختراع غواصة صغيرة مسيرة غير مأهولة تسير بمحرك نووي وتحمل رأسا نووية لآلاف الكيلومترات، عوضا عن الطوربيدات التي اقترحها ساخاروف.
يذكر أن الزعيم الروسي فلاديمير بوتين كان قد أعلن في رسالة بعث بها إلى الجمعية الفيدرالية الروسية في مارس/آذار الماضي، أن روسيا اخترعت غواصة مسيرة غير مأهولة قادرة على السير على عمق كبير وتبلغ قارات أخرى بسرعة تزيد أضعاف سرعة كل الغواصات الحديثة والطوربيدات وأسرع السفن.
وذكر بوتين أن تلك الغواصات المسيرة قد تحمل الأسلحة النووية وغير النووية، الأمر الذي يسمح لها بتدمير طيف واسع من الأهداف، بما فيها حاملات الطائرات والمنشآت والبنى التحتية الساحلية.
العم سام يعترف بتفوق النسر الروسي ذو الرأسين
مراكز عسكرية غربية متخصصة، اعترفت بأن أهم عنصر في القبة الروسية التي تحمي أجواء البلاد، هو نظام الدفاع الجوي المتكامل، مؤكدة بأنه الأكثر تطوراً وقوة في العالم على الإطلاق.
لدى روسيا أقوى نظام دفاع جوي متعدد المستويات، مع العديد من المجمعات بعيدة ومتوسطة وقصيرة المدى، التي تم تطويرها بشكل كبير بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. والحديث يدور عن أنظمة الدفاع الجوي التي تم تصميمها في عهد الاتحاد السوفيتي ونجحت في التصدي لسلاح الطيران في جميع أنحاء العالم، في إشارة إلى أن المجال الجوي لروسيا محمي بواسطة مجمعات دفاعية تم إنشاؤها باستخدام أحدث التقنيات.
الأوساط العسكرية اعتبرت أن مناورات "فوستوك 2018" الأخيرة الأضخم التي أجرتها روسيا وبيلاروسيا على حدود أوروبا الغربية، أظهرت لحلف شمال الأطلسي أن المجال الجوي الروسي هو حقل ألغام حقيقي للعدو لا يمكن تخطيه أو اختراقه.
وعلى الرغم من أن القوات الجوية الأمريكية هي الأكثر تطوراً في العالم وفق بعض المؤشرات، ولديها خبرة واسعة في مواجهة أنظمة الدفاع الجوي للخصم، إلا أنها لم تتعامل بعد مع نظام دفاع جوي مماثل للنظام الروسي.
وفي الوقت نفسه، فإن طائرات الشبح الأمريكية، سبق أن واجهت حالات فشل فاضحة أمام الدفاعات الروسية، وهذا ما بدا واضحاً من تدمير طائرة إف — 117 الأمريكية خلال الغارات ضد صربيا في عام 1999. وهذا يعني بأنه لا يمكن لتقنية التخفي أن تجعل الطائرات غير مرئية بشكل كامل، وهذا ما نجحت روسيا فيه من خلال تطوير تقنيات جديدة يمكنها أن تجعل من تقنيات التخفي الأمريكية عديمة الفعالية.
وفي وقت سابق، تحدثت المصادر الغربية الحربية عن التفوق الروسي على الولايات المتحدة في ثلاثة مجالات عسكرية رئيسية: في مجال خلق مجالات دفاعية رادعة وباستخدام أنظمة الصواريخ، وكذلك في الحرب السيبرانية.
التراجع الذي تشهده معامل الدفاع في الولايات المتحدة يبدو واضحاً في الفترة الأخيرة، فقد أشار الخبير العسكري الروسي، أليكسي ليونكوف، إلى أن حاملات الطائرات الأمريكية لم تعد تظهر في المحيطات كما كان سابقاً بسبب مشكلات في المجمع الصناعي العسكري الأمريكي وبالذات مع شركات بناء السفن.
وضع حاملات الطائرات شبيه بوضع طائرات القوة الجوية الأمريكية، التي تحتاج 60% منها إلى عمليات صيانة. وفي نفس الوقت، بدأت طائرات إف — 35 هي الأخرى تعاني من الأعطال، ما خلق شكوكاً لدى الراغبين في شرائها.
أحد أسباب الفشل المنتظم للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي، هو الفساد ونقل الإنتاج إلى مؤسسات غير وطنية معظمها خارج حدود الولايات المتحدة، ولذلك أعتقد، بأن حاملات الطائرات سوف تصبح قريباً في عداد الماضي.
هناك ثلاثة عوامل تدل على ذلك: ارتفاع مستمر في تكاليف تشغيل حاملات الطائرات القديمة، التي تفقد مستوى حمايتها وقدراتها القتالية بسبب عمليات الصيانة المستمرة. وارتفاع مستوى الفعالية القتالية للتكنولوجيا الجديدة، ووجود مشكلات مع الطائرات المقاتلة.
إعداد وتقديم: نوفل كلثوم