راديو

منبج إلى الواجهة من جديد... التركي يهدد والأمريكي يقصف وداعش يشن هجوما

في الوقت الذي تم التوافق عليه لتسيير دوريات روسية مشتركة مع مايسمى "مجلس منبج العسكري" التابع لقوات "قسد" في منبج، يعود التركي إلى الإعلان عن نيته القيام بعملية عسكرية في منبج وشرق الفرات، يتبعه قصفاً أمريكا على موقع عسكري سوري يوازيه هجوما لداعش بالزوارق.
Sputnik

غارة جوية من طيران التحالف على مدفعية الجيش السوري
جاء هذا التصعيد على لسان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في كلمة ألقاها أمام أفراد القوات الخاصة على الشريط الحدودي مع العراق، أثناء زيارة تفقدية قام بها إلى هناك مؤخراً. خلوص أكار تحدث بلهجة التهديد والوعيد لجميع الأطراف منوها إلى استمرار التنسيق من الجانبين الروسي والأمريكي بهذا الخصوص وفي هذا الوقت أو بعده بقليل قامت قوات ما يسمى التحالف الدولي بقصف موقعاً للجيش العربي السوري في منطقة البوكمال.

من جهة أخرى نشرت وسائل إعلام روسية تسجيلاً مصوراً وبحسب التسجيل، قال جنود في الجيش السوري إنهم يساندون "الأشقاء في مجلس منبج العسكري" لصد أي هجوم من مسلحي "قوات درع الفرات" التي تدعمها تركيا، كيف نفهم هذه الجزئية المستجدة؟

في أي إطار يأتي هذا التصريح وهل ذهبت التوافقات الروسية التركية أدراج الرياح وعاد التركي إلى التنسيق مع الأمريكي الذي أكد على استمراره لحمايته ودعمه لقوات قسد؟

أين تتواجد القوات السورية حالياً بالتحديد وماهي المهام التي تقوم بها بناء على ماتقدم آنفاً؟

كيف تفهم التحذيرات التركية للجيش السوري من مغبة القيام بأي استفزاز في ظل استقدام تركيا في الأيام الماضية لتعزيزات ضخمة إلى الحدود مع سوريا؟

مالذي يخفيه ورائه قصف قوات التحالف لموقع للجيش السوري، وماهي تداعياته، خاصة أنه ترافق مع هجوم بالزوارق من قبل تنظيم داعش؟

مقتل مدني وإصابة 5 آخرين في تفجير استهدف سيارة للمعلمين في منبج
حول التصريحات التي أطلقها وزير الدفاع التركي بخصوص اقتحام منبج وشرق الفرات ومنعكساتها على التنسيق مع الروسي يقول الخبير العسكري الاستراتيجي والخبير بالشأن السياسي اللواء الدكتور محمد عباس:

في الواقع التركي لم يكن ولا مرة واحدة إلى جانب الروسي، لنتذكر جيدا طبيعة الصراع والعداء التاريخي بين السلوك التركي والهوية الروسية، السلوك التركي الذي يقوم دائماً على مبدأ النفاق والكذب فيما يتعلق بمصالحه وعدوانيته والتي يمارسها مع الدول سواء مع من يعاديهم أو من يتحالف معهم.

التركي يسلك سلوكاً عدوانياً ضد سوريا، واليوم يحتل جزءا من الأراضي السورية، ويهدد بالرد على أي عمل إستفزازي أو عسكري ضد قواته أو قواته البديلة والتي تضم المجموعات الإرهابية المسلحة والتي تمثل جيوشاً بديلة كمجموعات الزنكي وداعش والنصرة الموجودة في إدلب، وفي شمال وشرق سوريا.

 كل هذه المجموعات والجيوش البديلة تحمل مشروعاً أمريكيا ينفذه التركي، وهنا لاننسى أن هناك مشروعاً تركياً خاص متضمناً في المشروع الأمريكي بما تحدث عنه أحمد داوود أوغلو لجهة قيادة المشروع الإسلامي تحت العباءة القومية التركية والعمق الإستراتيجي لتركيا الذي يمتد على إمتداد الجغرافيا الإسلامية الممتدة من المغرب إلى إندونيسيا، وبالتالي الأطماع التركية ليست وليدة اللحظة.

بالنسبة لأسباب الحشد العسكري التركي الجديد والأهداف المراد تحقيقها من خلاله يقول اللواء عباس:

في الحقيقة هناك عناصر عديدة للحشد التركي، العناصر الأولى هي لكي تحجّم سورية وتمنعها من استعادة إدلب، ونتذكر أن مشروع استعادة إدلب منطق يحمل صفتين، الصفة الأولى هي صفة المصالحات الوطنية والتواصل مع أبنائنا وأهلنا في منطقة إدلب.

موسكو تعلق على تفجير منبج الذي راح ضحيته عسكريون أمريكيون
في الزاوية الأخرى: هي القضاء على المجموعات الإرهابية المسلحة وتجفيف الجيوش التركية البديلة الموجودة في منطقة إدلب، وهذه الحالة تتوقع تركيا خسارة إدلب بعدما ما احتلهتا وفقاً لمشروع لوزان عام 1923، ولكن التركي أطماعه أكثر بكثير من الأطماع في سوريا التي تحدث عنها وحددها جغرافياً.

إنه يتحدث عن جنوب سوريا وجنوب جنوب سوريا وصولاً إلى الجزيرة العربية، وهذا هو الصراع بين الوهابية والإخوانية الذي يتزعمه اليوم أردوغان تحت العباءة الإخوانية، إذاً القوات الموجودة في المنطقة والتهديد التركي هي تجسيد للدور التركي في اختراق الجغرافيا السورية وتجسيد أيضا لحماية قواته البديلة، وأيضا في زاوية أخرى يريد التركي أن يمارس أوراقاً تفاوضية أقوى أمام الروسي والإيراني ليؤكد أنه صاحب القرار وأنه بإمكانه أن يفرض ما يريد على المجموعات الإرهابية المسلحة وأن يفرض على الدولة السورية نموذجاً جديداً في الهوية الإخوانية والنموذج المتأسلم الذي يريد أردوغان أن يفرضه على سورية بعد ثمان سنوات من الحرب، حيث فشل هذا المشروع الإخواني التركي الذي يجسد مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يتزعمه أردوغان نيابة عن أمريكا، وأيضا يقوده التلمود، الهوية التلمودية العبرية الصهيونية في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير.

بخصوص استعداد الدولة السورية والتحضيرات ضمن إطار التوزع الجغرافي للجيش العربي السوري واستراتيجية المواجهة التي يعتمدها حالياً يقول اللواء عباس:

القوات المسلحة السورية تنتشر في معظم الجغرافيا السورية وخاصة في المناطق التي ما تزال تحمل طابع البؤر الساخنة، وأيضا تعمل بتناغم كامل مع القوات الحليفة والقوات الرديفة، وأقصد بهم هنا، القوات الوطنية السورية من المتطوعين المدنيين السوريين الذين يقاتلون إلى جانب الجيش العربي السوري، وكذلك الأمر القوات الحليفة التي تقف إلى جانب الدولة السورية.

وأردف اللواء عباس:

أما بالنسبة  للتوزع الجغرافي الحالي للقوات المسلحة السورية، هي جاهزة على اتجاه ادلب في المنطقة الشمالية الممتدة من شمال شرق اللاذقية وصولاً إلى شمال حماه إلى جنوب غربي حلب، وأيضا شمال غربي حلب، هذا الخط الذي يمثل حوالي 250 كم، أيضاً في المنطقة في منطقة منبج ومحيط منبج هناك قوات سورية متمركزة وهي تنتظر أن يكون لها عملاً إيجابياً من أجل ردع التدخل التركي في هذه المنطقة وخاصة إذا ماتذكرنا هنا أنه ماتزال توجد هناك حالات قلق بين القيادات الكردية، ولا أقول الأكراد السوريون، لأن الأكراد السوريين حكماً هم موجودون مع المواطن السوري، ومع الدولة السورية، ومازالوا يحملون العلم الوطني السوري في قلوبهم وعقولهم وهويتهم.

وأضاف اللواء عباس:

 التهديد التركي باجتياح منبج لايعدو فقاعة قنجان، لأن التركي يعلم أنه في حال قام بهذه العملية فسوف يلقى مجابهة ومقاومة وطنية شعبية قادرة على لجمه وتحرّكه ومنع تقدمه، ولكن أنا أعتقد أن التركي لن يزج بقواته التركية الحقيقية وإنما سوف يقوم بزج قوات استقدمها من الشمال السوري في إدلب تحت مسمى قوات درع الفرات أو غصن الزيتون وغيرها من المسميات الأخرى لكي يقاتل السوريون السوريين، بعضهم البعض، ولكي يستثمر في أنه يريد تخليص الشعب السوري من الإرهاب.

 هذا الإستثمار المتارجح بالمواطنين السوريين فيه الكثير من الحقد والكراهية على المواطن السوري، وفيه محاولة لترسيخ الهوية التركية، ولكن بالمقابل على التركي أن يعلم أن سورية جاهزة لكل التحديات القادمة في الاتجاهات السياسية والعسكرية والثقافية والاجتماعية التي يحاول التركي العبث فيها لتحقيق مآربه، وهذا ما لن يمكنه تحقيقه مهما حشد وهدد وتوعد.

إعداد وتقديم: نواف إبراهيم

مناقشة