فض اعتصام السودان أصاب أكبر مستشفى خاص في العاصمة بالصدمة

بعد أن بدأ ضحايا فض اعتصام المحتجين في التدفق على أحد مستشفيات العاصمة السودانية الخرطوم، توسل كثيرون من المرضى السابقين لمغادرة المستشفى بعدما تملكهم الخوف مما أربك الأطباء.
Sputnik

وبحسب رويترز، قال نائب مدير المستشفى الدكتور محمد عبد الرحمن، إن بعض رجال الميليشيات الذين داهموا الاعتصام المؤيد للديمقراطية حاصروا مستشفى رويال كير في الخرطوم لملاحقة المحتجين الذين لجأوا إلى المبنى.

الأمم المتحدة تطالب بسرعة التحقيق في الانتهاكات المزعومة في السودان

وأضاف لرويترز، "كان الناس يبكون ويصرخون… كانوا يتوسلون للمغادرة… بينما كنا نحاول التعامل مع مئات يصلون في حالة خطيرة".

وتقول المعارضة إن 113 شخصا قتلوا خلال اجتياح مخيم الاعتصام يوم الاثنين وفي حملة أوسع أعقبت ذلك. وتقول الحكومة إن عدد القتلى 61 بينهم ثلاثة من قوات الأمن.

وبدد سفك الدماء الأمل في أن يسلم الحكام العسكريون الجدد في السودان، الذين أطاحوا بالزعيم المخضرم عمر حسن البشير في 11 أبريل / نيسان، السلطة بسرعة إلى المدنيين.

وبعد اندلاع أعمال العنف، سرعان ما أعلن المستشفى الذي يضم 100 سرير العمل بكامل طاقته، لكن لم تكن هناك خيارات متاحة أمام الأطباء.

كان هناك 300 شخص، إما أصيبوا بطلقات رصاص أو تعرضوا للضرب بالهراوات أو بعصي خشبية طويلة، في حاجة ماسة للعلاج. كان المستشفى غير قادر على التعامل مع هذا الوضع الصعب.

عمل الأطباء المنهكون وأطقم العمل الأخرى على مدار الساعة دون أي فرصة لالتقاط الأنفاس، لأن زملاءهم لا يستطيعون الوصول إلى أكبر مستشفى خاص في السودان.

لا يوجد في المستشفى سوى 20 طبيبا. وفضلا عن مهمتهم الأساسية المتمثلة في علاج المرضى، تولوا مهام التمريض والمهام الإدارية حتى أنهم قاموا بتنظيف الأرضيات نظرا لعدم وجود أي شخص آخر للقيام بهذه المهمة.

وقال رماح رحمة وهو مسؤول إداري كبير في المستشفى، "شعرت بالضيق الشديد لوجودي في المنزل لكن لم يكن بوسعي القيام بأي شيء… إما الطرق مغلقة أو اُضطر للعودة إلى المنزل بسبب إطلاق النار".

وتوفي ستة أشخاص متأثرين بجراحهم جراء طلقات الرصاص، ولفظ اثنان منهم أنفاسهما الأخيرة قبل الوصول إلى المستشفى. لكن غالبية الأشخاص يعانون من كسور العظام وإصابات الجلد بالسياط التي تترك ندبات طويلة على ظهورهم.

تصريحات جديدة من السعودية بشأن فض الاعتصام في السودان

وقال عبد الرحمن، "تم ضربهم بالهراوات في الغالب على أعلى الذراعين والكتفين وأسفل الساقين لا سيما عند الكاحل".

وأضاف أن مستويات التوتر وصلت إلى ذروتها بعد وصول قوات الدعم السريع بالمئات في شاحنات صغيرة وشكلت طوقا حول المستشفى للبحث عن المحتجين. وقوات الدعم السريع متهمة بارتكاب إبادة جماعية في الحرب على المتمردين في دارفور.

ونفت حكومة المجلس العسكري ارتكاب إبادة جماعية.

ولم يتسن الاتصال بقوات الدعم السريع للتعليق.

وقال المجلس العسكري الانتقالي، إن القوات لديها سجل قوي في مكافحة الإرهاب وإن هناك حملة ملفقة على وسائل التواصل الاجتماعي تهدف إلى تشويه صورتها.

* عظام مهشمة

واليوم الجمعة، لم تكن هناك قوات تابعة لقوات الدعم السريع في محيط المستشفى. كان البعض في حالة استرخاء يحتسي الشاي على جوانب الطرق خارج وزارة الدفاع حيث كان مئات آلاف المحتجين يحتشدون للمطالبة بالديمقراطية.

وكان قلة منهم، ممن كانوا يوما يلوحون بقبضات أيديهم في الهواء مطالبين بتغيير جذري، يجمعون القمامة من موقع مخيم الاحتجاج السابق، حيث تجمع الناس من جميع مناحي الحياة من النساء والمراهقين والأطباء والمحاسبين والبائعين.

واليوم الجمعة، لم تكن هناك أي حركة تذكر في المستشفى. وقفت بعض الممرضات بهدوء في مواقعهن. وكانت غرفة الطوارئ فارغة. وكانت المختبرات خالية.

وفي ذروة الأزمة، عندما كان المرضى في حاجة ماسة إلى الدواء والإمدادات الأخرى، كانت سيارة الإسعاف الوحيدة المستخدمة في المستشفى هي السيارة الوحيدة المتاحة، لأن الأطباء يخشون من استهداف السيارات الأخرى.

شبكة أمريكية: بريطانيا تستدعي سفير السودان لديها

وقال عبد الرحمن "لم أمر قط بتجربة مماثلة. اعتدت على العمل في مستشفى الجيش. كان الأمر بسيطا".

وتابع قائلا "تعالج جنديا ويقول لك إنه سيذهب إلى المنزل. هنا يريد كل مريض أن يروي لك حكايته لكن عليك الانتقال لمريض آخر بجانبك".

وفي أحد أجنحة المستشفى، استلقى الضحايا على الأسرة بينما تم تثبيت دعامات معدنية في سيقانهم وأذرعهم بعد أن هشمها الرصاص.

قضى البعض أوقاتهم في منطقة الاعتصام وهم يستمعون إلى قادة المعارضة يتحدثون أو يطالعون صور ضباط الجيش الذين أُعدموا بناء على أوامر من البشير. كانت تحدوهم آمال كبرى في مستقبل أكثر إشراقا، حتى بدأ إطلاق النار يوم الاثنين.

وقال مريض آخر يدعى محمد عبد الباقي، إنه غير مهتم بالسياسة ولم يشارك في الاعتصام. كان في السوق لشراء الملابس للاحتفال بعيد الفطر.

وأضاف التاجر البالغ من العمر 22 عاما، "ظهرت قوات الأمن وبدأت في إطلاق النار". وقال إنه يتطلع للانتقال للعيش في السعودية من أجل حياة أفضل وإن قراره لا علاقة له بالسياسة.

ولا يزال بعض السودانيين يتطلعون إلى مستقبل أفضل للسودان، رغم الثمن الباهظ الذي يدفعونه من أجل المطالبة بحكم مدني.

وفي نهاية جناح المستشفى، قال طالب جامعي إنه كان يأمل في أن تقف قوات الأمن إلى جانب الشعب السوداني. وبذل جهدا مضنيا كي يلوح بعلامة النصر بينما تكاد يده تلمس دعامة معدنية مثبتة في ساقه.

مناقشة