لكن صعوبات جمة تقف أمام هذه الأهداف من خلال عراقيل مباشرة وغير مباشرة تمارس في مختلف القطاعات الاقتصادية والسياسية والعسكرية لإبعاد لبنان عن روسيا بشتى الوسائل المتاحة، حيث تتمتع الولايات المتحدة بعلاقات تاريخية مع شخصيات لبنانية نافذة تستطيع متى أرادت أن تعرقل كل شيء من أجل الولايات المتحدة ونفوذها في المنطقة.
استطاعت روسيا خلال السنوات العشر الأخيرة استعادة دورها في منطقة الشرق الأوسط عبر النافذة السورية المجاورة للبنان، وهذا ما أزعج الأمريكيين وجعل دورهم ينحسر وباتت أدوات الضغط تتقلص وتضعف بالرغم من حضورها القوي في المنطقة.
لبنان يتغيب عن معرض "أرميا 2019" الروسي
كان من المفترض أن يكون للبنان حضور رسمي كبير خلال منتدى "أرميا 2019"، لكن شيئا ما حصل أبقى وزير الدفاع اللبناني الياس بوصعب ووفده المرافق في بيروت. ليست المرة الأولى التي يتخلف فيها لبنان عن واجباته لكن الأمر أصبح يتكرر باستمرار وكأنها عملية مخطط لها لتعكير صفو كل النجاحات الأخيرة التي توصلت إليها الرئاسة اللبنانية مع القيادة الروسية.
يماطل لبنان في توقيع اتفاقية التعاون العسكري مع روسيا، فمنذ أيلول 2017 يراوغ رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، بالأمر بالرغم من تصريحاته وحججه المختلفة للمماطلة وعدم تنفيذ الأمر.
وأشارت مصادر لبنانية أن الغياب اللبناني بشخص وزير الدفاع الياس بوصعب جاء مرغما بسبب عدم إعطاء الحريري تفويضا حكوميا رسميا للوزير لتوقيع المعاهدة مع روسيا بداعي سفر رئيس الحكومة اللبنانية إلى الخارج وبالتالي قاطع وزير الدفاع اللبناني الحدث لعدم الوقوع في الاحراج بعد الوعود التي أطلقها بالإضافة أنه من المحسوبين على رئيس الجمهورية ميشال عون.
لا شك أن السلوك السياسي لرئيس الحكومة اللبنانية جاء للعرقلة مرة أخرى، بحيث اعتبرت المصادر أن تغيب الحريري جاء في الوقت المناسب للتهرب من المسؤولية الواقعة عليه في التوقيع وبالتالي محاولة لوضع رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ووزير الدفاع في وضع محرج أمام روسيا.
كما كشف موقع لبناني عن حادثة أزعجت روسيا وكان مصدرها مستشار الرئيس سعد الحريري للشؤون الروسية، جورج شعبان، الذي بحسب الموقع تخطى الحكومة اللبنانية من خلال إبلاغ نائب وزير الدفاع الروسي ان معاهدة التعاون العسكري لن توقع قبل إقرار الموازنة، ما استدعى ردا من وزارة الدفاع الروسية التي اعتبرت أن الجهة المخولة بالتحدث بهذا الموضوع هي وزارة الدفاع اللبنانيّة حصرا.
هذه التفاصيل هي أكبر برهان أن الحاصل اليوم هو متعمد بفضل السياسات المعتمدة من فريق سياسي يحاول قدر الإمكان تقديم خدمة لحليفه الأمريكي على حساب بلاده وجيشه وأمنه، وذلك من خلال تجاهل السلاح النوعي للجيش اللبناني بدل الحصول على مدرعات لنقل الجنود وطوافات قديمة مضى عليها الزمن قادرة فقط على إطفاء الحرائق.
لبنان…. أرض أمريكية خصبة
تاريخيا اعتبر لبنان دولة تقع تحت التأثير السياسي الأمريكي وكان ذلك يتجسد من خلال الاستراتيجيات الأمريكية المتعلقة بالسياسة الخارجية في العقود الماضية، بالإضافة إلى طبيعة النظام اللبناني المدعوم غربيا والذي حارب المحور الإشتراكي والشيوعي في تلك الفترات.
كما يعد لبنان بلدا مهما للولايات المتحدة حيث تقوم واشنطن ببناء أكبر سفارة أمريكية لها في المنطقة على تلة عوكر اللبنانية، بالإضافة استخدامها المطارات اللبنانية لهبوط طائرات عسكرية مختلفة بالاتفاق مع الجانب اللبناني في إطار اتفاقات تعاون عسكري مشترك.
هذا عدا عن الأيديولوجية العسكرية اللبنانية التي تعتمد النظام الأمريكي ويقوم الضباط على اكتساب الخبرات العلمية والقتالية في المعاهد العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه)