رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، وصفت الحادثة بواحدة من أحلك الأيام في تاريخ البلاد، والتي أسفرت عن مقتل 49 شخصا كانوا يؤدون الصلاة في المسجد.
من يقف وراء هذه المجزرة؟
يرى أحمد الياسري، الصحفي والإعلامي العراقي المقيم في أستراليا في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن هذا الحادث هو عملية ممنهجة يقوم بها يمين متطرف يسمى باليمين الأبيض، تغذيه منظمات عالمية، بدأ يتصاعد بشكل ملفت للنظر خصوصا بعد وصول ترامب إلى الحكم، ويقول: الحادث هو من جهة يمينية متطرفة، وهو استهداف للمسلمين وليس للمهاجرين، وسائل الإعلام تحاول تبسيط هذا الحادث بهذه الطريقة، فحينما يقولون تم استهداف المهاجرين، فهم يعطون للعملية طابع عنصري وليس طابعا إرهابيا، فدائما الأحداث التي تستهدف المسلمين يذهب منفذوها إلى مستشفى الأمراض العقلية، أو تسمى بحوادث عنصرية عابرة تحدث في كل مكان.
ويضيف: الحوادث التي تستهدف المهاجرين لا تصل إلى مرحلة أن يدخل شخص إلى مسجد يوجد فيه مئة مصلي، هذا ما لم يحصل بهذه الدقة وهذا التنظيم في العالم من قبل، هذا حادث إرهابي بامتياز، نحن نعيش الآن على ارتدادات عمليات "داعش" التي يقوم بها اليمين الغربي المتطرف.
ويرى نيوزيلندا دولة ضعيفة أمنيا على العكس من أستراليا، لذلك المنفذ اختار الذهاب إلى نيوزيلندا، ويرى أن السبب هو اليمين المتطرف الأسترالي، ويوضح: نصف الائتلاف الحاكم في أستراليا من اليمين، فهو يغذي الإعلام الذي يستهدف المسلمين، وأذكر مثالا إذا قام شخص من خلفية غير مسلمة بعملية قتل، لا يتم ذكرها في وسائل الإعلام، أم إذا كان الشخص مسلما، فتعاد من الصباح حتى المساء، لإثارة الرأي العام ضد المسلمين، وأظن أن المخابرات الأسترالية كانت تعلم بأنه يخطط لعمل ما، لذلك اختار الذهاب إلى نيوزيلندا.
المسلمون ضحايا العنصرية
وعن أحوال المسلمين هناك قبل هذه الحادثة، أكد الصحفي العراقي الأصل أن المضايقات العنصرية موجودة منذ فترة طويلة وكثير ما يتعرض لها المسلمون هناك، وأن هذه العملية هي تتويج لهذه المضايقات، ويعترف: لقد طلبت من زوجتي وأولادي بتقليل الخروج من المنزل، فالمسلمون مستهدفون الآن، والتاريخ لم يسجل عمليات انتقامية من المسلمين في أستراليا، بل سيقتصر الرد على التصريحات أو المظاهرات فقط، فالمسلمون هنا أناس مسالمون، وهم جزء من هذه البلدان ونحترم قوانينها، لكننا نرفض الاستهداف لكوننا مسلمين.
وتوقع الصحفي بنشوء منظمات إرهابية غربية، ويوضح: وما يحدث حاليا يشبه إلى حد كبير نشوء القاعدة أو داعش، بظهور التيار التكفيري المتطرف، الذي غذى الأفكار وأعطاها المساحة التي تتحرك بها، فبدأ يستهدف الدول الغربية، والفكر اليميني يحاول تضخيم خطر وجود الملسمين في الدول الغربية، فيعطي جرعات تطرفية لمن يعتمد هذا الفكر في هذه الدول، فيستهدفون المسلمين، وأعتقد أن السنوات العشر القادمة ستصل بهذا اليمين المتطرف إلى الحكم في جميع هذه البلدان.
أسباب هذه المأساة
أكد ماهر فرغلي، المختص بالتنظيمات الإرهابية في مقابلة مع "سبوتنيك"، أن الأرهاب ظاهرة لا تتعلق بالمسلمين، وتستخدمها الجماعات الإسلامية واليمينية المتطرفة، فهو موجود في نفس الأفكار في كل مكان، ويقول: الأرهاب ظاهرة ترتبط بمحاور متنوعة، الأول يتعلق بالفكر الذي تولده الحكومات الغربية، والتي وجدت أسباب الهجرة ووجود اللاجئين، وهذه العملية تشكل ضربة لسياسة هذه الحكومات، الثاني الأعلام الغربي الذي يوجه أصابع الاتهام إلى المسلمين فورا في أي حادثة، ما أدى إلى وجود ردود فعل عكسية، الثالث وهو وجود أفكار لدى الشعوب بأن المسلمين معادين للسامية، خاصة في الظروف الموجودة في الشرق الأوسط، وظهور الأرهاب الإسلاموي.
ويعتقد الأستاذ فرغلي أن المجرم كان يريد إيطال رسالة معينة، خاصة وأنه ترك بيان من 74 صفحة، يتكلم فيها عن أسباب هذا الحادث، ويؤكد: هو أراد نقل هذا العمل بأكبر شكل ممكن، بنشره على مواقع التواصل الاجتماعي، وأراد إيصال رسالة رعب، ونجح بشكل كبير في ذلك، وقول رئيسة الوزراء النيوزلندية بأنه العمل إرهابي، يدل على نجاح المجرم، ويدل أيضا على وجود تقصير في عمل السلطات هناك، حيث كان قد نشر صورا للمساجد في وقت سابق، ولم يكن متابعا من قبل السلطات، والتي تركز على الإرهاب الإسلاموي وتتجاهل اليمين المتطرف.
ويتابع: قد تكون عملية فردية، لكنها مؤشر على أن هذه الظاهرة تتصاعد من خلال الحوادث السابقة في أوروبا وأظن بأنها سوف تتكرر، والفاعل موجود ويتكرر وأفكاره تنتشر وتتزايد بشكل متصاعد، وقد أصبحت له أحزاب تصل إلى السلطة، وهي مشكلة كبيرة جدا تحتاج إلى مناقشة واسعة وجدية.
القاتل نقل المجزرة على الهواء على الرغم من ضوابط "فيسبوك"
استغرب المهندس وليد حجاج المختص والباحث في أمن المعلومات في مقابلة مع "سبوتنيك"، من أن موقع "فيسبوك" لم يحظر المشاهد المروعة، واستمر المنفذ بتصوير العملية حتى النهاية، ويوضح: مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة "فيسبوك" لديها لوغاريتمات على البث المباشر للفيديو أو أي محتوى، تستشعر أي محتوى غير مناسب من عنف وغيره، وتحجب هذه المواد بشكل مباشر، وعلى الأكثر ممكن أن يتم بث هذه المواد لمدة دقيقة فقط، وأستغرب كيف أن هذه اللوغاريتمات، والتي تستطيع معاينة حتى حقوق الملكية، لم تستطع استشعار ذلك عندما بث الارهابي هذه العملية، وهذا يدل على وجود قصور في منصات التواصل الاجتماعي.
ويرى المهندس وليد أن هذه العملية تعود لأسباب متعددة، ويتابع: الذي حصل هو عومل متعددة ترجع إلى وجود عنف حول العالم، وتوافر الأدوات التي ساعدت المجرم على القيام بذلك من سلاح وبث مباشر وغيره، وقد تكون نتاج للألعاب القتالية على الكمبيوتر، والتي تحرض على العنف وتشجع على القيام بمهمات قتالية.
وختم حديثه: المفروض أن تشدد مواقع التواصل الاجتماعي على المواد المنشورة، ومنع أي مشهد يحوي عنفا أو سلاحا أو ما شابه، وأستغرب لماذا لا يوجد مثل هذه الموانع حتى الآن.