المستجد الهام حالياً هي محاولة وزير الخارجية اللبناني إقناع الجامعة العربية بالعدول عن موقفها غير السليم تجاه إقصاء سوريا والعمل على دعوتها لحضور القمة والممناعة التي حصلت من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بهذا الخصوص كانت صحيفة" الأخبار" اللبنانية قالت إنها حصلت على نسخة برقية سرية بعثتها سفارة لبنان في واشنطن، تتضمّن رفض أمريكا لدعوة لبنان لسوريا إلى القمّة الاقتصادية ببيروت أو مشاركته بإعادة إعمار سوريا ، وقالت الصحيفة إن الرسالة تضمنت تهديدا أمريكيا واضحا بفرض عقوبات على لبنان في حال مشاركته في إعادة إعمار سوريا.
— كيف يمكن أن يفهم هذا اللغط الدائر بشأن مشاركة سورية من عدمها في هذه القمة ؟
— هل تحتاج سورية فعلياً بغض النظر عن موقفها هل تحتاج أن تشارك في مثل هذه القمة في هذا الوقت ؟
— ألا تعني هذه القمة بماء على محاورها الدولة السورية التي باتت في الخطوات الأولى من مرحلة إعادة الإعمار ؟
— هل يمكن أن يكون قرار عدم دعوة سورية بناء على ضغوط وتوجيهات أمريكية تنال من سيادة لبنان وقراره كدولة مستقلة كما ورد في بعض وسائل الإعلام وكيف يمكن تجاوز ذلك بما يحفظ العلاقة بين البلدين ؟
حول اللغط الدائر بشأن مشاركة سوريا من عدمها في هذه القمة يقول الباحث في العلاقات الدولية الدكتور عوني الحمصي:
"بكل تأكيد عندما نتحدث اليوم عن هذه القمة فهي قمة هزلية من حيث الشكل والمضمون، وخاصة عندما نتحدث عن الأهداف والغايات المراد تحقيقها من هذه القمة، فهي منذ البداية لم تحدد بالمعايير والمؤشرات الأساسية في الدور العربي كجامعة لكل الدول العربية، واليوم عندما نقول أن هناك بعض الحكام العرب مازالوا يرتهنون للمشروع الأمريكي، نرى أن هناك مؤشرات ورسائل أمريكية هدفها تعطيل القمة العربية وإحداث خلل وشقاقات بينية جديدة،وتريد تخريب أي عمل عربي مشترك".
وتابع قائلا:"السؤال الأهم هنا والذي يطرح نفسه، هل جاءت هذه القمة نتيجة معطيات ومؤشرات مهمة على صعيد العمل العربي المشترك ؟ نحن نعلم أن هناك مؤشرات تدل على أن العرب لم يصلوا إلى الدرجة الكاملة من من التعامل العربي والعمل المشترك لا في الوقت الحالي ولا في الوقت السابق، وهذا كان غائب فعلياً من البداية في الوقت السابق وحتى في الوقت الحالي، حتى لم نصل إلى المشاريع التكاملية الإقتصادية والتنموية الإجتماعية، ونعلم أن هناك مشاكل عالقة، كبيرة جداً، والدول العربية في هذه الأيام في أكثر حالاتها فرقة وتبايناً والدليل على ذلك أن هناك إختلافاً واضحاً وتبايناً في الأدوار وحتى في المواضيع الأساسية في مكافحة الإرهاب، فكيف يمكن أن نقول أن هناك قمة عربية في ظل غياب محور وروح العرب وهي الدولة الوطنية السورية…!!! ".
أما فيما يخص حاجة سوريا إلى المشاركة في هذه القمة في هذا التوقيت بالذات يقول الدكتور الحمصي:
"أنا أعتقد أنهم هم من يحتاجون مشاركة الدولة السورية الوطنية بمكانتها ودورها الإقليمي في مكافحة الإرهاب والقضاء على المشاريع الإستعمارية والأمريكية في المنطقة، على بعض الدول أن يعلموا أن سوريا قلب العروبة النابض في هذه المسـألة وهي نقطة إجماع، وبالتالي على الدول العربية أن تلتف حول هذا الدور وهذه المكانة القومية العربية للدولة السورية التي هي المؤسس لهذه الجامعة. السؤال الذي يجب أن يطرح هنا، مالذي حققوه منذ أن تم تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية ؟ أعتقد أنهم هم من يحتاجون اليوم إلى دور سوريا، إذ كانوا بدأوا يتلمسون مخاطر الوجود الأمريكي والتبعية الأمريكية التي لم تكن بمنأى عنها هذه الدول، لذلك حضور سوريا بمكانتها من عدم حضورها هي من تجمع بقية من لا كرامة لهم، وإذا كانوا يبحثون عن كرامات عليهم الإلتفاف حول الدولة والمكانة السورية ".
بالنسبة للإشكاليات التي تتوقف على التدخل الأمريكي والهدف منها يرى الدكتور الحمصي أن: "هذه الإشكالية تتوقف على الطرف الأمريكي الذي وجه رسائل واضحة حول منع سوريا من المشاركة في القمة، وحول منع لبنان من المشاركة في إعادة إعمار سوريا، هذه الرسائل واضحة حول سوريا وحول الهدف في إفشال القمة وإبعاد لبنان عن محور المقاومة وعن المحور القومي العروبي، بطبيعة الحال الدول التي تخرج من الحروب تسعى نحوة إعادة الإعمار، وإذا كانوا اليوم يريدون الحصول على جزء من الكعكة الإقتصادية السورية يجب أن يكونوا على قدر كبير من المسؤولية السيادية، اليوم هم بحاجة إلى أن يتخلصوا من بقايا التبعية في القرار السيادي للدولة وهنا تكمن المشكلة الأساسية".
على أي أسس ومرتكزات يمكن أن تكون مثل هذه القمة هامة ولمن بالدرجة الأولى؟، لسورية أم لدول الجوار، على هذا التساؤل يجيب الدكتور الحمصي قائلاً:
"هناك جملة من القضايا والتفاصيل المهمة التي لابد من بحثها والتركيز عليها، اليوم عندما يقدم 29 بنداً لما يسمى بالقمة التنموية الإقتصادية العربية ،ويظهر غياب ملف اللاجئين والنازحين السوريين وغيرها من الملفات المهمة الأخرى، يعني أنه مازالت هناك بعض الدول تحاول الإستثمار في هذه الجوانب وتريد الإبتزاز حتى اللحظة في المحافل الدولية وجذب الأموال وغيرها".
واستطرد بقوله:"اليوم ليست القصة ليست مسألة ثنائية بين أطراف اليوم عندما نقول لبنان وغير لبنان من الدول المجاورة فسوريا هي تعتبر الرئة والتنفس، عندما تم فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن، من كان يحاصر من ؟ وقد كنا قد شهدنا ماتم تداوله بخصوص الأردن أنه هو من كان محاصراً وهو حاصر ذاته، وبالتالي عندما تشكل سوريا الرئة الإقتصادية والمائية والسياسية والحاضنة المهمة في الوجود والعروبة، هذا هو الذي ينقصهم، وبالتالي عملياً العودة، أعتقد أن العودة هي عودة لبقية الأطراف التي بدأت في مقدمات خاطئة، ولاننسى حتى أنه بعد عملية تعليق العضوية كان هناك إجتماعات يومية لإبعاد سوريا عن البعد القومي والعروبي، اليوم سوريا تنتصر بجيشها وبحلفائها وأصدقائها وتعيد مكانتها الدولية والإقليمية وتعيد دورها السياسي، اليوم تعود سورية إلى مكانها الطبيعي، وهي نقطة إستقطاب إقتصادية لمن يتحدث عن مصلحته ".
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق
إعداد وتقديم نواف ابراهيم