وكان يُعتقد قبل بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان في عام 2006 أنه تم تدمير البنى الأساسية لحزب الله اللبناني ومستودعات أسلحته استنادا إلى ما جمعته المخابرات الإسرائيلية من معلومات. إلا أن مجريات الحرب التي لم يتمكن الجيش الإسرائيلي المدجج بالأسلحة الحديثة من كسبها وفقا للخطة، كشفت أن المخابرات الإسرائيلية لم تقدّر إمكانيات حزب الله حق قدرها.
وألقت مجريات الحرب الإسرائيلية على لبنان الضوء على جملة أسباب لفشل المخابرات الإسرائيلية في تقدير قوة حزب الله بشكل موضوعي.
الهفوات الرئيسية
أولا، لم تتمكن مخابرات الجيش الإسرائيلي من كشف إمدادات الأسلحة الآتية للبنان من سوريا وإيران وهو ما أدى إلى انعدام المعلومات عن أنواع الأسلحة التي استخدمها حزب الله.
ثانيا، أشارت معلومات توفرت للجيش الإسرائيلي قبل بدء الحرب إلى أن قوات حزب الله ضمت ألفين إلى ثمانية آلاف مقاتل. إلا أن مجريات الحرب دلت على احتمال وجود عدد أكبر من المقاتلين ضمن صفوف حزب الله وفقا للخبير العسكري الروسي أناتولي تسيغانوك.
ثالثا، لم يكن الجيش الإسرائيلي مستعدا للتعامل مع خصم يلجأ إلى استعمال المخابئ الطبيعية وقواذف للصواريخ يُتحكم فيها لاسلكيًا بواسطة الراديو، وهو ما خلق للجيش الإسرائيلي مشكلة خطيرة.
ترتيب خاطئ للأولويات
رابعا، أخطأت قيادة الجيش الإسرائيلي في ترتيب الأولويات بشكل صحيح.
فقد ظن صناع القرار الإسرائيلي أن بإمكان الجيش الإسرائيلي السيطرة على الوضع قبل تفاقمه في جنوب لبنان. أما في حال تفاقمه فإن إسرائيل تستطيع أن تنقل القوات اللازمة من قطاع غزة.
واستنادا إلى هذه الرؤية ارتكز القرار السياسي إلى عدم قدرة حزب الله على تعبئة القوات اللازمة لبدء العمليات القتالية ذات الشأن. غير أن المخابرات الإسرائيلية اكتشفت بعد بدء الحرب أن حزب الله يغير تكتيكه، وهو تكتيك حرب العصابات وفقا لرأي المخابرات الإسرائيلية السابق.
الضربة المفاجئة
وحصلت المفاجأة غير المتوقعة عندما انكشفت حقيقة امتلاك حزب الله للمنصات المتحركة لإطلاق الصواريخ المضادة للسفن وازدياد دقة صواريخ "كاتيوشا" وكثافة نيرانها. فقد كان مقاتلو حزب الله يطلقون نحو 70 صاروخا في الساعة خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان بعد أن استخدموا 3 إلى 8 صواريخ في هجماتهم.
وتلقت مخابرات الجيش الإسرائيلي ضربة موجعة جدا حين أصاب صاروخ أطلِق من الشاطئ أقوى سفن القوات البحرية الإسرائيلية هو كورفيت "خانيت"، في الرابع عشر من يوليو/تموز 2006.