اعتبرت الصحيفة الأمريكية الحديث عن هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي، كما قال الرئيس دونالد ترامب، تجاهلا لدروس التاريخ.
ونقلت الصحيفة عن المستشار البارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومؤلف تقرير للمركز صدر حديثا عن التنظيم سيث جونز، قوله "يخطئ الناس عندما يعتقدون أنه عندما تخسر مناطق فإنك ستواصل الخسارة… عندما تخسر مناطق، يقرر الخاسر التحول نحو استراتيجية حرب العصابات، وأساليب تضم اغتيالات وكمائن وتفجيرات… بهذه الطريقة تواجه فيها عدوك".
ودللت الصحيفة على ذلك بالهجوم الذي وقع، الأسبوع الماضي، على محل شاورما في مدينة منبج، والذي قتل فيه 15 شخصا، بينهم أربعة أمريكيين، إذ إنه "دليل على خطورة التنظيم".
وينقل التقرير عن المتحدث باسم المجلس العسكري لمدينة منبج، شروان درويش، قوله: "يعرف الجميع، وقلنا هذا من قبل، إن المعركة ضد تنظيم داعش لم تنته، ولم يختف خطره".
ويلفت التقرير إلى أن إعلان ترامب عن هزيمة التنظيم هو المرة الثانية التي يقال فيها إن التنظيم هُزم، فقبل عقد من الزمان، قيل ذلك أيضا، وقيل إنه لم يتبق لديه سوى 700 من المقاتلين، لكن الانسحاب الأمريكي منحه فرصة لإعادة بناء نفسه بشكل سريع، وبعد أربعة أعوام استطاع التنظيم السيطرة على مناطق تعادل مساحة بريطانيا.
وتقول الصحيفة إن التقديرات حول قوة التنظيم هي اليوم أفضل بعد الخروج الأمريكي من العراق، ومع أن الكثير من قادته قتلوا، إلا أن زعيمه أبو بكر البغدادي ونوابه الكبار لا يزالون أحياء.
وتشير الصحيفة إلى أن الدواعش شنوا بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن هزيمة التنظيم في عام 2018، حوالي 1200 هجوم.
وتفيد الصحيفة بأنه بحسب تقديرات البنتاغون ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن عدد المقاتلين التابعين للتنظيم يتراوح ما بين 20 إلى 30 ألف مقاتل، مشيرة إلى أن هذا العدد لا يشمل المقاتلين الموجودين في مغارات أفغانستان، أو أدغال النيجر ومالي، أو صحراء سيناء في مصر، أو المناطق الخارجة عن القانون في اليمن وليبيا ومناطق أخرى عدة للتنظيم فيها فروع.
وبحسب التقرير، فإن التنظيم يحاول إظهار أن خروج الولايات المتحدة دليل على أنه تفوق على العملية الأمريكية، ففي شريط فيديو بصوت أحد مسؤولي الدعاية المشهورين ترجمان أسورتي، تباهى فيه كيف أصبح التنظيم قويا أكثر من القوات الأمريكية المنسحبة، وقال بحسب ترجمة موقع "سايت"، "عندما أعلن أوباما الخروج الأمريكي من العراق كانت نار حربنا في العراق مشتعلة.. اليوم لا تزال الحرب مشتعلة في العراق وسوريا واليمن وأفغانستان وصحراء سيناء وشرق أفريقيا وليبيا".
وتورد الصحيفة نقلا عن المدير السابق للأبحاث في مركز مكافحة الإرهاب في أكاديمية "ويست بوينت" العسكرية المعروفة بريان فيشمان، قوله "من الواضح أن الجماعة أقوى مما كان عليه تنظيم داعش في العراق"، فيما يرى الخبراء أن البيت الأبيض يقوم بالمساواة بطريقة غير صحيحة بين خسارة التنظيم مناطقه وقوته بشكل عام.
وتنقل الصحيفة عن المحلل حسن حسن من مركز التحرير في واشنطن، قوله إن التنظيم بدأ بالتحول نحو حرب العصابات في عام 2016، وقبل عام كامل من خسارته معظم المناطق، ووثق حسن في بداية 2016 كيف قام التنظيم بعمليات انتحارية استهدفت حكام المناطق الجدد، التي خرج منها بهدف التسبب بأكبر قدر من الأضرار وليس استعادتها.
ويلفت التقرير إلى أن الزميل البارز في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مايكل نايتس، وثق كيف استهدف التنظيم وبدقة مخاتير القرى وشيوخها والساسة المحليين، فيما كانت هناك 15 محاولة اغتيال ضد القادة المحليين في الأشهر العشر الأولى من عام 2018، مشيرا إلى أن العمليات لم تحظ بتغطية إعلامية، لكنها أدت إلى نزع الثقة في قدرة الحكومة على حماية المواطنين، ودفعت بالشباب لأحضان التنظيم، وتساءل قائلا: "لو جاء تنظيم داعش في كل شهر من العام وقتل أهم شخص في البلد فهذا يعني أنك لم تتحرر".
ويشير نايتس إلى أن أساليب التنظيم تكشف عن الأساليب التي أدت إلى ولادته من جديد ذاتها، و"اكتشفوا أنك لست بحاجة للقيام بـ6 آلاف عملية في الشهر، لكن عليك قتل أهم 50 شخصا في كل شهر".
وبحسب الصحيفة، فإن التنظيم يتحدث في أدبياته عن المرحلة الجديدة وهي "الرصد"، ويقول المحلل حسن إن الدواعش ينفقون وقتا طويلا لمراقبة روتين القوات الأمنية في البلد، و"يبحثون عن الثغرات الأمنية وأوقات الحركة.. عندما ترى الثغرات تبدأ بالعمل من خلالها".