يشار إلى إنه تم إنشاء التعاون PHENIX للعمل في مصادم الأيونات الثقيلة بسرعات نسبية (RHIC) في مختبر بروكهافن الوطني في الولايات المتحدة الأمريكية.
وعن التجربة الجديدة تحدث ممثل إدارة المشروع sPHENIX، الأستاذ الدكتور في علوم الفيزياء من جامعة ولاية ايوا الأمريكية، جون لاجوا خلال لقاء مع مراسل مشروع "الدليل الاجتماعي" في وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك":
بروفسور لاجوا، ما هي الفرص الجديدة الأساسية للعلوم التي يكشف عنها مشروع sPHENIX؟
إن مصادم الأيونات الثقيلة بسرعات نسبية (RHIC)، التي ستجرى فيها التجربة sPHENIX، هو في جوهره مختبر لدراسة فيزياء التفاعلات القوية والنظرية ذات الصلة، والحديث يدور عن الديناميكا الحرارية الكوانتية (هكذا يسمى جزء من نظرية المجال الكمي التي تصف التفاعلات بين الكواركات والغلوونات).
بالإضافة إلى دراسة اصطدام النوى الذرية، يمكن أيضاً للمصادم أن يحدث تصادماً بين البروتونات مع نويات الذرات المختلفة. وهذا سيساعدنا على فهم أفضل لكيفية انتقال المادة النووية إلى حالة البلازما كوارك-غلوون. ونحن نحاول أن نفهم أصل هذا السائل الساخن والكثيف وشديد التفاعل، الذي يكاد أن يكون مثالياً. أنا أعتقد أن هذا البحث مثير للاهتمام.
بالإضافة إلى ذلك، يمكننا دراسة الحالة الديناميكية اللونية الكمومية بشكل أفضل. يمكننا محاولة فهم ما هي تركيبة البروتون بكل تفاصيله. يشار إلى إن RHIC هو المصادم الوحيد في العالم الذي يمكن أن يصنع تصادماً بين البروتونات المستقطبة؛ وهذا مثير للاهتمام أيضاً.
قلتم ذات مرة إن فهم التفاعل النووي القوي الذي يربط الكواركات داخل النيوكليونات يمكن أن يحدث ثورة في التكنولوجيا، تماماً كما أدى فهم القوة الكهرومغناطيسية إلى ظهور الهندسة الكهربائية الحديثة. ما هي التقنيات الجديدة التي قد تنشأ؟
سؤال رائع. وهو جميل لأنه لا يمكن الإجابة عليه. لكن إذا أجرينا مقارنة، فإنه في عام 1865، صاغ جيمس كلارك ماكسويل المعادلات التي أصبحت نقطة مرجعية لفهم التفاعلات الأساسية في الطبيعة. وكما هو معلوم تعطي معادلات ماكسويل صورة كاملة عن عمليات الديناميكا الكهربائية بمفهومها الكلاسيكي.
وإذا سألت أحدهم في عام 1865 كيف سيبدو العالم بعد مائة عام من هذا الاكتشاف، أشك في أن أي شخص كان بإمكانه التنبؤ برحلتنا إلى القمر. وحتى مسألة تصميم أجهزة الحاسوب وأشباه الموصلات. لم يكن لأحد أن يتخيل أن العالم سيصبح كما هو عليه الآن، بمعنى أن كل شيء يعمل على الكهرباء. لأنه لم يكن معروفاً بعد التطبيقات الكهربائية هذه. ومع ذلك، كل هذا جاء بسبب ترويض واحدة من القوى الرئيسية في الطبيعة. وفهم الديناميكا الكهربائية أدى إلى واحدة من أكبر الثورات العلمية والتقنية في تاريخ البشرية.
لذلك أنا لا أعرف إلى أين سيؤدي تطور التفاعل النووي القوي وعملية فهمه وتطبيقه، ولكن يمكنني أن أقول بثقة تامة أن النتيجة ستكون هائلة. أين سيكون الفيزياء النووية بعد 100 أو 150 أو 200 سنة؟ لا أعلم. لكنني حقاً أريد أن أعرف.
إن تجارب مثل تعاون PHENIXتتطلب تعاوناً من علماء العديد من البلدان والتمويل الضخم. ولكن CERN، على سبيل المثال، قام بإنشاء الإنترنت في شكله الحالي. هل يمكن أن نقول أن مثل هذه المشاريع هي استثمارات في مستقبل الحضارة؟
مثل هذه الاكتشافات "الجانبية" لا تزال تحدث حتى الآن. على سبيل المثال أنا لدي الكثير من طلاب الدراسات العليا. البعض منهم، بعد الدفاع عن أطروحتهم، يواصل العمل كباحثين في مجال الفيزياء، والبعض الآخر يذهب إلى وول ستريت، وآخرون للعمل في شركة إنترنت. أي أن علماء الفيزياء يطبقون معرفتهم في المشاريع التي تصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا.
يقضي المدرسون الكثير من الوقت مع الطلاب والأبحاث العلمية، ويفكرون في كيفية تمكن هؤلاء الطلاب من مواصلة أبحاثهم. لكن طلابنا لا يصبحون دوماً فيزيائيين. هم يذهبون إلى مجالات مختلفة ويساهمون إسهاماً مهماً في تنمية المجتمع.
إن تعليم الهندسة التقنية في الجامعات في جميع أنحاء العالم، والذي بفضلها يطبق الطلاب مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات في مجالات أخرى، هو أحد محركات الاقتصاد الحديث في معظم الدول المتقدمة.
لقد قال أحد علمائنا الكبار شيئاً كهذا: "نحن في جامعة "ميفي" لا نعلم كيفية حل المسائل، وإنما نعلمهم كيفية التفكير في حلها".
بالضبط. أنا أقول دائماً لطلابي الجدد بأنهم لم يأتوا لدراسة الفيزياء، وإنما جاءوا لتعلم كيفية التفكير.
سيتقنون بالطبع مفاهيم الفيزياء، لكن هذا تأثير إضافي — نوع من المكافأة. الشيء الرئيسي هو أنهم يتعلمون التفكير وحل المشاكل المعقدة. لا يدرك العديد من طلابي الذين يأتون بعد الدراسة الجامعية أنهم لا يمتلكون المهارات اللازمة لحل المشاكل المعقدة بشكل منهجي. ولكن عندما تظهر هذه المهارات، فإنها ستكون قابلة للتطبيق في كل مكان تقريباً.
من أجل الحصول على بلازما كوارك-غلوون، يحتاج العلماء إلى الوصول إلى درجات حرارة أعلى بمئات الألوف من المرات من الحرارة الموجودة في النواة الشمسية. ما هي الشروط التي تخططون الحصول عليها في مشروع sPHENIX؟
ولذلك، فإننا نعتقد أن الشروط الأكثر ملاءمة لدراسة فروع الفيزياء التي تهم مشروع sPHENIX تتحقق في RHIC. وإذا ما تم المقارنة بين الأبحاث في RHIC والأبحاث في LHC ضمن طاقات أعلى، فإنها تكمل بعضها البعض بشكل كبير. لذلك، يحتاج العلماء إلى كل من المصادمين، ولكن RHIC، في رأينا، هو المجدي أكثر لدراسة اصطدام الأيونات الثقيلة في ظل ظروف معينة.
بالإضافة إلى ذلك، سوف ندرس أيضاً نفس التصادمات التي تحدث في جهاز PHENIX، ولكن إلى حد أكبر. لن نقوم برفع درجة الحرارة، ولكننا سنقوم بدراسة المزيد من التصادمات أكثر من تجربة PHENIX. ومن المهم للغاية النظر في كمية البيانات وعدد التصادمات المسجلة التي ندرسها.
ما هي العلاقة التي تربطكم بعلماء الفيزياء الروس؟
أنا على دراية بالعديد منهم. البعض منهم تعرفت عليه من خلال العمل في مختبر بروكهافن الوطني. ثم عندما جئت إلى PHENIX وكنت باحثاً شاباً في عام 1997، تعرفت على العديد من الباحثين الروس الموهوبين والمبدعين الذين شاركوا في إجراء التجربة. بشكل عام، كان لدينا تعاون مثمر للغاية.
هل ترغب في جذب طلاب الجامعات وطلاب الدراسات العليا والباحثين الشباب من جامعة "ميفي" للعمل على البيانات التي حصلتم عليها؟
بالتأكيد. هذا هو سبب مجيئي إلى هنا. نحن نبحث عن طرق لاشراك جامعة "ميفي" في تجربتنا.
سوف تسمعون من أي أستاذ دكتور أن أصعب الأعمال والدراسات في العلوم ينفذها طلاب الدراسات العليا والباحثين الشباب. إنهم يعملون في تحليل البيانات ومعايرة الكاشف، وجميع العمليات المعقدة لتحليل المعلومات من الجهاز التجريبي. ونحن ينقصنا دائماً الشباب المختص والموهوب.
على المدى الطويل، نود أن نقدم لطلاب السنوات الأخيرة في الجامعة، وطلاب الدراسات العليا والباحثين الشباب من جامعة "ميفي"، الفرصة للمشاركة في تحليل البيانات وإشراك أكبر عدد ممكن من الشباب.