وتتصاعد حدة التلاسن بين المسؤوليين الأمريكيين والإيرانيين في الأيام الأخيرة، فيما تحذر تقارير إعلامية أمريكية الرئيس دونالد ترامب من ضرورة الابتعاد عن نصائح مستشاره للأمن القومي جون بولتون، والذي تتهمه بتأجيج الأزمة والدفع نحو حرب شاملة.
ويعرف بولتون بعدائه الشديد لإيران، حيث طالب في آذار / مارس 2015 إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بقصف إيران بدلًا من التفاوض معها حول الملف النووي.
وقبل عامين وخلال مشاركته في مؤتمر للمعارضة الإيرانية عُقد في العاصمة الفرنسية باريس، عبّر بولتون عن ضرورة تغيير النظام في طهران، وقال: "إن السياسة العلنية للولايات المتحدة يجب أن تكون الإطاحة بنظام الملالي في طهران، لأن سلوك هذا النظام وأهدافه لن تتغير، وبالتالي فالحل الوحيد هو تغيير النظام نفسه".
خطة بولتون
محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب) قال: "تخفيض إيران لالتزاماتها إزاء الاتفاق النووي، يأتي في إطار التصعيد مع واشنطن، والضغط على الجانب الأوروبي للوفاء بالتزاماته المالية ضمن الآلية المالية المتفق عليها سابقًا".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك":
"أوروبا كانت قد استحدثت آلية مالية للتعامل التجاري مع إيران لكن لم تف بها، فأرسلت بعض المواد الغذائية والأدوية وأمور تتعلق بالجانب الإنساني فقط، مقابل النفط، إلا أن إيران تريد أن تصدر النفط بالمعدل الطبيعي البالع 1.5".
وأكد: "التحرك الإيراني كان متوقعا في ظل الضغوط الأمريكية، وعدم وفاء أوروبا بالتزاماتها المالية".
وتوقع الخبير في الشأن الإيراني، أن تخفض إيران جزءًا جديدًا من التزاماتها بحلول الثامن من تموز/ يوليو المقبل، وهو الموعد الذي حددته طهران للبدء في العمل بمفاعل آراك، أو في إنتاج المال الثقيل بكميات أكبر، وزيادة نسب التخصيب من 3.67%، إلى ما قد يصل إلى 20%، ثم ينطلق إلى ما بعد ذلك، حتى تتمكن من امتلاك السلاح النووي.
وأشار أبو النور إلى أن "إيران تسير بالحرف الواحد على الخطة التي رسمها جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، والتي تقضي باستنزاف إيران إلى أقصى درجة، حتى تقوم بأحد الخيارين، إما إغلاق مضيف هرمز وإعاقة الملاحة، أو الخروج من الاتفاق النووي ولو جزئيًا".
ومضى رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية قائلًا:
"كتب جون بولتون ورقة سياسية ونشرها في مجلة "ناشونال ريفيو" في 28 أغسطس/ آب 2017، وحملت عنوان: كيف تخرج من الاتفاق النووي، وكان مفاد هذه الورقة هو دفع إيران خارج الاتفاق النووي بموجب العقوبات وبموجب الحرب ما قبل الحرب".
وبشأن الخيار العسكري، استبعد الخبير السياسي الأمر، مؤكدًا أنه "مطروح على الطاولة، لكنه ليس الخيار الأول، بل يأتي في مراحل متأخرة بالنسبة لأمريكا وإيران على حد سواء".
وأنهى حديثه قائلًا: "هناك أطراف دولية تقوم بدور الوساطة، وهي قطر والصين واليابان، ويتواجد جواد ظريف حاليا في اليابان للتحدث عن أدوار وساطة للتهدئة".
وقف بعض الالتزامات
وأعلن مسؤول كبير في منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أمس الأربعاء، عن بدء إيران تنفیذ إجراءات وقف بعض التزاماتها في الاتفاق النووي، الذي أبرمته مع القوى العالمية في 2015.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إيسنا"، عن المسؤول في المنظمة الذي لم تكشف هويته قوله: "بدأت إيران تنفيذ إجراءات وقف بعض التزاماتها في الاتفاق النووي، بناءً على أمر المجلس الأعلى للأمن القومي".
ووفقًا للمسؤول الإيراني، فقد تم تعليق خطط الامتثال لسقف إنتاج اليورانيوم المخصب، بالإضافة إلى إنتاج الماء الثقيل في محطة آراك النووية، والذي تم التأكيد عليه خلال فترة الستين يومًا كخطوة أولى، ومسعى جاد".
وقال المسؤول: "إنه خلال الأيام المقبلة، سوف يتم اتخاذ خطوات مهمة لتوعية الرأي العام حول الإجراءات الإيرانية، ومن المقرر أن نقوم بوضع خطط لزيارة ممثلي وسائل الإعلام للمنشآت النشطة في نطنز بمحافظة أصفهان ومحطة مدينة أراك، وسيتم الإعلان عنها قريبًا".
ومنحت إيران، الأربعاء الماضي، الأطراف الخمسة المتبقية في الاتفاق النووي مهلة مدتها 60 يومًا للامتثال لالتزاماتها، خاصة تلك المتعلقة بالمصالح الاقتصادية لإيران في قطاعي البنوك والطاقة قبل أن تبدأ البلاد في تقليص أجزاء من التزاماتها الخاصة في الاتفاق.
واعتبر الرئيس حسن روحاني في كلمة له الأسبوع الماضي، أن انهيار الاتفاق النووي أمر خطير على ايران والعالم، مبينًا أن "إيران تمهل الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي مهلة ستين يومًا لتنفيذ تعهداتها وإلا ستضطر إيران لاتخاذ خطوات أخرى".
تحذيرات أوروبية
وقال التكتل والوزراء في البيان: "عازمون على مواصلة الجهود من أجل استمرار التجارة المشروعة مع إيران"، وأضافوا أن هذا يشمل تفعيل الآلية الخاصة بالتبادل التجاري مع إيران.
وردًا على ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على "تويتر" إن على الدول الأوروبية الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي مع بلاده وتطبيع العلاقات الاقتصادية رغم العقوبات الأمريكية "بدلًا من مطالبة إيران بالالتزام من جانب واحد باتفاق متعدد الأطراف".
ويُلزم الاتفاق الذي أبرم العام 2015 إيران بتحجيم برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الدولية. ووقعت إيران على الاتفاق مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين.
وانسحبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق قبل عام، وفرضت عقوبات على إيران وعززتها هذا الشهر بعد أن أمرت كل الدول بوقف مشترياتها من النفط الإيراني وإلا فرضت عليها عقوبات.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الخميس، إلى توسيع نطاق الاتفاق النووي ليشمل قضايا أخرى تهم الغرب، مثل سياسات إيران الإقليمية وبرنامجها الصاروخي، بدلًا من الانسحاب منه.
وقال ماكرون: "الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 خطأ لأنه يفسد ما حققناه بالفعل. ولهذا السبب فإن فرنسا باقية في الاتفاق وستبقى جزءًا منه وآمل بشدة أن تبقى إيران".
وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن الاتحاد الأوروبي يريد تفادي التصعيد في الخلاف، مضيفة أن على إيران الاعتراف بأنه من مصلحتها الشخصية البقاء ملتزمة بالاتفاق.