أبو الغيط لـ"سبوتنيك": الوضع العربي بالغ التعقيد وأغلب القضايا تحولت إلى الأمم المتحدة

تعاني منطقة الشرق الأوسط من أزمات متشابكة لا يمكن فصلها عن الأوضاع العالمية، وكلما زادت الأمور تعقيدا على المستوى العالمي، زادت صعوبة الخروج من الأزمات في الشرق الأوسط، لفك هذا التشابك وتحليل ما يحدث على الأرض، يأتي هذا اللقاء مع :الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط
Sputnik

أبو الغيط: المبعوث الأممي لليمن حاول إبعاد الجامعة العربية ولم يتصل بنا إطلاقا
سبوتنيك: في أي ملفات الأزمات في المنطقة يمكن لروسيا وجامعة الدول العربية التعاون على حل الصراعات وفي أي الملفات أو المسائل يوجد خلاف؟

أبو الغيط: لو اطلعت على الوثيقة التي تم التوافق عليها بين روسيا والدول العربية اليوم، الوثيقة مستفيضة وفيها الكثير من الموضوعات والأطروحات حول ليبيا وسوريا واليمن وبالتالي هي تعكس تلاقي كبير جدا بين روسيا والدول العربية وهي ربما لا تصل في حالة وحيدة هي سوريا إلى التلاقي الكامل مع الرؤية الروسية لكن الوثيقة فيها تقدير من الدول العربية للموقف الروسي والجهد الروسي، بما فيها الاعتراف بالجهد الروسي من أجل التوصل إلى التسوية السياسية في سوريا، يعني هناك اعتراف بذلك.

سبوتنيك: والتعاون في أي ملفات؟ 

أبو الغيط: في ملفات كثيرة في كافة الملفات. وهذا ظهر خلال التلاقي أثناء الخطابات التي تحدث بها الوزراء أمام وزير الخارجية الروسية، يلتقون معه في الكثير من النقاط، يعني الحقيقة الحدث نفسه يعكس قوة الأداء الروسي في علاقته مع العالم العربي والتقدير الذي يحمله العرب للموقف والجهد الروسي في القضايا العربية وتحديداً في قضية فلسطين.

سبوتنيك: بعد التصعيد أو هجوم قوات الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر على طرابس، هل هناك حاجة أو تريدون دعوة اللجنة الرباعية لمناقشة هذا الموضوع ومناقشة ربما تحديد موعد آخر للاجتماع التوافقي للمؤتمر الجامع الذي تأجل؟ 

أبو الغيط: عندما تخضع المشكلات لاستخدام السلاح بالكثافة التي يستخدم بها حاليا، أحيانا كثيرة تتوقف العملية السياسية أو الدبلوماسية أو التفاوضية. أعتقد أن الأمم المتحدة وهي المعنية مباشرة بمعالجة المسألة الليبية، على اتصال بالطرفين لمحاولة إقناعهم بالتهدئة والتوصل لوقف لإطلاق النار، بما يفتح الطريق للعودة إلى الملتقى وغيره. في اللحظة التي أتحدث فيها من المبكر القول أن هناك سياق سياسي يمكن تنشيطه، في هذه اللحظة، لكن ربما بعد فترة قصيرة جدا، عندما تصل الأمور إلى توازن عسكري أو تجمد تعود الأطراف إلى للقاء العمل السياسي.

الجامعة العربية: أبو الغيط يبدأ زيارة عمل هامة إلى موسكو
سبوتنيك: الجامعة العربية كيف تنظر للهجوم على طرابلس؟ 

أبو الغيط: الجامعة العربية لا ترغب في التصعيد، ولا تريد أن ترى صدامات مسلحة تؤدي إلى تدهو الروضع سياسيا أو سقوط ضحايا مدنيين، ليبيا تشهد وضعا حساسا للغاية، وأي انفجار في أي منطقة يؤثر ليس فقط على السكان وإنما على موارد الثروة، البترول والنفط، فكلها مسألة تحتاج إلى حذر شديد. ومثلما جاء في البيان الذي تبنته روسيا والجامعة العربية هناك رغبة في التهدئة وفي التوصل إلى وقف لإطلاق النار.

سبوتنيك: ما رأيكم بعزم تركيا إنشاء حزام أمني على طول الشريط الحدودي في العمق السوري؟ 

أبو الغيط: نرفض هذا تماما، ونرفض تماما التدخلات التركية في الأرض السورية أو العراقية وهناك قرارات صادرة من الجامعة العربية ومن القمة العربية بهذا الصدد، لا يمكن أن أحد القوى الإقليمية الهامة مثل تركيا تقرر أن تدخل في دولة إقليمية أخرى تحت دعوى الدفاع عن أمنها القومي أو الوطني، وبالتالي يجب أن يترك هذا الأمر لاتفاق أضنة، بين الحكومة السورية، أو الحكم السوري والحكم التركي في سنة 98، ويهمني الإشارة هنا أيضاً أن وجهة النظر هذه لا تتعلق فقط بالسلوك التركي في روسيا وانما تشمل أيضاً رفضنا لأي تواجد إقليمي أو دولي على الأرض السورية من شأنه أن يهدد في المدى القريب أو البعيد أمن واستقرار هذا البلد العربي وسيادته ووحدته الإقليمية أو يغلب مصلحة إحدى طوائف أو فئات الشعب السوري على مصالح أو أوضاع بقية أبناء الشعب. وبالمناسبة فهذا هو أيضاً ذات النهج الذي تتبعه الجامعة العربية في تعاملها على سبيل المثال مع موضوع التدخلات الإيرانية في اليمن واحتلال إيران للجزر الإمارتية الثلاث والتدخل العسكري التركي في شمال العراق، وهناك قرارات متعددة صادرة في هذا الشأن عن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري وعلى مستوى القمة بما في ذلك عن قمة تونس الأخيرة. 

 

سبوتنيك: كيف ترون حل المسألة الكردية، وكيف تنظرون لقوات سوريا الديمقراطية؟ 

أبو الغيط: المسألة الكردية تحل في إطار الدولة الوطنية، سواء الدولة الوطنية التركية أو الدولة الوطنية السورية أو الدولة الوطنية العراقية، ولكن مع كامل حقوق المواطنة لكافة مواطني هذه الدولة الوطنية، وحقوقهم الوطنية.

سبوتنيك: عودة سوريا للجامعة العربية، وإعادة إعمار سوريا، ما هو الجديد، وما هي الشروط التي يجب أن تتوفر برايكم ليس فقط لعودة سوريا بل ولعودة اللاجئين، وهل كافة الأطراف بما فيها الحكومة السورية، توفر هذه الشروط لعودة اللاجئين وحل هذه القضايا والرجوع لجامعة الدول العربية؟ 

أبو الغيط يبحث مع وزير خارجية بولندا قضيتي القدس والجولان المحتل
أبو الغيط: أولا، مناقشات اليوم أو أمس لم تكشف عن وجود وضع جديد لأي من الأطراف سواء الطرف الروسي أو الأطراف العربية. 

لدى الأطراف العربية هناك انقسام عربي، هناك البعض يطالب بعودة سوريا، والبعض الآخر يقول إن هناك اشتراطات وشروط يجب توافرها للحكومة السورية أن تعود إلى شغل مقعدها.

النقطة الثانية، لكي يعود المواطن السوري، يجب أن يعود لكي يجد مدرسة ويجد مستشفى ويجد مناخ وظروف تسمح له بالعيش الكريم، الظرف الآن غير متاحة لأن إعادة البناء لم تبدأ، ولكي تبدأ إعادة البناء هناك دول مستعدة للتقدم بمساهمات ولكن ترى أن التسوية السياسية يجب أن تسبق المساعدات الاقتصادية أو المادية لكي يعاد البناء. المسألة هي توافر اللقاء السياسي بين المعارضة والحكم والأرضية السياسية الدستورية التي توفر وجود توافق داخلي سوري سوري.

سبوتنيك: هل تنوي جامعة الدول العربية أو تعتزم الرجوع إلى لعب دور كما كانت تلعبه في السابق، كالمشاركة بالعمليات السياسية والمسارات؟ 

أبو الغيط: الوضع العربي بالغ الصعوبة والتعقيد، والحذر في تناول المسائل العربية العربية يجب أن يكون هو المسيطر، لأن الكثير من القضايا العربية نقلت للأسف خارج إطار الجامعة وتحولت إلى الأمم المتحدة، وبالتالي عندما تتحول قضية إلى الأمم المتحدة يصعب إعادتها مرة ثانية، ولكنني سعيت شخصيا منذ توليت مهام منصبي لإعادة تنشيط دور الجامعة العربية في هذا الإطار ومن أهم الدلالات على ذلك ما نقوم به من عمل من خلال المجموعة الرباعية الدولية المعنية بالأزمة في ليبيا والتي جاء تشكيلها بناء على مبادرة من الجامعة وقيامي بتعيين مبعوث خاص إلى ليبيا، ولدينا اتصالات مستمرة مع المبعوث الأممي إلى سوريا، سواء السابق أو الحالي، كما نشطنا كثيرا في إطار التعامل مع التطورات الأخيرة القضية الفلسطينية ومع تداعيات الضغوط الانسانية والسياسية التي مورست من الجانبين الإسرائيلي والأميركي على الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية. وبصفة عامة لن نقبل في أي حال من الأحوال استبعاد الجامعة العربية من تناول هذه الموضوعات، وان اختلفت مساحة تداخلها بالطبع من موضوع إلى آخر، باعتبار أنها جميعها موضوعات عربية أولاً وأخراً. وبصفة عامة، فالجامعة مستعدة وجاهزة للقيام بأدوار ولها بالتأكيد رصيد من القبول والشرعية يؤهلها للاضطلاع بهذه الادوار، وولكن بالطبع يظل الأمر رهنا بارادة الدول الاعضاء ووجود حد أدنى من التوافق العام حول رؤيتهم للأزمات وكيفية حلها وهو ما لا يتوفر للأسف بشكل كامل في هذه اللحظة.

سبوتنيك: في القمة العربية كان هناك قرار أو تكليف للكويت بمسألة تقديم موضوع الجولان إلى مجلس الأمن، ومسألة التقدم لمحكمة العدل الدولية لاستصدار رأي منها حول الاعتراف الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، ماذا جرى في هذا؟ 

أبو الغيط: المجموعة العربية تم تكليفها بإجراء الاتصالات وبالسعي للتحرك وهذه المسائل تأخذ وقت، المجموعة العربية في نيويورك ممسكة بهذا الموضوع.

سبوتنيك: في الشأن اليمني، لماذا ليس هناك لجنة رباعية أو خماسية، لماذا لا تشارك الجامعة العربية في الشأن اليمني كما تشارك في الشأن الليبي عبر اللجنة الرباعية المعنية بليبيا؟ 

أبو الغيط: في هذا الأمر لديك حق، المبعوث الأممي بقدر الإمكان حاول أن يبعد الجامعة العربية، بل حتى أنه لم يتصل بنا على الإطلاق، وبالتالي أهملناها. 

لكي نفتح الطريق لليمن يجب أن نقيم حوار مع المبعوث الأممي الذي قرر للأسف أنه سينجح بمفرده، وآمل له أن ينجح لأن الهدف الأسمى في النهاية هو حل الأزمة في ظل الاحترام للحكم الشرعي في اليمن ووقف العمليات العسكرية. وفي ذات الوقت، وعلى الرغم من عدم وجود أفق سياسي واضح للتسوية خلال المرحلة الحالية، واتباع المبعوث الأممي للنهج الذي ذكرته، إلا أن الجامعة على تواصل مستمر مع القيادة والحكومة الشرعية في اليمن وكذلك الأطراف العربية المتداخلة في هذه الأزمة للتشاور حول ما يجري من تطورات، ولها أيضاً اتصالات مختلفة فيما يتعلق بتأمين الدعم الإنساني لليمنيين في ظروف الصعبة التي يواجهونها في هذا الخصوص، ومع الأخذ في الاعتبار أن هذا الشق الانساني يمثل أحد التعقيدات والتداعيات الرئيسية لهذه الأزمة.

أبو الغيط: احتمالات عمل عسكري سوري لاستعادة الجولان مستبعدة في ظل "فض الاشتباك"
سبوتنيك: بعد مرور 5 سنوات، الحل العسكري عن طريق التحالف، والمسار السياسي عن طريق الأمم المتحدة لم ينجح كيف ترون الحل اليمني؟ 

أبو الغيط: يجب أن تتوقف التدخلات الخارجية، وعلى رأسها التدخلات الإيرانية من خلال التأثير الذي تلعبه طهران على الحوثيين والذي عرقل التوصل إلى تسويات سياسية منا.

سبوتنيك: تجري عملية تطبيع من بعض الدول العربية في الفترة الأخيرة حيث نجد العربية أمام الحصان قبل التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين. مارايكم في هذا؟

أبو الغيط: أود أن أعترض على فكرة التطبيع لأن الدول العربية ما زالت تتمسك بمواقف الجامعة العربية، إذا كانت هناك بعض الحوارات هذا لا يعني التطبيع.

سبوتنيك: هل هناك خطط للتقدم رسميا للمجتمع الدولي للحماية للشعب الفلسطيني كما جاء في بيان القمة لعربية؟

أبو الغيط: نحن يوم الأحد القادم سوف نجتمع مع الرئيس الفلسطيني في مجلس وزراء الجامعة العربية، سوف نستمع للخطط الفلسطينية التفصيلية وعندئذ سأجيب على هذا السؤال.

سبوتنيك: هل هناك نية لزيارة الجزائر والسودان من قبلكم أو إرسال وفد؟

أبو الغيط: وارد جداً، ونحن نتابع التطورات في البلدين عن قرب.

أجرى الحوار: حازم أبو حامد
مناقشة