لفتت شبكة "ميديكال إكسبريس" الطبية إلى أن هناك هاجسا غير طبيعي لدى الكثير من الآباء والأمهات حول تناول أبنائهم أي طعام من الشارع، ويرونه أنه خطر داهم يهدد دوما صحتهم، مضيفة: "الحقيقة قد يكونوا على حق، فطعام الشارع لا نعلم كيفية تحضيره، ولا أي من الأمراض التي يمكن أن يحتويها هذا الطعام، لكن، هناك منظور آخر للقصة، وهو أن الحرص الزائد على تناول طعام صحي له مخاطر صحية ونفسية واجتماعية أخطر".
ويفسر الخبراء ما هي المخاطر التي قد نعرض لها أطفالنا إذا لم نجعلهم يعيشون تجربة تناول الطعام من الشارع، أبرزها، بحسب خبراء صحة أمريكيين لشبكة "ميديكال إكسبريس" الطبية، فهي تجعلهم عرضة لنقص المناعة وتعرضهم لأمراض عديدة، وأمراض مثل "الإكزيما والحساسية والربو"، بالإضافة إلى اضطرابات سلوكية أخرى مثل الانطواء والاكتئاب وعدم الاندماج مع أقرانه.
وتقول الدكتورة كلاين ستيوارت، الباحثة في مجال التغذية بجامعة نيويورك: "تناول الطعام من الشارع، حتى لو كان به أنواع من البكتريا، فهو يساعد الأمعاء على تكوين مركبات مضادة للميكروبات، وتكون بمثابة حائط صد له أمام أي هجمات أخرى، أي أن تناول الطعام من الشارع بمثابة تطعيم لتقوية الجهاز المناعي للطفل، لتلعب دورا قوية في تحصين صحة الطفل".
وتتابع قائلة: "قد يتعرض طفلك للمرض جراء خطئه بتناول طعام يحتوي على ميكروبات، ولكن جسده سيتعود بعد ذلك ويصبح أكثر قوة في مواجهة أي صعاب، لكن الطفل الذي لا يتناول إلا الطعام الصحي يكون أكثر عرضة لأن إصابته بالأمراض تكون أسوأ".
وأشارت الإذاعة البريطانية إلى أن تناول الطعام الصحي لم يتمكن من إنقاذ حياة إلا نصف الأطفال فقط.
وقال جيفري غوردون، مدير مركز علوم البيولوجيا والأنساب في جامعة واشنطن في سانت لويس الأمريكية: "هناك عشرات تريليونات البكتيريا الصديقة التي تعيش في قنواتنا الهضمية، والإصرار الدائم على تناول الطعام الصحي يضعفها ويجعلها غير قادرة على الاستمرار، كما أنه يضعف مقاومة جهاز المناعة".
وتابع: "هناك دوما خليط متجانس من الأجزاء البشرية والجراثيم، وهو ما يجعل الكثير منا يعيشون في صحة كاملة رغم أنهم لا يتناولن أي طعام صحي، حقيقة وجود الميكروبات في أمعائنا أمر هام للغاية".
ويؤكد غوردون أن الكثير ممن يتناولن الطعام الصحي فقط، يساهم في تعطل الميكروبات المعوية عن العمل، ولا يمكن تصحيح هذا الخلل، إلا من خلال تحفيز تلك الميكروبات للعمل من جديد عن طريق تناول وجبات بسيطة من الطعام غير الصحي.
وقال جوناثان سوان، الأستاذ المشارك في علم الأحياء المجهرية في إمبريال كوليدج لندن البريطانية: "الأطفال الذين يتبعون نظاما غذائيا يقللون من الدفاعات الطبيعية لجسمهم، ويسيرون بسرعة تجاه حلقة مفرغة".
وأضاف: "الأطفال الذين يتبعون نظاما غذائيا يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مرضية مستمرة مثل الإسهال والتهاب الأمعاء المزمن، ما قد يتسبب في تدمير بنية القناة الهضمية وتدميرها، بالإضافة إلى زيادة نقص التغذية التي تؤدي إلى التقزم والعجز المعرفي".
كما قال ديدييه راولت، الأستاذ في جامعة "أيكس مارسيليا" الفرنسية: "من يفقدون الميكروبات اللازمة لتفكيك أي طعام يأكلونه يعانون من أزمات في عمليات هضم الطعام، ما يتسبب في نقص تغذية لعدم حصوله على الفائدة الكاملة من الطعام الصحي الذي يتناوله".
أثر نفسي
أما بالنسبة للآثار النفسية والاجتماعية، فتقول صحيفة "ذا نيوز" النيجيرية إن مزاحمة طفلك أقرانه على شراء ساندوتش مفضل له يجعله "أصح" نفسيا، ولا يجعله يجلس منزويا وحيد بعيدا عن أقرانه لتناول طعامه المنزلي.
في المدرسة حتى يتناول الساندوتشات التي أعددتها والدته له، كما أن ذلك يترك له الحرية، لأن يختلط مع أقرانه ويكتسب سلوكيات وخبرات حياتية أكبر في الحياة.
وتعود "بي بي سي"، قائلة: "هناك أثر نفسي مهم لتناول الطعام من الخارج مع أبنائك، ألا وهي خلق رابط نفسي اجتماعي هام بينك وبين ابنك أو بنتك".
وأوضحت: "لكن بطبيعة الحال ينبغي الحذر من انتقال عدوى خطيرة، خلال تلك المحاولات، أو الإكثار من تناول الطعام غير الصحي، بحيث لا يصبح عادة لدى طفلك، بل اجعلها استثناء، حتى يعتاد طفلك على فكرة التغيير، ولا يصطدم بالواقع عندما يكبر، ويصبح التغيير أمر صعب".