الخرطوم — سبوتنيك. ويطالب المعتصمون بتحقق آخر مطالبهم، المتمثلة في تشكيل حكومة انتقالية (مدنية)، تدير شؤون البلاد، حتى قيام انتخابات حرة نزيهة.
وأجرت وكالة "سبوتنيك"، جولة ميدانية من داخل ساحة الاعتصام القريب من مباني القيادة العامة للجيش، لمعرفة كيف ينظم عشرات الآلاف من المعتصمين أوضاعهم المعيشية داخل ساحة الاعتصام.
وفي هذا السياق، أفاد محمد حمد الفكي، إخصائي التمريض والمشرف على المشفى الميداني بساحة الاعتصام، لوكالة "سبوتنيك"، أن" فكرة إنشاء المشفى جاءت مبادرة من اللجنة الطبية، بتجمع المهنيين، بضرورة عمل مخيم يضم عيادات بها أطباء ومعمل وصيدلية وفريق من المساعدين الأطباء والتمريض والمسعفين المتطوعين، ويقدم هذا المشفى كافة الخدمات الطبية للمعتصمين عبر الإسعافات أولية ومعالجة ذوي الأمراض المزمنة الذين يحتاجون إلى رعاية متواصلة في الساحة، كما هناك سيارات إسعاف مرابطة في الساحة تنقل الحالات الحرجة لعدة مستشفيات متعاونة مع تجمع المهنيين".
وأوضح الفكي "هناك العديد من شكال الدعم اللوجستي والمادي تأتي يوميا المشفى من مؤسسات وأفراد خيرين، كما يوجد جهات ملتزمة يوميا لتوفير الطعام والشراب لطاقم المستشفى ورواده من المعتصمين".
وأضاف الفكي "بوجود العديد من الأطباء الاختصاصيين المتطوعين يزورون المستشفى لمعاينة الحالات وأحيانا نقوم بتحويل الحالات إلى عياداتهم الخاصة إذا تطلب الأمر"، كاشفا، أن" متوسط الحالات التي ترد إلى المستشفى الميداني يوميا بين 200 — 300 حالة"، كما لفت إلى "عدم وجود إحصائية دقيقة للتكلفة المالية بسبب أن العمل تطوعي وأن الإمدادات تأتي بصورة يوميا من عدة جهات، يصعب حصرها وحساب تكلفتها إلا أنه أكد أن هذه الإمدادات تكفي حاجة المشفى الميداني بل تفيض".
ورصدت وكالة "سبوتنيك"، أيضا الدكتور مؤمن عوض الكريم، المسمى بـ(مكيف مان)، الذي يحمل خزان على ظهره ويرش الماء في الهواء لتلطيف الجو وتخفيف حدة الحرارة، الذي قال إنه "جاءت الفكرة منذ اليوم الأول للاعتصام حيث كانت ارتفاع في درجة الحرارة وازدحام المعتصمين، وهذا قد يؤدي إلى مشاكل صحية خاصة ضربات الشمس".
وأشار أنه "قام بإحضار هذه الطلمبة وبدأ في عمله وأرسل مناشدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمساعدة في توفير هذه الأجهزة"، مؤكدا "وجد استجابة سريعة من حيث المعدات والمتطوعين حتى بلغ عددها 35 جاهزا للعمل في ساحة الاعتصام لتبريد الجو واصطلح على تسمية من يقوم بهذه العملية في ساحة الاعتصام بـ"مكيف مان".
وأشار عوض الكريم إلى أن "هذه الفكرة علاوة على تلطيف الأجواء، فإنها وفرت مياه الشرب التي كان يهدرها الناس في التبريد".
وبذات ساحة الاعتصام، التقى مراسل "سبوتنيك "، بإحدى أعضاء لجنة النظافة، ريان الحاج، وهي كانت منهمكة في كنس الشارع مع رفيقاتها فسألناها عن سير أعمال النظافة في الساحة، فأجابت أن" هناك لجنة مسؤولة عن هذا الأمر من الجنسين، وأعضاء اللجنة ينسقون فيما بينهم للقيام بأعمال النظافة في ساحة الاعتصام ويوزعون الأفراد على كافة المناطق حيث لكل شخص منطقة معينة عليه نظافتها يوميا".
وتضيف "أعمال النظافة عادة تكون على فترتين صباحا وعصرا، وتجمع القمامة في أكياس مخصصة وأماكن معينة ثم يأتي الشباب ويحملونها إلى العربات التي تقوم بدورها بنقلها إلى المكبات".
وأشارت أن "اللجان المشرفة على ساحة الاعتصام تقوم بتوفير المعينات اللازمة من مكانس وأكياس وقفازات وكمامات موجودة بالمخزن، علاوة على قيامهم بأعمال النظافة فإنهم يقومون بتوعية الجماهير بأهمية الحفاظ على نظافة ساحة الاعتصام ووضع القمامة في الأماكن المخصصة لها، وقد وجدوا تجاوبا كبيرا ووعيا من المعتصمين".
وفي المنوال ذاته، تحدث، عضو بالجنة التموين، عمران الطيب، أنه "ليس لديهم مشاكل في الأكل والشرب وذلك لأن هناك متطوعون يقومون يوميا بإحضار الطعام والشراب إلى الساحة، ومهمة اللجنة الإشراف على توزيعه على أعضاء اللجان والذين بدورهم يوزعونه على المناطق، بجانب أن هناك مواطنين يأتون بالطعام ويوزعونه بأنفسهم على المعتصمين، إضافة إلى مسايد الطرق الصوفية وبالتالي ليس هناك مشكلة في هذا الجانب".
وعلق الطيب "هذا الأمر أفسد سوق إخوتنا باعة الطعام المتجولين والذين اعتدنا أن نراهم في مثل هذه التجمعات".
ويقول العضو في لجنة التأمين، بميدان الاعتصام، طارق الوسيلة، إن "كثرة الحشود بساحة الاعتصام حتمت علينا إنشاء لجنة أمنية مهمتها حفظ الأمن والنظام بالساحة، لا سيما بعد اكتشافنا لعناصر موالية للنظام المخلوع كانت تسعى لأعمال تخريبية بغرض فض الاعتصام وتشويه صورته، فكونت اللجنة من المتطوعين وقسمت عملها على ورديات ووضعت حواجز تأمينية في كافة مداخل الساحة فاقت الـ200 نقطة".
وشرح الوسيلة أن "طريقة عمل لجنة التأمين في أنها تفتش كل الداخلين إلى ساحة الاعتصام عبر مدخلين في كل نقطة واحد مخصص للرجال والآخر للنساء حيث نحرص على مصادرة أي نوع من الأسلحة خاصة البيضاء والتي يكثر حملها عند السودانيين كتقليد اجتماعي إضافة للمواد المشتعلة وأي شيء آخر نرى أنه مهدد أمني".
وأضاف الوسيلة، أنهم "يقومون بجولات في الساحة للمراقبة وضبط المشتبه بهم والقبض على المتسللين والمخلين بالنظام وتسليمهم لقوات الجيش، ويستخدمون أيضا أجهزة الكشف الحديثة في التفتيش والتي تسهل عليهم كشف الأسلحة والمعادن والمواد الخطرة على السلامة العامة".
وتابع أنهم "مربوطون مع بعضهم في كافة النقاط الأمنية بأجهزة لاسلكية لتسهيل التواصل والتنسيق، ولفت الوسيلة إلى أنه رغم كل هذه الحشود إلا أن عملهم يسير بسلاسة نسبة للوعي الشديد لأعضاء اللجنة الأمنية وتفهم الجماهير لهذه الإجراءات كما أنهم يديرون العمل بطريقة جميلة عبر الأغاني والهتافات والابتسامة التي يستقبلون بها الجماهير الداخلة إلى ساحة الاعتصام مما يجعل عملية التفتيش مقبولة من الجميع".