ولم تستطع المعارضة التي نافست بــ 4 مرشحين مقابل مرشح واحد للنظام، حسم النتائج لصالحها، في حين نجح الغزواني في حصد نسبة أصوات مكنته بالفوز دون اللجوء إلى جولة جديدة.
وعقب إعلان النتائج، قال مرشحو المعارضة، بيرام ولد اعبيد، وسيدي محمد ولد بوبكر، ومحمد ولد مولود، وكان حامدينو، في مؤتمر صحفي بنواكشوط: "نرفض هذا النتائج التي لا تعكس تطلعات الشعب الموريتاني لإحداث التغيير".
وشهدت موريتانيا حالة من الاحتقان في الفترة الأخيرة على إثر تظاهرات خرجت في عدة مدن رافضة لنتائج الانتخابات، فيما قطعت السلطة خدمة الإنترنت على البلاد، واعتقلت عددًا من المتظاهرين، قبل أن تفرج عنهم وتعيد الخدمة مجددًا.
تحرك جماعي
شكل المرشحون الأربعة الخاسرون، في الانتخابات الرئاسية بموريتانيا، ببكر وبيرام ومولود وحاميدو بابا، لجنة من ممثلي لجان العمليات الانتخابية في حملاتهم، مكلفة بدراسة الخروقات المسجلة، وتصنيفها إلى شق يوجه للرأي العام الوطني.
وتدرس المعارضة مدى إمكانية اللجوء إلى القضاء الدولي للطعن في نتائج الانتخابات.
وكان مرشحو المعارضة الأربعة قد أكدوا، في بيان مشترك، "رفضهم للنتائج التي أعلنت عنها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات"، كما وصفوا قرار المجلس الدستوري الخاص باعتماد إعلان النتائج بأنه "مخيب للآمال".
من جانبه قال السالك ولد سيدي محمود، الناطق باسم حزب تواصل الموريتاني، إن "قوى المعارضة رافضة لنتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وغير معترفة بمخرجاتها".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "المعارضة تلتزم بالسلمية، واحترام القانون، ولا تريد أن تخضع لاستفزازات النظام، الذي يحاول جرها إلى أعمال غير محسوبة".
وبشأن التحركات المقبلة لقوى المعارضة، أكد السالك، أن "كل الخيارات متاحة ويتم تبحثها، ونسعى إلى كل ما من شأنه رفض النتائج، سواء بالقضاء المحلي، أو القضاء الدولي، أو بالتوعية الشعبية".
وأشار إلى أن "التحركات تسير في إطار قانوني، مبتعدة عن كل العراقيل والانزلاقات التي يضعها النظام لتصوير الأمر على أنه صراع عرقي، أو من أجل أجندة أمنية خاصة".
وعن التظاهرات الأخيرة في بعض المناطق، قال: "الشارع الموريتاني مستاء ورافض للنتيجة، لكنه يعرف خبر العسكر، وأساليبهم الأمنية، ويرفض الانجرار إليها".
وبسؤاله عن الإجراءات التي اتخذتها السلطة مؤخرًا تجاه ما يحدث، أجاب: "هناك الكثير من سجناء الرأي، ومعتقلين سياسيين، العاصمة تحولت إلى ثكنة عسكرية، والرئاسة محاطة بمدافع ثقيلة وأخرى مضادة للطائرات".
ومضى قائلًا: "في بعض الشوارع يصعب التحرك هناك، الوضعية استثنائية وغير طبيعية".
من جانبه قال محمد ولد مولود، رئيس حزب اتحاد قوى التقدم، ومرشح قوى المعارضة لانتخابات الرئاسة الموريتانية، إن "المعارضة أعلنت بعد قرار اللجنة الانتخابية فوز الغزواني رفضها للنتائج".
وأضاف في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، أن "قوى المعارضة تدرس مدى جدوى تقديم طعون في ظل الإطار العام غير البناء وفي ظل لجنة انتخابات غير مستقلة، ودولة بدون مؤسسات لها درجة من المصداقية".
وتابع: "هناك صعوبة بالغة في توقع أي نتيجة من هذه الطعون، لكن سندرس القصية، وسنعلن ما الذي يمكنه أن نفعله حيال ما حدث".
وبشأن النتائج، قال: "خسارة مرشحي المعارضة في الانتخابات الرئاسية أمام مرشح النظام كان متوقعًا في ظل الإجراءات التي تمت قبل وأثناء العملية الانتخابية، فالانتخابات كانت مهيئة من طرف واحد، وهو الخصم والحكم، رغم مطالبنا المتكررة قبل الاقتراع بضرورة تحييد اللجنة المشرفة على الانتخابات".
وأشار إلى أنه "تم رفض كل مطالب المعارضة التي سعت لضمان نزاهة العملية الانتخابية، وتم اختيار أعضاء اللجنة من الأحزاب المساندة فقط لمرشح النظام".
وأكد أن "العملية كانت معدة سلفًا لصالح الغزواني لحسم المعركة الانتخابية في شوطها الأول، على الرغم من توقع كل المراقبين والمطلعين على العملية الانتخابية أن تدخل الانتخابات إلى شوط ثاني".
ومضى قائلًا: "تجاوز الانتخابات في الشوط الأول كان مستبعدًا جدًا، لكن الرئيس عبدالعزيز منذ عام 2009 قام بتجهيز آلية ميكانيكة انتخابية لتمرير الانتخابات في يومها الأول، ومرر نفسه في انتخابات 2014 بهذه الطريقة".
وأنهى حديثه قائلًا: "ما حدث يعد تزويرًا محكمًا، تم تدبيره مسبقًا، فالعملية من الأساس فاسدة، ومن الطبيعي أن تكون النتائج أكثر فسادًا".
وأعلنت مصادر أمنية وقضائية، أنّ السلطات أطلقت سراح ناشطين من أنصار المعارضة اعتقلوا خلال احتجاجات أعقبت الانتخابات الرئاسية التي جرت في 22 حزيران/يونيو، وفاز بها مرشح الأغلبية الحاكمة محمد ولد الشيخ الغزواني، كما نقلت المواقع الإخبارية الموريتانية أن خدمة الإنترنت عادت بعد انقطاع منذ 23 يونيو.
ولم تعلن السلطات عدد الذين اعتقلتهم خلال الحوادث التي جرت عقب الانتخابات، والذين تؤكّد المعارضة أنّهم بالمئات، واكتفى وزير الداخلية أحمد ولد عبد الله بالإعلان عن توقيف حوالي مئة أجنبي، غالبيتهم من دول في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولا سيّما من السنغال ومالي.
وقال مصدر أمني لـ"فرانس برس": "تمّ إطلاق سراح العديد من النشطاء والقياديين في المعارضة الذين تم اعتقالهم خلال هذه الأحداث"، من دون تحديد عدد المفرج عنهم.
وأوضح المصدر أنّه في عداد المفرج عنهم ناشطين وقياديين في التحالف الذي أيّد ترشّح الصحفي بابا حميدو كان، الذي حلّ في المرتبة الثالثة في الجولة الأولى بحصوله على 8,7% من الأصوات، من دون مزيد من التفاصيل.
ونقلت مواقع إخبارية موريتانية أن خدمة الإنترنت عادت إلى البلاد، بعد انقطاع منذ 23 يونيو، عقب مظاهرات في مدينتي نواكشوط ونواذيبو، وأعمال نهب وعنف محدودة لم تسفر عن ضحايا.
وأتت هذه التطورات غداة تأكيد المجلس الدستوري فوز الغزواني رسميا بالانتخابات الرئاسية من الدورة الأولى بأغلبية 52% من الأصوات.
وأكد المجلس الدستوري الموريتاني، فوز محمد ولد الشيخ الغزواني في الاقتراع بحصوله على 483007 من الأصوات، بنسبة 52%، كما أكد المجلس حصول سيدي محمد ولد بوبكر، المدعوم من طرف الإسلاميين على 17.87%، وحصول بيرام الداه عبيد على نسبة 18.59%، ومحمد ولد مولود على نسبة 2.44%، ومحمد الأمين المرتجي الوافي على نسبة 0.40%، وكان حاميدو بابا قد حصل على نسبة 8.70% من الأصوات.
وينتظر أن يتسلم الرئيس الموريتاني المنتخب محمد ولد الغزواني منصب الرئاسة في الثاني أغسطس/آب المقبل، خلفًا للرئيس محمد ولد عبد العزيز، وذلك في أول تناوب للسلطة يحصل بين رئيسين منتخبين منذ استقلال البلاد عام 1960.
ومثّلت هذه الانتخابات أول انتقال ديمقراطي للسلطة منذ استقلال البلاد عن فرنسا في 1960.
واحتجّ مرشحو المعارضة الأربعة على النتائج المعلنة، معتبرين أنّه "من الضروري" تنظيم جولة ثانية في 6 تموز/يوليو، بين أحدهم ومرشح الأغلبية الحاكمة.