أخميم —سبوتنيك. وتضم مدينة أخميم بداخلها حيا كاملا بٌني خصيصا لصناعة المنسوجات اليدوية، يعاني صانعوها اليوم من أزمة في تسويق منتجاتهم.
وتذكر بعض الكتابات القديمة أن ملابس ملوك الفراعنة وكبار الكهنة كانت تصنع في أخميم، ومنذ نحو 30 عاما، شيدت الحكومة المصرية أكثر من 150 منزلا يشكلون حي الكوثر، الذي بٌنيت البيوت فيه خصيصا بطريقة معينة تلائم أنوال النسيج داخل باحة المنزل، أسر تعمل معا ونساء ورجال يدا بيد، وعائلات تتوارث الصناعة "جيل بعد جيل".
في لقاء مع وكالة "سبوتنيك"، يقول شيخ النساجين في حي الكوثر، عبد الصبور هريدي:"هذه المهنة ورثتها من أبي، وأبي ورثها من أبيه، هذه مهنتنا، لا نستطيع الاستغناء عنها، وليس لدينا أي مهنة غيرها، ننتج جميع المنتجات اليدوية من القطن الخام الصافي، لا يوجد بها ألياف، بداية من الكوفرتة والستائر والمفارش وغيرها، ولأن بعض بضاعتنا تذهب للتصدير أحيانا، يكون لدينا شروط معينة للجودة يجب أن نلتزم بها".
ويضيف هريدي "الآن نشعر أن هذه القرية تختنق، نريد تطوير المهنة، ولدينا أفكار، ونريد توريث هذه المهنة للأجيال الجديدة، لكننا الآن أصبحنا على وشك أن ننسى صناعتنا بسبب قلة التسويق".
ويواصل موضحا "منذ بدء عمل القرية، في عام 1993، جاءت بعض الجمعيات والأشخاص الذين لديهم نفوذا واحتكروا الصناعة، بعض أصحاب هذه الجمعية يبتزون الصناع، إما أن يشتروا بضاعتهم بثمن رخيص وبخس، أو يمنعوهم من المشاركة في المعارض، وتسويق منتجاتهم".
نساج آخر، يدعى بخيت كامل، ويعمل في صناعة المنسوجات منذ نحو 50 عاما، قال لـ"سبوتنيك" "نعاني الآن من قلة العمل، ما نكسبه لا يكفي منازلنا، ونواجه صعوبات في التسويق"، ويواصل "هذه القرية مشهورة لكن ليس لديها عَدل [حظ]، ما نطلبه أن تساعدنا الحكومة على المشاركة في المعارض لتسويق منتجاتنا".
صناعة النسيج من داخل منازل حي الكوثر، كانت أيضا وسيلة لبعض نساء القرية لكسب العيش، أو مساعدة الأزواج، فتقول منى محمود، التي بدأت العمل في صناعة النسيج منذ نحو 8 أعوام "كنت ربة منزل وحين اضطررت للعمل تعلمت صناعة النسيج".
وتواصل محمود "الآن لا نستطيع بيع منتجاتنا، فلا يوجد معارض، وما ننتجه لا نستطيع بيعه، هذا إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الخام التي نعمل بها".
أما هبة خليفة التي بدأت العمل في صناعة النسيج منذ نحو 3 سنوات، فتقول إن "زوجها هو من علمها هذه الصناعة لمساعدته، لكن المشكلة التي يواجهونها حاليا هي عجز التسويق، وارتفاع أسعار الخامات، بل تضاعف أسعارها".
وتوضح "في السابق كنت اشتري كيلو خيط النسيج بعشرين جنيها [أكثر بقليل من دولار واحد]، الآن ارتفع السعر ليصل إلى 45 جنيها [2.5 دولار]"، متابعة "تتراكم المنسوجات التي نصنعها، ولا نتمكن من تسويقها".
عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات اليدوية في محافظة سوهاج، خالد الدقيشي قال لوكالة "سبوتنيك" إن "حل هذه المشكلة يجب أن يكون تحت إطار قانوني ومؤسسي، كأن تدعم وزارة مثل التضامن، جهة معينة تكون هي المسؤولة عن التسويق، حتى لا يتعطل الصناع عن عملهم وينشغلوا بالتسويق".
ويضيف الدقيشي "الصانع مثلا ينتج ملاية واحدة في اليوم، إذا ذهب هو بنفسه إلى المعرض، سيتعطل عن صناعته، من المفترض أن ينتهي دوره عن التصنيع، لا يستطيع أن يقوم بالدورين، دور الإنتاج ودور التسويق، يجب أن يتولى جهاز آخر مسؤولية التسويق".
ويوضح الدقيشي أن "أكثر الصناع الذين يواجهون مشكلة في تسويق منتجاتهم هم النساء"، مشيرا إلى أن "بعض الجمعيات بالفعل تقوم بمشاريع وهمية للحصول على الأموال بدلا من خدمة الصناع الحقيقيون".
في السياق ذاته، قال مستشار وزارة التضامن المصرية لشؤون التسويق والمعارض، عادل البيكساوي، لوكالة "سبوتنيك" إن "الوزارة تنظم نحو 23 معرضا في العام، لا يوجد ولا معرض تنظمه الوزارة دون أن يشارك فيه صناع نسيج أخميم"، مضيفا "عملهم مميز، لا يوجد معرض لا يشارك فيه 4 منهم على الأقل".
وأوضح البيكساوي "المشكلة أن عملهم كله متشابه، يحتاجون لعشرة معارض في اليوم حتى يكفى عملهم"، كما أشار البيكساوي إلى أن هناك "معارض دائمة للأسر المنتجة في سوهاج وفي قنا، لكنهم لا يشاركون فيها".