وكانت الشابة التونسية — الفرنسية ضمن أعداد غفيرة من المدنيين، الذين استقلوا شاحنات لمغادرة آخر جيب للتنظيم في شرق سوريا.
وقالت غالية لرويترز: "أرض الله واسعة، أهم شيء أني لن أعود لفرنسا ولا تونس" مشيرة إلى أن حياتها كانت "مستحيلة" في البلدين بسبب قرارها ارتداء النقاب.
وأضافت غالية، التي لم يكن يرافقها سوى طفليها لدى عبورها من نقطة تفتيش على مشارف الباغوز أمس الجمعة، أنها لا تعرف ما حدث لزوجها، وهو سوري من اللاذقية وينتمي لتنظيم داعش، بعد أن سافر معها للقرية الواقعة قرب الحدود العراقية.
وقالت وهي تضحك بصوت منخفض من تحت النقاب: "إنه في مكان ما… حقيقة لا أعرف أين هو الآن".
وتتجه غالية وطفلاها، وهما طفلة في الثالثة وطفل عمره 18 شهرا، إلى مخيم الهول في شمال شرق سوريا الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
وقالت قوات سوريا الديمقراطية إنها تريد إجلاء كل المدنيين من الباغوز، قبل أن تشن هجومها النهائي لهزيمة المقاتلين الباقين أو إجبارهم على الاستسلام. ووصف التحالف بقيادة الولايات المتحدة من بقوا داخل الجيب بأنهم "أشد المسلحين تطرفا" من التنظيم، فيما لم تستبعد قوات سوريا الديمقراطية إمكانية تسلل بعض المتشددين بين المدنيين.
وحلقت طائرات على ارتفاع منخفض أمس الجمعة فيما كانت عمليات الإجلاء تتواصل لكن لم يكن هناك أصوات انفجارات أو اشتباكات.
ودخلت غالية إلى سوريا من تركيا، وعاشت تحت حكم داعش في عدة مدن وبلدات من بينها جرابلس التي سيطرت عليها قوات تركية وحلفاء سوريين لها في 2016 والرقة التي كانت المعقل الرئيسي للتنظيم والتي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية في 2017.
وتحدثت بإعجاب عن المجموعة الأخيرة التي تعيش في محنة داخل الجيب الأخير لداعش وقالت "في الباغوز.. تعلمت كل مبادئ الحياة تقريبا، خاصة في الفترة الأخيرة".
وكانت تلك هي المحطة الأخيرة في رحلة بدأت في تونس بعد ثورة 2011 التي أطلقت شرارة الربيع العربي، الذي أطاح بزعماء ليبيا ومصر واليمن، وبدأت الحرب السورية الدائرة منذ ما يقرب من 8 سنوات.
وقالت غالية إن "قيودا صارمة جدا فرضت على المسلمين" في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، ولم تكن هي شديدة التدين آنذاك لكن كل شيء تغير عندما التقت بامرأة منتقبة جاءت إلى تونس من ليبيا بعد الانتفاضة هناك.
وأضافت "رأيت امرأة ترتدي النقاب.. كنت خائفة إذ أنه كان أمرا غريبا على تونس".
وذهبت غالية إلى سوريا مع والدتها، ثم انضمت لداعش متأثرة بمقطع فيديو دعائي للتنظيم. وتبرأ شقيقها الذي يخدم في الجيش الفرنسي منها. وتشارك فرنسا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يدعم قوات سوريا الديمقراطية.
وأنقذت الهزائم المتتالية التي منيت بها دولة "الخلافة" الملايين من العيش في ظل قوانين شديدة القسوة وعقوبات صارمة كما أنقذت الأقليات من الذبح أو الاستعباد الجنسي.
وقالت غالية إنها ستلتقي بوالدتها في المخيم والتي كانت قد تركت الباغوز بالفعل وأضافت "سيدبر الله لي أمري".