وتتذكر منى الصلح، والدة الوليد، عن الأمير طلال بن عبد العزيز، وهي ابنة رئيس وزراء لبنان المستقل في عام 1943، رياض الصلح، الذي ترأس 6 حكومات قبل أن يتم اغتياله في الأردن عام 1951 أنها تعارفت عليه للمرة الأولى خلال زيارة كان يقوم بها إلى لبنان.
ويشير الكتاب نفسه إلى أن الأمير طلال "طالما كان شخصية صريحة وذات تفكير عصري، وكان رحالة كثير الأسفار، بل أنه أنه شغل منصب سفير المملكة في باريس، ووزير مالية الملك سعود لفترة وجيزة، وكان من نواح عديدة ذا عقل شديد التحرر بالنسبة للمحافظين في المملكة في الخمسينيات، ومن الواضح أنه ورث بعض مواقفة من والده الملك عبد العزيز، الذي كان مصلحا أيضا".
ولكن شكل انهيار زواج الأمير طلال بن عبد العزيز ببمنى الصلح في عام 1962، صدمة لابنهما الوليد، الذي كان يبلغ من العمر وقتها 7 سنوات، وظلا منفصلين لمدة تزيد عن 5 سنوات، حتى تطلقا في عام 1968.
وبعد الانفصال، التحق الوليد بن طلال بمدرسته الأولى "غابة الصنوبر" في لبنان، بصحبة والدته، ولكنه كان ذات طابع متمرد للغاية.
وبحسب مذكرات الوليد، فإنه عندما يتأمل في العوامل التي شكلت طفولته، وكيف تأثر بطلاق والديه، يعترف بهذه المعضلة:
رغم أنني كنت قريبا جدا من والدي وقريبا جدا من والدتي، إلا أنني طالما رغبت في أن يكونا معا. ومثل أي طفل، أردت أن أكون بقرب أمي وأبي، ولكن لما أن ذلك لم يكن ممكنا، كان علي أن أقسّم وقتي بين والدي ووالدتي.
وتقر والدته بذلك أيضا: "تأثرت طفولته بما حدث، فقد غير الطلاق حياته وطريقة عيشه، لم يكن طلاقا هادئا".
ولكن مع تزايد مشاكله وتمرده في لبنان، قرر الأمير طلال بن عبد العزيز إلى إلحاقه بكلية عبد العزيز الحربية في الرياض، وقتما كان عمره 13 عاما، وذلك بغرض غرس الانضباط بداخله، وهو ما اتفق معه ابنه الوليد أيضا.
ويعتقد الأمير طلال أن الرياض ربما وفرت بيئة أفضل لابنه، قائلا: "لا أعتقد أن حياته في لبنان أثرت عليه كثيرا (بطريقة إيجابية) لقد أرسلناه إلى لبنان للدراسة، ومع أنه كان متمردا إلى حد ما في سن المراهقة، إلا أنني أعتقد أن ذلك أثر عليه كثيرا، وإنني أعتقد أنه كان على سجيته في المملكة أكثر مما كان في لبنان".
ويتذكر رياض ابن خالة الوليد بن طلال، أن والده الأمير طلال بن عبد العزيز، "كان صارما نسبيا معه ورسم حدودا لما يسمح بالحصول عليه، عكس أعمامه اللذين كانو يغدقون عليه الهدايا، مثل السيارات والساعات، وبعض النقود لكي يلهو بها".
لكن مع تقدم السنين، وسفر الوليد بن طلال إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وزواجه هناك، نضجت علاقة الوليد بن طلال بوالده، وتقول المذكرات إن الفتى أعجب بشخصية الأمير طلال القوية والصريحة عندما كان مراهقا، وقال الأمير طلال بهذا الصدد: "إنها علاقة والد بابنه، وأنا اشعر بأننا أصدقاء لأنه في سن تسمح بأن نكون أصدقاء ولدينا مثل عربي قديم مفاده "إذا كبر ابنك اتخذه أخا، وذلك مافعلته".
ولا ينسى الأمير الوليد بن طلال موقف والده معه، عندما قدم له مبلغ 30 ألف دولار، بعد مرور أشهر من وصوله إلى الرياض قادما من الولايات المتحدة، والذي كان كافيا أن يؤسس شركته "المملكة" في عام 1980، ويصف الوليد انطلاقته في عالم الأعمال أنها "كانت انطلاقة بسيطة جدا"، وكانت شركته وقتها مكونة من مكتب مكون من 4 غرف، إحداها غرفته، وغرفة لسكرتيره، والثالثة للمدير والرابعة عبارة عن مطبخ.
وتوفى الأمير طلال بن عبد العزيز، أمس السبت، عن عمر يناهز 88 عاما، إذ أنه من مواليد 15 أغسطس/آب 1931، وهو والد الأمير الوليد بن طلال.
والأمير طلال (87 عاما) هو الابن الثامن عشر للملك عبد العزيز، وقد دخل الحياة السياسية وزيرا للمواصلات عام 1952، وشغل منصبي وزير المالية والمواصلات، وعين سفيرا لبلاده لدى فرنسا.
وكان العاهل السعودي الملك سلمان قد زار الأمير طلال بعد حملة الاعتقالات الأخيرة، للتعزية في وفاة أخته الأميرة مضاوي، حيث التقطت صورة للملك وهو يقبل يد أخيه الأكبر، الذي كان يجلس على كرسي متحرك.