-فهل ستتوقف الاحتجاجات في فرنسا والتي كما يقولون كان سببها الأساسي هو زيادة سعر المحروقات؟
-ما هي الأسباب الحقيقية للاحتجاجات الشعبية في فرنس؟
يقول المحلل السياسي والباحث في الشؤون الأوروبية أنطوان شاربنتييه من باريس:
"إن الأسباب الأولى للاحتجاجات هي السياسة الليبرالية لحكومة إيمانويل ماكرون، والتي لا تخدم سوى الطبقة الغنية في فرنسا على حساب الطبقة المتوسطة والفقيرة في المجتمع الفرنسي، مما زاد من سوء الحالة الاقتصادية للشعب الفرنسي بأغلبيته، والقشة التي قصمت ظهر البعير هو غلاء المحروقات بشكل جنوني، وقد فرض الرئيس ماكرون نوعا من الضرائب الجديدة على المحروقات والتي لا يستطيع الشعب الفرنسي تحملها".
وأضاف أنطوان شاربنتييه: "لا أعتقد أن الرئيس ماكرون سيغير سياسته بعد كل الذي حصل في المدن الفرنسية، وهو لا يهتم كثيرا بالذي يحصل، وهو يراهن على مشاغبات المحتجين، من أجل أن يفرض الأمر الواقع، حتى ترضخ الأغلبية لقراراته للحفاظ على سلامتهم وتفادي الصدامات في الشارع، ومن هذا المنطلق يكون المشاغبون واليمين المتطرف واليسار المتطرف وكل المجموعات التي تخرب اليوم في الشوارع الفرنسية، تكون شجعت ماكرون على تكملة سياسته العوجاء في فرنسا والتي ستؤدي إلى تداعيات سلبية جدا".
-حسب التصنيفات الغربية لمثل هذه الاحتجاجات، يمكن أن نقول عنها "ربيع فرنسي"، لأن الغرب أطلق على مثيلاتها في بعض الدول العربية اسم "الربيع العربي"، والسؤال ما هو الفرق بين "الربيع العربي" و"الربيع الفرنسي"، بين قوسين طبعا؟
يقول أنظوان شاربنتييه: "بالشكل لا يوجد فرق بين ما حصل في ما يسمى "الربيع العربي" و"الربيع الفرنسي"، فهنا في فرنسا شعب ثائر على نظامه السياسي والمالي والضريبي، لكن بالمضمون والجوهر هناك فرق، ويجب التنويه إلى أن الشعب الفرنسي لا يعيش حالة سوء كالتي تعيشها الشعوب العربية، أكانت سياسية أو اجتماعية وخاصة اقتصادية، فالحياة أصبحت أكثر غلاء وارتفعت الأسعار والضرائب في فرنسا وهذا مكلف، والفرنسيون يرفضون هذا النظام الضريبي والمالي هو الذي يمنحهم مجانية المدارس والمستشفيات والخدمات العامة، فيجب أن يكون هناك إصلاح وليس قلب للنظام، ومن أجل أن يتحقق الإصلاح في فرنسا يجب أن يكون لدى أحد الأحزاب مشروع بديل وليس قلب النظام، لهدف قلبه فقط، ومن هذا المنطلق، الذي يحصل في فرنسا الآن يشبه بعض الشيء "الربيع العربي" وإن بقيت الأمور على ما هي عليه فسيكون هناك ربيع عربي في فرنسا، ومعنى ذلك الفوضى في غياب مشروع سياسي واضح بديل، مع احتجاجات غاضبة تأخذ الشارع رهينة وتفرض رأيها على الأكثرية، وبذلك سيكون في الشارع الفرنسي تضاربا، وهو موجود بين مكونات المجتمع الفرنسي، ومن ثم حرب أهلية، ومن هذا المنطلق ما يحصل اليوم في فرنسا يشبه بعض الشيء ما حصل في "الربيع العربي"، ويجب على الفرنسيين أخذ العبرة من الذي حصل في البلاد العربية كي لا يصلوا إلى نفس المستوى، وكي يصلون إلى نتيجة تخدم المجتمع الفرنسي والمصلحة العامة".
إعداد وتقديم نزار بوش