يبدو أن هناك تشابهين بين هذين الحادثين: كلا الطائرتين كانتا جديدتين، كلاهما واجهتا صعوبات بعد الإقلاع بوقت قصير وطلبتا العودة إلى المطار، تحطمت الطائرة في إندونيسيا بعد 13 دقيقة من إقلاعها أما الطائرة الإثيوبية بعد 6 دقائق من إقلاعها.
من هنا ظهرت العديد من التساؤلات حول أسباب تكرر وقوع الطائرات من طراز "بوينغ 737 ماكس 8".
خصائص طائرة بوينغ "737 ماكس 8"
تحتوي طائرة بوينغ "737 ماكس 8" على نظام "MCAS" يجعل مقدمة الطائرة تتحرك إلى الأسفل بعد الإقلاع، الأمر الذي يمنعها من التوقف أو الطيران بسرعة منخفضة، وبعض الطيارين لم يكونوا على علم بهذا النظام فلم يتم تدريبهم لقيادة طائرات بوينغ 737 الجديدة، بحسب مصادر إعلامية.
من أهم خصائص الطائرة هو أن النوع الجديد لطائرة بوينغ يستهلك كمية أقل من الوقود عن المعتاد، وقد حققت الشركة هذا عن طريق تحويل مركز الثقل إلى الجزء الأمامي من الطائرة لهذا ترتفع مقدمة الطائرة (الأنف) عند الإقلاع، ويعمل النظام بمراقبة درجة ارتفاع المقدمة (أنف الطائرة) فيقوم بتحريكها إلى الأسفل إذا ارتفعت أكثر من اللازم، ولم يعلم معظم الطيارين عن هذا النظام الجديد.
المشكلة التي تعرض لها الطيارون
المشكلة هنا في أن نظام "MCAS" الجديد يحرك المقدمة إلى الأسفل من تلقاء نفسه، بحسب المصدر.
وحسب بيانات الطائرة المنكوبة في إندويسيا، فقد قام الطيارون بمحاولة سحب المقدمة إلى الأعلى لأكثر من عشرين مرة، عن طريق تشغيل مفاتيح على مقود الطائرة وشد المقود. وحسب التحقيق فقد تم استبدال لوحة استشعار التي تعمل على تشغيل نظام MCAS بيوم قبل رحلة الطائرة المنكوبة، وقد تحطمت الطائرة في جاكارتا يوم 29 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018.
آراء الخبراء الروس
في هذا الصدد تحدث ثلاث خبراء في مقابلة خاصة مع "سبوتنيك" عن الأسباب المحتملة لسقوط وتحطم طائرات "بوينغ" الأمريكية.
فبرأي المدير العام لتكنولوجيا الطيران "أفينتيل"، فيكتور بريادكا: هناك احتمال أنه لم يتم استكمال التعرف على كيفية تشغيل الطائرة من قبل الطيارين أثناء الإقلاع، فمن المعلوم أن الطائرة وقعت عن ارتفاع 2700 متر تقريبا، وكانت سرعة الإقلاع 700 كم في الساعة تقريبا، فربما أعطت أجهزة التحكم الآلية بيانات خاطئة مما أدى إلى خلل في عمل محركات الدفع أي فقدان السيطرة على السرعة، وبما أن الارتفاع كان صغيرا، فهذه حالة طارئة بالنسبة للطائرة المدنية.
وباعتبار هذه حالة ثانية مماثلة فالسبب هنا على الأغلب في ميزات نظام الطائرة والتحكم الخاص بهذا النوع من الطائرات، وربما لم يتعلم الطيارون طريقة إدارتها بالشكل الصحيح، شدد الخبير.
من جانب آخر من المبكر التكلم عن الأسباب، لكن أحد التصورات أن التحطم متعلق بأنظمة تحكم الطائرة، حيث قال اللواء والطيار العسكري الروسي والدكتور في علوم التقنية، فلاديمير بوبوف: هذه التكنولوجيا معقدة جدا ونظام تحكم غاية الذكاء، وهذا يعد عاملا إيجابيا في المحافظة على أمان الرحلات الجوية، لكن توجد هنا سلبيات أيضا، فالطيار يثق إلى أبعد الحدود بالجهاز الذكي ولا يتوقع حدوث خلل عدا عن توقفه عن عمل.
هل هو هجوم إرهابي؟
ثم لاحظ بوبوف أن إريتيريا وإثيوبيا منطقتان غير مستتبتان ولا شك أنه يمكن أن يكون هذا هجوم إرهابي أو فعل مخطط له من قبل المسؤولين عن صيانة المعدات، من جهة أخرى لا نملك المعلومات الكافية لتحديد الأسباب بشكل واضح لذلك ننتظر نتائج التحقيق.
واستبعد باحث مركز الدراسات العربية والإسلامية، الأكاديمية الروسية للعلوم، دكتور في العلوم التاريخية، بوريس دولغوف، الأحوال الجوية لتكون سببا في سقوط الطائرة.
وأشار إلى أنه نادرا ما تحدث مشكلات في إقلاع الطائرات في أفريقيا بسبب الأحوال الجوية من غيوم وعواصف وأمطار فالسماء صافية.
من ناحية أخرى يوجد في إثيوبيا مركز أمن متطور في المطار، وبما أن حكومة إثيوبيا المؤقتة تسيطر فقط على العاصمة وضواحيها فالمنطقة غير مستقرة، هناك احتمال رشوة الموظفين مما يؤدي إلى إدخال مواد متفجرة ممنوعة على متن الطائرة، بحسب الخبير.
من الجدير بالذكر أن أكبر منافس لـ"بوينغ" هو "أير باص"، وأعلن الأخير في نهاية 2010 عن إنتاج طائرة تتفوق على "أ 320" من حيث استهلاك الوقود وبعد عدة شهور قام "بوينغ" بالرد وقدم مشروع نوع جديد وهو بوينغ 737 ماكس، الذي يتمتع بنفس خاصية أير باص من حيث استهلاك الوقود.
وأقنعت شركة "بوينغ" إدارة الطيران الفيدرالية أن النوع الجديد آمن ولا يحتاج الطيارون إلى التدريب المكلف لتعلم قيادتها.