يتحدى ترامب الكونغرس والمهاجرين طوال فترته الرئاسية، فالكونغرس يرفض إعطائه المال الكافي لبناء الجدار على الحدود بين أمريكا والمكسيك، ولتحقيق أهدافه تم إيقاف عمل الحكومة والآن يريد ترامب إعلان حالة طوارئ للحصول على التمويل المراد.
ويختلف ترامب مع الكونغرس في عدة نقاط أخرى مثل الرعاية الصحية والضرائب والتحقيقات الفيدرالية تجاه الرئيس نفسه.
ولا توجد حالة طوارئ حقيقية في أمريكا، فقد بلغت عمليات القبض على المهاجرين غير القانونيين على الحدود الأمريكية المكسيكية ذروتها في عام 2000، بعدد أكثر من 1.5 مليون في السنة. وانخفض هذا العدد بشكل حاد في عهد الرئيسين جورج دبليو بوش وباراك أوباما، وفي عام 2017، كانت عند أدنى مستوى لها منذ عام 1971. وفي عام 2018، بالكاد ارتفع العدد إلى ما فوق 400 ألف مهاجر.
وتعتقد وسائل الإعلام الأمريكية، أن تحدي ترامب الكونغرس وإغلاق عمل الحكومة هو انتهاك لقسمه الذي أداه يوم تسلمه الرئاسة "الحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته والدفاع عنه"، وهذا القسم يمنح الكونغرس، وليس الرئيس، سلطة لتحديد كيفية إنفاق المال العام. لا يمنح ترامب الحق في تمويل المشاريع التي لن يوافق عليها الكونغرس، لكن بعض القادة السلطويين يقومون بهذا النوع من الأشياء، وواحد منهم جالس الآن في البيت الأبيض.قال الدكتور في العلوم السياسية من جامعة واشنطن، مات داليك، في مقابلة مع "واشنطن بوست"، من الواضح أنه ليس هناك سببا حقيقيا للإعلان عن حالة الطوارئ، فأسباب إعلان حالة الطوارئ في البلاد يمكن أن تكون كوارث طبيعية أوهجمات إرهابية، وهذه الأحداث تحدث نادرا وزمن حدوثها ليس مطولا غالبا، ولا تضم زيادة الاعتمادات لبناء شيء ما… خصيصا في حالة رغبة ترامب في بناء جدار.
واعتاد ترامب على وصف المهاجرين على أنهم "مغتصبون" وأمريكيون متوسطون كأعضاء في عصابات الشوارع والآن هناك ازدياد في عدد العائلات التي تقدم طلب اللجوء بشكل قانوني، ويطلق عليها ترامب اسم "القوافل". وبموجب القانون الأمريكي والقانون الدولي، يتمتع هؤلاء الأشخاص بحق لا جدال فيه في طلب اللجوء وفي تقييم حالتهم. فمعظمهم يأتون إلى المعابر الحدودية القانونية للحصول على القبول، يحاول عدد قليل منهم فقط التنقل في المناطق الريفية المحظورة حيث يقول ترامب إنه يريد بناء جدار.
ثم برأي السياسيين ما تحتاج الإدارة الأمريكية فعلا هو توسيع وتحسين مرافق المعالجة الصحية، والعناية، لكن إذا تم بناء الجدار فسوف تتأذى العديد من المشاريع الحكومية إثر تمويل هذا البناء.
ولم يتمكن ترامب خلال عامين كان فيه الجمهوريون يسيطرون على مجلسي النواب والشيوخ على حد سواء من إقناع الكونغرس بمنحه التمويل للجدار. والآن هذه فرصته الأخيرة للنجاح لكن الديمقراطيون يتحكمون بالمجلسين مرة أخرى وهم رفضوا طبعا في تمويل هكذا مشروع. ولم تكن استراتيجية الرئيس التفاوضية، وهي إثارة نوبات الغضب، والتغريدات المعادية على تويتر، والتسبب في أطول إغلاق حكومي جزئي في التاريخ، ناجحة أبداً.
ووافق الكونغرس على مزاعم ترامب في ضرورة تسوية أمن الحدود لمنع حدوث إغلاق حكومي ثان، وينص الاتفاق على تقديم 1.4 مليار دولار لبناء حواجز جديدة على طول الحدود بين أمريكا والمكسيك، وهذا مقارنة بمبلغ 8 مليار دولار الذي طلبه الرئيس، ويكفي المبلغ المتاح 55 ميلاً فقط من الجدار، وليس كما أراد بناء 200 ميل.
وهذا الاتفاق سيؤثر سلبيا على المهاجرين المحتجزين الذين سيزداد عددهم، مما سيسبب ضغطا كبيرا على إدارة الهجرة والجمارك، وهذه الحقائق لا يتفق معها الديمقراطيون فبرأيهم أنه اعتداء على حقوق المهاجرين وأنهم محتجزون ظلما.
وحسب مصادر غير علنية، دعا ترامب في حديث مغلق، مفاوضات الكونغرس غير ناجحة.
ويؤيد الجمهوريون ترامب على قراره، حيث غردت سيناتور ليندسي غراهام، على تويتر، أنا أقف بثبات وراء بناء الحواجز الجدارية (على حدود المكسيك) التي نحتاجها بشدة.
لكن بعض الجموهوريين يخشون من تأييد في إعلان الرئيس حالة الطوارئ، لأنه في حال انتخاب رئيس من الحزب الديمقراطي في المستقبل فسوف يستخدم هذا ضدهم.
حيث قال عضو الكونغرس الجمهوري، كريس ستيوارت، إن الرئيس "يرتكب خطأ" محذراً من أن حالة الطوارئ الوطنية "سيكون لها عواقب خطيرة".
كما قالت سيناتور جمهوري سيوزان كولينز: الرئيس دونالد ترامب يريد إعلان حالة طوارئ بهدف تمويل بناء حواجز إضافية.
وقالت سيناتور جمهوري أخرى شيلي موري كابيتو، إن من حق ترامب اتخاذ خطوة جذرية لأن الكونغرس رفض تقديم ما يكفي من المال لبناء الجدار.
يذكر أنه تم الإعلان عن حالة طوارئ 58 مرة في الولايات المتحدة الأمريكية منها، بعد حادثة اصطدام طائرتين ببرجي التوأم في نيويورك 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001 فاعتبرها الرئيس جورج دبليو بوش هجوما إرهابيا.