ضمن الجهود المقدمة بالمراكز السورية، خدمة الدعم والتأهيل النفسي للأطفال والبالغين المتضررين من الصراع، والمصابين بحالات نفسية وعصبية، حيث يتم تأهيلهم على عدة مراحل داخل المركز ومع بعض الشركاء الدوليين للمنظمات العالمية.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، أن بعض الأطفال يصابون بالخوف والعنف نتيجة الظروف التي مروا بها خلال السنوات الماضية.
وتابع أن المركز ينظم ورش التدريب والبرامج حسب الإصابة، خاصة أن المصابين بحالة من الخوف يختلفون عمن فقدوا أهلهم في الحرب، وأن بعض الإصابات تحتاج إلى مراكز خاصة أو أطباء ويتم تحويل الأطفال لهم.
الفقدان
يوضح مسالمة أن أصعب الحالات التي تقابلهم داخل المركز هم الأطفال الذين فقدوا الأب والأب، وهم غالبا ما يعانون من العزلة والخوف، وفي بعض الحالات يتحول الأمر إلى العنف ضد زملائهم في المدرسة، أو من يقيمون معهم من الاقارب في المنزل.
ويتابع أن الأنشطة والتدريبات تهدف لدمجهم ضمن الأنشطة الجماعية، وإخراجهم من حالة العزلة والانطوائية، والتعبير عما بداخلهم مما يساعدهم على الخروج من الحالة بشكل تدريجي.
حضور الأهالي للورش والتدريبات
الإختصاصيون بالمراكز التي زارتها "سبوتنيك"، يطلب المركز من الأهالي حضور الورش والتدريبات لمعرفة كيفية التعامل مع الأطفال، بما يساعد في اتباع ذات الأسلوب في المنزل، للمساهمة في اكتمال دائرة التعامل مع الطفل التي تخرجه من الحالة التي يعيشها.
وتابعوا أن حضور الأهالي يساهم بشكل كبير في اندماج الأطفال، وخروجهم من حالة الخوف بشكل أسرع، كما أنه يعيطهم الشعور بالجرأة والأمان بدرجة أعلى.
طبيب نفسي
خلال الجولة الميدانية لـ"سبوتنيك"، أكد الأساتذة والمدراء أن المرحلة التي الأخرى التي يمكن اتباعها حال عدم استجابة الطفل للأخصائيين بالمركز، هو تحويل الطالب إلى الأطباء النفسيين، وذلك عن طريق استشارة الأهالي، واقناعهم الأمر يحتاج لطبيب نفسي لمتابعة الحالة، كما تقدم المراكز الدعم النفسي للبالغين أيضا، حيث لا يقتصر الأمر على الأطفال فقط، وفي حال إحالتهم للطبيب النفسي يتم استشارتهم في الأمر للموافقة أولا.
اكتشاف الإصابة
تقول هنادي محمد، مديرة مركز الأمل المشرق، إن عمليات الدعم النفسي التي تقدم للأطفال والبالغين، باتت ضرورية لدرجة كبيرة، خاصة مع وجود بعض الضغوط الأخرى التي تعيشها الأسر السورية في مصر، ومنها الضغوط الاقتصادية، الأمر ينعكس على نفسية الأم والأب، وأنه ينعكس على طريقة التعامل مع الأطفال أيضا.
توضح أن بعض الحالات يتم اكتشافها أثناء الدراسة، دون أن يتقدم الأهالي بطلب لذلك، وهي المهمة التي يراعيها الأساتذة أثناء عملية التدريس، وأنهم يلاحظون سلوك الأطفال إن كانوا عدوانيين أو منعزلين، وعند ملاحظتهم الأمر يقومون بضم الأطفال لأنشطة جماعية خاصة دون أن يشعروهم بأن لديهم أزمة نفسية حتى لا يؤثر ذلك بالسلب.
حالات
تقول "أماني، ي"، إن طفلها كان يعاني بشكل كبير من الخوف والعزلة منذ ثلاث سنوات حين قدم إلى مصر، وأن ذلك نتج عن مشاهد العنف والقتل والقذف التي كان يشاهدها ويسمعها، كما أن والده كان يتعامل بطريقة حادة معه لتأثر نفسيته هو الآخر، وأن ما ساعد ابنها في الخروج من الحالة تدريجيا هو اندماجه في الأنشطة الخاصة بمراكز الدعم النفسي، حيث استغرقت فترة التأهيل أكثر من عام، لخروج طفلها وعودته لطبيعته الأولى.
توضح أنه خلال الفترة الأولى كان لا يتحدث إلا للضرورة، ويجلس بمفرده لأوقات طويلة، ولا يلعب مع أخوته، وإذا حاولوا الجلوس معه عاملهم بعنف، إلا أن انخراطه في العمل الجماعي والأنشطة الترفيهية والذهنية المعدة من قبل المركز ساهمت في تلاشي الخوف والمشاركة في جلسات الأسرة والنقاش أيضا.
أصوات القصف
تقول عبير الحلبي، إن طفلتها كانت مصابة بذعر شديد من أصوات الطائرات، وأنها كانت كلما سمعت صوت طائرة في سماء مصر صرخت، وانتابتها حالة من الذعر، وكأن الطائرة ستقصفها.
توضح أن سبب الإصابة بالحالة هو تعرض منزلهم للقصف، وسقوط جزء منه فوقهم ما عرضهم لخطورة اقتربت من الموت، فقرروا اللجوء إلى مصر.
تشير الحلبي إلى أن الأمر استغرق أكثر من عام ونصف حتى تمكنت الطفلة من الخروج من حالتها، وأنها تابعت مع أحد الأطباء النفسيين الذين رشحه المركز، وأن الأمر انتهى في النهاية إلى أنها أصبح لديها العديد من الألعاب التي تتضمن الطائرات ولم تعد تشعر بالذعر والخوف كما في السابق.
أطباء العالم
يقول دكتور محمد المصري من منظمة "أطباء العالم"، إن المنظمة تتعاون مع المراكز السورية في تدريب الأخصائيين على التعامل مع الأطفال، كما أنها تنظم بعض الورش حول مصطلح " وصمة عار"، وهو المفهوم السائد عند المجتمعات العربية عن المرض النفسي.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، أن الهدف من الورش هو التوعية بمخاطر المرض النفسي، وأنه شأنه شأن أي مرض عضوي أخر، لا يجب الخجل منه ولا يجوز اعتباره وصمة عار، وأن الامتثال للعلاج ضرورة، حتى لا يتعرض المريض لمضاعفات كبرى.
يوضح أن المراكز السورية تتعاون بقدر كبير في هذا الإطار، وأن المنظمة لا تقدم خدمة العلاج بشكل مباشر، إلا أنها تساهم بقدر كبير في تقديم الوعي للإخصائيين والأهالي والطلبة.