إليكم نص الحوار…
بعد انتهاء الجولة في العاصمة الأردنية عمان، اتفقنا على عدة نقاط منها تبادل الإفادات عن قوائم الأسرى، والتي تم تقديمها في السويد، نظرا لعدم الرد عليها من جانب التحالف في الوقت المطلوب، والذي تم تحديده أثناء المشاورات، فقد تم تقديم الافادات والملاحظات عليها، وسيكون الرد على الملاحظات خلال الأيام القليلة القادمة، وسيكون هناك اجتماع مؤجل من 30 يناير/كانون الثاني الجاري، سيتم عقده في 5 فبراير/شباط المقبل، على أن يتم دراسة كل ما تم تقديمه من إفادات وملاحظات في هذا الاجتماع، وكذلك إثباتات وأدلة كل طرف عن وجود الأسرى لدى الطرف الآخر، على أمل أن يخرج الاجتماع المقبل بقائمة نهائية يتم بموجبها تبادل الأسرى، لكن هذا يتوقف على مدى جدية ومصداقية كل طرف في تقديم الإفادات عن الأسرى.
سبوتنيك: لماذا تعقدت عملية تبادل الأسرى بعد تفاهمات السويد… ودخول المنظمة الدولية كطرف ثالث؟
قبل أن يكون هناك دور للأمم المتحدة في هذا الموضوع، كانت هناك تفاهمات تتم بين الجانبين بشكل أسبوعي، ولم يكن يمر شهر واحد دون أن تكون هناك صفقات تبادل للأسرى تتم عبر شخصيات محلية ووساطات قبلية، وخلال فنرة الحرب تم تبادل أكثر من 6000 ألف أسير من الطرفين، وبعد أن دخلت الأمم المتحدة على الخط وأصبح هناك اتفاق شامل، وزع التحالف تعميم على جميع الفصائل التابعة لهم بعدم إجراء أي عملية تبادل فردية نهائيا، لهذا توقفت العمليات بشكل كامل، ولم تعد هناك أي عملية، وانتهى دور الوساطات المحلية والقبلية بشكل كامل، وهذا شيء مؤسف، وكنا نأمل أن يظل هذا الخط مفتوحا للتخفيف من معاناة الأسرى وذويهم، وبالنسبة لنا فليس لدينا مانع على الإطلاق من إجراء أي عملية سواء عبر الوساطات المحلية أو القبلية أو عن طريق المنظمة الدولية، لأن المفاوضات عبر المنظمات الدولية تأخذ الكثير من الوقت وليس لها نتائج ملموسة على الأرض حتى الآن.
سبوتنيك: كانت هناك آمال وتطلعات بأن مشاورات السويد ستنهي القدر الأكبر من مشكلة الأسرى، وسرعان ما تبدلت الأمور بالاتهامات المتبادلة وتوقف العملية بالكامل… ماذا حدث؟
التحالف قدم لنا قائمة بها أكثر من 9 آلاف اسم، ونحن قدمنا قائمة بها 7500 اسم، وبدورنا قدمنا لهم إفادات عن أكثر من 80% من الكشف الذي تقدموا به، وكان هناك أكثر من 2000 اسم مكرر وأيضا أكثر من 1400 اسم تم إطلاق سراحهم، بالإضافة إلى أسماء وهمية كانت بالكشوف غير مكتملة البيانات ولم نستطع العثور عليها، بالإضافة إلى 1500 أكثر اسم كانوا موجودين لدينا، كما أبلغناهم أن لدينا مئات الجثث قد تكون للأشخاص الذين لم يتم التعرف على حقيقة وجودهم "مجهولي الهوية"، لكن الرد على مطالبتنا وكشوفنا من جانبهم كانت ضعيفة جدا ولم يفيدونا سوى عن 700 شخص من أصل 7500 شخص موجودين بالقائمة، وتلك كانت الإشكالية الأكبر والسبب الحقيقي وراء تعثر المشاورات، لهذا كان لابد من جولة ثانية يتم فيها إعادة البحث والتحري وتقديم الإفادات مرة أخرى والرد على الملاحظات وهو ما نحن فيه الآن بعد نقل العملية إلى الأردن، للأسف الشديد الرد الذي أتى من قبل التحالف كان مخيب للآمال بشكل كبير جدا، وأنكروا وجود الآلاف الذين نعرف أماكن سجنهم وعلى تواصل معهم، وبعضهم قد زارهم الصليب الأحمر، وحملت رسائل منهم إلى ذويهم، وبعضهم تم التفاوص بشأنه من قبل مع التحالف، ولم يشيروا إلى أي من الأسرى الذين أخذتهم الامارات العربية المتحدة.
سبوتنيك: هل تتوفر لكم معلومات دقيقة عن عدد الأسرى لدى التحالف وأماكن اعتقالهم؟
نعم، هناك جزء من الأسرى نعرف أماكن سجنهم، ونعرف الجهات وقياداتها التي تحتجزهم، وأوردنا كل هذه المعلومات في الإفادات والملاحظات التي رددنا بها على إفاداتهم، ومنهم من هم في سجون الداخل بعدن وتعز وشبوة وفي عدة جبهات، وبعض السجون التابعة للإمارات سواء في الجزر الموجودة بالبحر الأحمر أو في قواعد عسكرية داخل الجنوب، هذا بجانب أن لدينا أدلة على أسر التحالف لمجموعات أخرى، ولكن لا نعرف أماكنهم، ولدينا مقاطع من الفديو أثناء عمليات أسرهم، ونأمل أن تكون الجولة المقبلة مخصصة للبحث في تلك الأدلة والبيانات والإثباتات التي قدمناها للأمم المتحدة في الرد على الملاحظات.
سبوتنيك: هل تقومون بعمليات توثيق لقتلى التحالف في جبهات القتال حتى يسهل معرفة أماكنهم والإفادة عنهم حال وجود تلك الأسماء في كشوف الأسرى؟
عمليات الجثث هي من أبرز العوائق التي سنواجهها في المستقبل، ومنذ بداية الحرب ومنتصفها، أخذنا احتياطات، هناك أعداد كبيرة من القتلى، منهم من هم بداخل الثلاجات معروفين الهوية وجثث أخرى غير معروفة، هذا بجانب وجود جثث كثيرة مدفونة بالجبهات ومعروف أماكن دفنها سواء كانوا يمنيين أو غير يمنيين ومن جنسيات مختلفة، وقدمنا تلك المعلومات في الإفادات التي سلمناها للتحالف، وأخبرناهم بأن لدينا مئات الجثث مجهولة الهوية، ولكننا مستعدون لتقديمها لأن هناك لجنة خاصة بالجثث، وهي جزء من لجنة الأسرى، وستعقد اجتماعاتها في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، وفي نفس الموعد الذي ستعقد فيه لجنة الأسرى اجتماعاتها.
سبوتنيك: تقومون بتوثيق الأسرى والجثث… هل يقوم التحالف بنفس الخطوات؟
أثناء فترة الحرب، كان هناك تبادل للجثث في كثير من الجبهات، لأن مناطقنا قبلية وكانت تقوم فيها الحروب الأهلية ويتبادل فيها المتحاربون الجثث، ونظرا لأن الحرب توسعت وشملت مناطق كثيرة في الفترة الأخيرة هناك الكثير من الجثث لا نعرف إن كانوا أسرى أو من أهل تلك المناطق، فعلى التحالف أن يثبت ذلك، وخلال الفترة الأخيرة من المشاورات لم يقدموا لنا أي معلومة على الإطلق في هذا الإطار ولم يبلغونا بأن لديهم جثث بعكس ما قدمناه نحن لهم، لذا قد تكون مسألة الجثث أحد معوقات التبادل لأن لدينا الكثيربن لا نعرف مصيرهم وهم كذلك، فإن لم يكن هناك اهتمام من الطرفين سوف تكون هناك اشكالية تستمر لفترة طويلة.
سبوتنيك: من هو أشهر أسير لديكم ومن أي الجنسيات؟
لدينا أسرى من مختلف القيادات، وأعلى الرتب في الأسر هو وزير الدفاع اليمني السابق قبل العام 2015 محمود الصبيحي، وهو أسير حرب تم أسره من الجبهة، كما أن لدينا جميع الرتب بداية من الفريق إلى أصغر جندي، من مختلف الجنسيات بما فيها السعودية والإمارات.
سبوتنيك: ما هي أغرب المواقف التي صادفتكم أثناء عمليات تبادل الأسرى والتي سبقت مشاورات السويد؟
الطابع السائد في اليمن هو طابع قبلي، وهناك تفاهمات كبيرة تجرى بين القبائل، وهذا الطابع القبلي مؤثر جدا في الشخصية اليمنية، وفي كل العمليات التي قمنا فيها بتبادل الأسرى مع الطرف الآخر لم تحدث أي عمليات خداع من أي طرف وكانت الأمور تسير بسلاسة كبيرة جدا، حتى أن الصليب الأحمر لم يشترك سوى في عمليتين فقط من عمليات التبادل، والتي تتعدى أكثر من 300 عملية تبادل، وهذا الأمر يعكس أن اليمنيين بمقدورهم حل مشاكلهم بأنفسهم ولولا التدخل الخارجي لما استمرت الحرب طوال تلك الفترة ولما حدثت الحروب بين اليمنيين.
سبوتنيك: كيف ستتم عمليات التبادل القادمة للأسرى بعد مشاورات السويد؟
الاتفاقية الموقعة بشأن الأسرى تنص على أن الصليب الأحمر شريك منفذ في العمليات القادمة لتبادل الأسرى، وهو مشارك أيضا في كل الجلسات التي عقدت بشأن الأسرى سواء في السويد أو في عمان، فهو يقوم بالجانب الفني واللوجستي والإعدادات والاستعدادات لإجراء عملية التبادل، وهذا لن يتم إلا إذا كان هناك إفصاح عن جميع الأسرى، فالعملية شاملة ولا تستثني أحد، والوضوح والشفافية أهم دعائمها، وفي حال اتمام كل الجوانب فإن الصليب الأحمر هو من سيقوم بتنفيذ العملية، إذ تم التوافق على أن تكون عملية نقل الأسرى جوا بين مطار صنعاء ومطار سيئون في وادي حضرموت بالجنوب اليمني.
سبوتنيك: كيف تعاملون أسرى التحالف؟
لدينا آلاف الأسرى، ونتعامل معهم تعاملا دينيا وأخلاقيا بما يتلائم مع قيمنا وديننا ومبادئنا وأخلاقنا، ولدينا توجيهات من القيادة بأن نتعامل مع هؤلاء الأسرى كضيوف، ولا يمكن أن نقوم بالتعامل مع الأسرى بكلام قاس وجارح أو نعاملهم بجفاء، ولم يستطع التحالف ومن معه أن يثبتوا علينا أن أسيرا واحدا خرج من سجوننا وقام بالشكوى لديهم، بعكس الطرف الآخر الذين بتعامل مع أسرانا بكل وحشية وقسوة، ولدينا مئات المقاطع المصورة لانتهاكات التحالف للأسرى، والتي تبدأ من الإهانة والضرب، وقد تنتهي بالتصفيات الميدانية والحرق بالنار وكل أنواع جرائم الحرب بحق الأسرى في مختلف الجبهات وكلها موثقة ابتداء من عدن وإلى الحدود.
وتابع: لدينا مقاطع فديو تثبت ارتكاب الجنود السعوديين لجرائم الحرب حتى ضد الأسرى المثخنين بجراحهم، وذكرنا مرارا وتكرارا أننا نتحدى التحالف أن يثبت علينا ولو حادثا واحدا يمثل انتهاكا ضد أسير واحد ممن تم إطلاق سراحهم، وبالنسبة لعملية الإعاشة، فإننا نقدم لهم كل ما لدينا، وفي نفس الوقت، فإننا نفتح لهم التواصل مع أهاليهم وحتى التواصل مع قياداتهم ويرسلون لهم الأموال وكل ما لا نستطيع توفيره لهم، كما أنه مسموح للصليب الأحمر بالتواصل معهم، وليس لدينا ما نخفيه بعكس الطرف الآخر، والذي يقوم بإخفاء الآلاف في سجون سرية لا نعرف أماكن تواجدها على الإطلاق، ولم يسمحوا للصليب الأحمر بزيارتها ولم يسمحوا لنا أو لأهاليهم بالتواصل معهم.
سبوتنيك: الحالات الخاصة من الأسرى كالمرضى وغيرهم… كيف تتعاملون معها؟
تم إطلاق سراح مئات الأسرى دون قيد أو شرط من الذين يحتاجون عناية صحية لا نستطيع توفيرها، كان آخر تلك الحالات الأسير السعودي والذي تم إطلاق سراحه منذ أيام بعد أن عجزنا وعجز الأطباء عن علاجه وإجراء العملية الجراحية التي يحتاجها، صدر عفو عام عنه وتم تسليمه إلى الصليب الأحمر لإعادته إلى دياره.
سبوتنيك: لماذا تم اختيار الأردن ليكون مقرا للتفاوض حول الأسرى وليس أي بلد آخر؟
في البداية، كان لدينا تحفظات على الأردن لأنها من الدول التي أعلنت سابقا مشاركتها في العدوان على اليمن، ولكون الملف إنساني ويحتاج لتنازلات من الطرفين وافقنا على اجراء المشاورات في الأردن أملا في نجاح وسرعة انهاء العدد الأكبر من الأسرى في هذا الملف الإنساني والذي يسبب معاناه كبيرة لآلاف الأسر سواء لدينا أو لدى الطرف الآخر، وكنا قد اقترحنا عدة مناطق أخرى ولكنها رفضت من الطرف الآخر، ونظرا لأن المكتب الرئيسي للمبعوث الأممي في عمان.
سبوتنيك: ما هي ضمانات تنقلكم من وإلى الأردن؟
نحن نتنقل عبر مكتب المبعوث الدولي وهو الضامن لتنقلاتنا وإعادتنا إلى صنعاء.
أجرى الحوار/ أحمد عبد الوهاب