شاب طموح يبحث عن الراحة النفسية، يرفض العمل الحكومي، ويقرر جعل الفن وسيلة لتحقيق راحته، هكذا يرسم أدولف هتلر أحلامه في كتابه "كفاحي"، قبل أن يتخلى عن فكرة الراحة النفسية.
يصادف اليوم السبت 20 أبريل/ نيسان الذكرى الـ130 لميلاد هتلر، هتلر الذي لم يعش طويلا —56 عاما من ولادته في 20 أبريل 1889، وحتى وفاته عام 1945- لا يزال يخيم على حياتنا شبحا ورمزا عالميا للشر.
ابن الرجل المتسلط
ولد أدولف هتلر في 20 أبريل/نيسان، في مدينة براوناو آم إن النمساوية، الصغيرة، الواقعة في إقليم النمسا العليا على الحدود النمساوية الألمانية.
كان والده ألويس يعمل موظفا في الجمارك، بينما كانت والدته كلارا تنتمي إلى عائلة ريفية فقيرة.
يقول عن قريته: "في هذه المدينة الصغيرة، المضيئة ببريق الشهادة في سبيل الوطن، والتي حكمتها النمسا وإن كان دم شعبها ألمانيا، عاش والدي في آواخر الثمانينيات من القرن الماضي: وبينما كان والدي موظفا حكوميا، رعت امي أفراد الأسرة. ولم بيق حاليا في ذاكرتي سوى القليل عن هذا المكان لاننا سرعان ما رحلنا منه لبلدة باسو في ألمانيا.
عاشت عائلة هتلر حياة مريحة من الناحية المالية، لكن ألويس كان شخصية متسلطة، وكثيرا ما وجد أدولف الصغير نفسه على الجانب الخطأ من رغبات والده سريع الغضب.
هتلر كان طفلا متفوقا ذا شعبية في المدرسة الابتدائية، ثم تراجع مستواه الدراسي في المدرسة الثانوية لأسباب نفسية
فشل في الرسم..
كان هتلر يحلم أن يكون فنانا، لكن والده رفض هذه الفكرة قائلا: "رسام! فقط بعد موتي". حاول هتلر تحقيق حلمه بعد وفاة والده في عام 1903.
تقدم بطلب للالتحاق بأكاديمية فيينا للفنون الجميلة، لكنه رُفض سريعا، في أكتوبر/ تشرين الأول 1907. وبعد ذلك بفترة قصيرة، توفّيت والدة هتلر، التي كان يحبها كثير، لينتقل إلى فيينا حيث عاش حياة بوهيمية غير مستقرة بالنوم في بيوت إيواء المشردين ورسم البطاقات البريدية.
بدأ في فيينا تطوير العديد من وجهات النظر، التي شكّلت في وقت لاحق ايديولوجيته ورغبته في توحيد ألمانيا والنمسا.
أشار هتلر لاحقا أن هذه السنوات كانت منشأ اعتقاده بمعاداة السامية، غير أنه هنالك خلاف حول هذه النقطة.
في عام 1913 انتقل هتلر إلى ميونيخ بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى وتقدم للخدمة في الجيش الألماني وتم قبوله عام 1914، رغم أنه كان لا يزال مواطنا نمساويا.
وبدأ هتلر في 1914 رحلته إلى السلطة، حتى شغل منصب مستشار الدولة لاحقا.
وهكذا أصبح رمزا عالميا للشر
على الرغم من عدم وجود أية وثيقة رسمية تربط اسمه بصورة مباشرة، يبقى هتلر الشخص الرئيسي المسؤول عن إصدار الأمر الرئيسي للبدء بعمليات الهولوكوست في نظر التاريخ.
الهولوكوست هو لفظ أطلق في وصف عمليات الإبادة الجماعية لليهود على يد السلطة الألمانية النازية بقيادة أدولف هتلر إبان الحرب العالمية الثانية، وصفها النازيون بـ "الحل النهائي للمسألة اليهودية".
أعداد ضحايا الإبادة النازية تقدر بنحو 5 إلى 6 ملايين وفقا لأقصى التقديرات، ليسوا جميعهم من اليهود بل شملوا قوميات أخرى كالغجر والسلافيون "قومية روسية الأصل تسكن منطقة البلقان" والبولنديون والأفارقة وجماعة شهود يهوه "إحدى طوائف المسيحية". وبلغ عدد ضحايا الحرب العالمية الثانية أكثر من 45 مليون شخص.
في نهاية القرن التاسع عشر، بدأ النازيون في النظر لأنفسهم على أنهم أعلى بني البشر، وبعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، بلغت معاداة السامية أقصاها.
وإثر الارتفاع المتصاعد للحزب النازي، عين هتلر مستشارا لألمانيا في يناير/ كانون الأول 1933، وبدأ في وضع أسس الدولة النازية على ضوء مبادئه العنصرية والاستبدادية.
هتلر الذي قال في كتابه "كفاحي" بوجود مؤامرة يهودية للسيطرة على العالم، نتج عنها تحالف القوى الرأسمالية اليهودية مع القوى الاشتراكية البلشفية، لم يتوانى في القضاء عليهم، هم وكل من حالفهم.
بدأت السلطات الألمانية القضاء على اليهود العاملين في الوكالات الحكومية ومرافق الدولة من خلال قانون الخدمة المدنية، وتم مقاطعة المحلات اليهودية، وتم إصدار أكثر من 2000 قانون ومرسوم ضدهم.
سُجن عشرات الآلاف من اليهود في معسكرات الاعتقال، والتي وصفت بمعسكرات الموت، وفُرضت عليهم الغرامات، وصودرت أموالهم وممتلكاتهم وتم تدمير أغلبها.
حُوصر اليهود في أماكن خاصة بهم من قبل الألمان، ووقعوا تحت عمليات أعمال السخرة والتجويع وعمليات الإعدام العشوائي أحيانا، وتم إخلاء مناطق كاملة من اليهود ورفعت شعارات "خالي من اليهود".
وفي عام 1941 قُتلت أعداد كبيرة من اليهود، وبدأت عمليات إعدام جماعية في معسكرات الإبادة في بولندا التي كان فيها 6 معسكرات إبادة أو موت، فبعد الوصول للمعسكر لم يكن يتوقع أن يعيش المعتقل فيه لمدة أكثر من 24 ساعة.
وصلت عمليات الإبادة الجماعية إلى إبادة المعوقين والمشوهين الذين قرروا إبادتهم بالحقن والتجويع إلى جانب إطلاق النار الجماعي، حتى وصل الأمر إلى غرف الغاز والقتل من خلال غاز أول أكسيد الكربون.